بينى وبينك

الانطباع الأول

زينب عفيفى
زينب عفيفى

الانطباع الأول هو اللحظة التى تقع عليها عينك لأول مرة، على شخص، أو صورة، أو مكان، أو كتاب، أو أشياء أخري، تلتقط الذاكرة فى تلك اللحظة صورة ثابتة فى الذهن لتبقى طويلا، وتظل على ثباتها مهما تغيرت الأحداث ومهما طرأت عليها تجديدات، يبقى الإحساس الأول بالصورة ثابتاً، وفى الحقيقة لا ثبات لشىء حتى الأحجار تتغير بعوامل التعرية والطبيعة المتقلبة.

 الانطباع الأول غالبا يكون مبالغا فيه بالسلب أو بالإيجاب، فقد تقابل أحدهم لأول مرة وهو يمر بحالة مزاجية سيئة مؤقتة، وكلامه وحركاته الجسمية لا يعوّل عليهما للخروج بانطباع دقيق عنه. وقد تقرأ عملاً أدبياً لكاتب وتأخذ صورة سلبية عن كتابته دون أن تنظر لأعمال أخرى له أكثر نضجا مع التجربة، فالتجارب العملية لها مفعول التغيير على البشر والأمكنة، كل شىء قابل للتغيير طالما يصنعه الإنسان بنفسه لنفسه، فالأحكام الأولى كطلقات الرصاص ليست صحيحة فى كل الأحوال.

نظرتنا لبعض الأشخاص تتغير عندما تتسنى لنا فرصة تكرار لقائهم أو معرفتهم بعمق. وأعتقد أننا نستطيع أن نركن إلى الشعور بالراحة من عدمه من الانطباع الأول. وقد يكون هذا هو سبب ادّعاء بعضهم «الوقوع فى الحب من النظرة الأولى». أو قد يحدث ارتباط لشخص بالصورة التى رسمها لمحبوبه فى خياله، وكثيرا ما تتضح الرؤية الصحيحة بالمعاشرة.

والأمثال الشعبية خير دليل، بالسؤال البسيط: هل تعرف فلان؟ يرد عليك الطرف الآخر يقول مؤكدا: نعم أعرفه! ثم يكرر السائل سؤاله: هل عاشرته؟ ويرد المتحمس: لا، فيقول السائل: إذا أنت لا تعرفه. وهذه الأمثال وغيرها هى ملخص للتجارب الحياتية، وعلينا أن نأخذ قراراتنا المصيرية بتكرار التجارب وهذا لا يعوق أحداً، بل يمنحه القوة، فلا توجد تجارب مشابهة ولو تكررت التجربة ذاتها تماما مثل لا أحد ينزل البحر مرتين بنفس الإحساس وإن كان الشخص واحدا، والبحر، واحدا!