خسائر بالمليارات .. ومازال الطامعين يحلمون بالأرباح

«أسيوط.. عين شمس.. والمقطم».. الداخلية تصطاد بائعي وهم البيتكوين

البيتكوين
البيتكوين

كتب: محمد طلعت

..مع انهيار سوق العملات الرقمية في العالم، وتدني  أسعارها لأقل مستوى لها في تاريخها مخلفة خسائر مليارية، إلا أن البعض مازال يتعامل في ذلك السوق غير المستقر مغامرا بما لديه من أموال، وهو الأمر الذي كشفته حملات وزارة الداخلية التي تمكنت من ضبط أكثر من عنصر يعمل في مجال "تعدين" تلك العملات غير الشرعية، فتحت الباب للحديث حول مصير ضحايا ذلك السوق وهل انتهى سوق العملات الرقمية ولن يقوم به قائمة هذا ما سنحاول الإجابة عليه في السطور التالية..

 

خلال العامين الماضيين كانت اسعار العملات الرقمية في ارتفاع جنوني وصل لدرجة أن عملة البتكوين وصلت لأكثر من ٦٠ ألف دولار ذلك الأمر دفع عدد كبير من الأفراد للدخول والمشاركة في ذلك السوق أملا في تحقيق أرباح طائلة لطالما سمع عنها من خلال وسائل الإعلام والتواصل المختلفة، ونتيجة لذلك ظهرت شركات وهمية كثيرة عملت في السر جذبت أموال الراغبين في دخول ذلك السوق خاصة أن العملات الرقمية غير معترف بها في اغلب دول العالم ويتم تجريم من يتعامل بها.

 

رغم كل ذلك كان هذا السوق الذي يزداد اتساعًا جرأ البعض للتعامل في تعدين تلك العملات رغم ما تحتاجه من طاقة ضخمة مستمرة، وذلك لأن الترويج لتلك العملات الافتراضية كان يأتي بأموال ضخمة خاصة أن أغلب شغل هؤلاء كان يقوم على الوساطة لبيع العملات بين الزبائن الموجودين بكثرة في شبكة الإنترنت.

 

جروبات خاصة

تحدثنا مع بعض الأشخاص الذين دخلوا لذلك المجال واستثمروا أموالهم في بداية انتشار العملات الرقمية فأكدوا؛ أن أغلب الشركات التي ذهبوا إليها كانت عبارة عن مكاتب فخمة في مناطق شرق القاهرة وبعض المكاتب كانت في شبرا لشحن رصيدهم من الدولارات الإلكترونية التي سنتحدث عنها وعن السوق السوداء التي أقامها هؤلاء لضرب الاقتصاد باستخدام تلك الوسائل غير القانونية.

 

رحلة هؤلاء الأشخاص للمضاربة في ذلك السوق بدأت باشتراكهم في جروبات خاصة داخل تطبيق التواصل الاجتماعي "تليجرام" يتم خلاله عرض المكاسب الضخمة التي تدرها المشاركة في ذلك السوق من خلالهم كل شهر، وبالطبع مع كل هذه المؤثرات والحلم بالثراء السريع وانبهارهم بما يستطيعون أن يحصلوا عليه إذا اشتركوا في ذلك الأمر دفعهم للمضاربة في ذلك السوق واستثمار أموالهم من خلال سماسرة متخصصين هم من يديرون تلك الجروبات التي قد يقول البعض؛ إنها معدة وأخبارها بطريقة معينة لكي تجذب اكبر عدد ممكن من الطامعين في الربح السريع، وعندما يقتنع ذلك الشخص بما يستطيع أن يحققه يبدأ التفاوض مع السماسرة في أحاديث خاصة تتم داخل التليجرام حيث يطلب السمسار الحصول على 40% من الربح بالإضافة إلى عمولة خاصة شهريا من العميل، لكن في النهاية يتراوح ما يحصل عليه السمسار ما بين 20 إلى 25% من الأرباح ويكون ذلك في اتفاق مكتوب بينهم وأقل مبلغ يوافق  السماسرة على استثماره هو 5000 دولار إلكتروني يتم شحنه في حساب من يستثمر به.

 

وأما بالنسبة للحصول على ذلك الدولار الإلكتروني وطرق شحنه بعيدًا عن الطرق الرسمية كان السمسار يقترح عليهم الذهاب لبعض الاشخاص الذين يتعاملون في ذلك الدولار الإلكتروني في بعض المناطق لكن أكثرهم موجودين في منطقة شبرا وهؤلاء يتعاملون في تلك الدولارات الإلكترونية غير الشرعية، ولأن الحصول على دولار إلكتروني هو مسألة صعبة جدا خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية فكان هؤلاء الأشخاص يستغلون من يأتي لهم، حيث يتم حساب الدولار الإلكتروني بأكبر من سعره في السوق الحقيقي ولكن الذين يطمحون في الربح السريع والدخول للسوق كانوا مجبرين على دفع الأموال التي تطلب منهم بسبب الوعود بالمكاسب الهائلة وعدم وجود بديل يحصلون من خلاله على الدولارات الإلكترونية!

 

وبالطبع في تلك الفترة كانت العملات تحقق ارباحًا لكنها رغم ذلك هى عبارة عن مضاربة قد تنجح في بعض الأحيان كما حدث للبعض الذين استطاعوا تحقيق أموال ضخمة من المضاربة في السوق عندما كانت العملات تحقق مكاسب أو قد تفشل ويخسر المضارب كل ما يمتلكه من أموال وهذا حدث للبعض لكن الأكيد هو أن الجميع خسر في الفترة الأخيرة مع انهيار العملة الافتراضية على مستوى العالم.

إقرأ أيضًا

محاكمة «مستريح البيتكوين» بتهمة الاستيلاء على 200 مليون جنيه.. بعد قليل

طرق التعدين

وهناك طرق كثيرة للمضاربة في ذلك السوق لكن أكثرها تحقيقًا للأموال هى التعدين وهى مسألة صعبة جدا لأنها تحتاج لطاقة ضخمة متوفرة 24 ساعة كل يوم وهذا أمر مجرم وفقً للقانون المصري لكن البعض كان يحاول أن يكون مزارعًا للتعدين في الأماكن الجديدة أو المحافظات البعيدة مثلما رأينا في عدد من القضايا التي تمكنت وزارة الداخلية من ضبطها خلال الفترة الماضية سواء في اسيوط أو المناطق العمرانية الجديدة في شرق القاهرة أو في المقطم قد يستغل البعض المناطق المزدحمة لكي يعمل بها مثلما تم ضبط أحد هؤلاء المعدنين في منطقة عين شمس خلال الأيام الماضية فهو استغل تلك المنطقة كثيفة السكان وبالتالي يتم استخدام طاقة كبيرة بها لكي يعمل على تعدين تلك العملات الافتراضية بعيدا عن أعين رحال الأمن لكنه كان واهمًا ليتم القبض عليه وبحوزته عدد من المحافظ الإلكترونية التي يستخدمها في عمليات التعدين غير القانونية بالإضافة لعدد من أجهزة الحاسب الآلي وبعض الأجهزة التي يستخدمها في تخليق العملات الافتراضية.

 

واستخدامه لتلك المنطقة المكتظة بالسكان له أساس كبير في التعدين حيث لن يستطيع أحد أن يلاحظ الارتفاع الكبير في مستوى الطاقة الكهربائية المستخدمة بسبب الضغط الكبير في تلك الأحياء على استخدام الطاقة وخاصة في الصيف الذي ترتفع فيه استهلاك الطاقة.

 

ورغم الملاحقات الأمنية لهؤلاء الذين يعملون بالمخالفة للقانون إلا أن البعض مازال يحاول أن يدخل لذلك السوق رغم الخسائر الضخمة التي حدثت في الفترة الماضية، وهؤلاء يتحدثون عن أن في وقت الازمات والصعوبات إذا قام الشخص بالشراء وانتظر لتحسن الأوضاع سيكسب في النهاية، ولهؤلاء يجب سؤالهم كيف تضمنون أن يصعد ذلك السوق مرة أخرى عالميًا، وهل أموالكم سهلة لتلك الدرجة للمجازفة بها في ظل انهيار كامل لذلك السوق الذي يقول عنه الخبراء أنه في فترة الموت الاكلينيكي مع انهيار اغلب عملياته وخسارة عملاته لـ 60 أو 70% من قيمته في ظل حالة الرعب الاقتصادي وأدى ذلك لعمليات بيع ضخمة من العملات الرقمية قضت على اغلب العملات.

 

سوق العملات الرقمية هو السوق الأكثر خطورة لأي شخص يتعامل معه حيث يسهل فيه عمليات النصب والاحتيال بصورة كبيرة كما شاهدنا عددًا كبيرًا من القضايا التي كشفت خلال الفترات الماضية ولها عشرات الضحايا في مصر وسبق أن تحدثنا عنها في أكثر من موضوع، وذلك الأمر ليس محليا فقط بل على نطاق عالمي يتم فيه النصب والاحتيال عن طريق العملات الرقمية واكبر دليل على ذلك ما فعلته؛ روجا اغناتوفا أو ملكة العملات الافتراضية كما تلقب والتي استطاعت الحصول على 4 مليارات دولار من أشخاص لاستثمار أموالهم في عملة افتراضية ثم اختفت بالاموال حتى أن السلطات الأمريكية وضعتها من أكثر الشخصيات المطلوب القبض عليها بسبب ضخامة ما حصلت عليه من أموال، ولهذا يجب أن ينتبه من يريد الدخول والمضاربة في ذلك السوق لأن النصب والاحتيال فيه أكبر بكثير من النجاح والحصول على أرباح.