قيم إسلامية l احترام الكبير

السنة النبوية
السنة النبوية

منى محمود 

تزخر السنة النبوية بمواقف وأقول تظهر تقديره صلى الله عليه وسلم وإجلاله للكبير فقد حث على توقير الكبيرِ وإكرامِه.. فَعَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبْطَأَ القَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا».

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوبْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا؛ فَليْسَ مِنَّا».

ومن حقوق الكبير فى الإسلام إحسانُ معاملته بحسن خطابه بطيبِ الكلام والتودد إليه؛ لأن إكرام الكبير وإحسان خطابه من إجلال لله -عز وجل-.. فَعَنْ أَبِى مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -أَيْ: تَبْجِيلِه وَتَعْظِيمِه- إِكْرَامَ ذِى الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ -أَيْ: تَعْظِيمُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِى الْإِسْلَام، بِتَوْقِيرِهِ فِى الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْوذَلِكَ- وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِى فِيهِ وَالْجَافِى عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِى السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».

ومن إجلال الكبيرِ: إحسانُ خطابه فنناديه بأحب اسم وألطف خطاب وأجمل عبارة وألين بيان، ومن حقوق الكبير فى الإسلام ايضا بَدْؤه بالسلام إذا لقيناه احترامًا وتقديرًا له، ولا ننتظر منه المبادرة.. فَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ»(رواه البخاري)، وزاد الترمذى وصححه الألباني: «وَالرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي».

وتقديمه فى الكلام المجالس، وتقديمه فى الطعام، والشراب والدخول والخروج؛ ففى صحيح البخارى عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ، إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِى دَمِهِ قَتِيلاً -أَيْ يَضْطَرِبُ فَيَتَمَرَّغُ فِى دَمِهِ- فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ -أخوالقتيل- وَمُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا..  والشاهد من هذا كيف أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلب من صغير السن السكوت مع أنه أخوالقتيل وله مقال، وقال: «كَبِّرْ، كَبِّرْ» قال العيني: أَي: «قدم الأسنَ يتَكَلَّم، وَهُوَ أَمر من التَّكْبِير كَرَّرَه للْمُبَالَغَة».أما فى نطاق الأسرة فيأتى احترام الكبيرفى الإسلام لينظم العلاقة بين الإخوة؛ فيجعل للأخ الأكبر أوالأخت الكبرى احترامًا ومنزلة وحقًّا كحق الوالد أوالوالدة أوقريبًا منه، ذلك أن الأخ الأكبر له دور فى رعاية إخوته الصغار؛ سواء فى حياة والده أوبعد مماته، وحتى تنتظم الحياة بلا صراع ولا مشكلات،