أزمة سياسية تضع إيطاليا على أبواب الانتخابات المبكرة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بات الشعب الإيطالي يترقب بشده  سعي الحكومة الإيطالية للتصدي للتضخم المتسارع وإجراء إصلاحات يطلبها الاتحاد الأوروبي مقابل الحصول على تمويل لمرحلة ما بعد جائحة كورونا وأزمة الغذاء العالمية وتوفير الوقود بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ..وتشهد الساحة الايطالية أزمات وصراعات واستقالات ورفض وتزيد من حدة التوتر والقلق الذي يصيب الشعب الايطالي خوفا من تفاقم الأزمات الواحدة تلو الأخرى دون الوصول إلى حلول جذرية.

وقت تواجه إيطاليا عواقب الغزو الروسي لأوكرانيا وموجة جديدة من وباء كوفيد ويفترض أن تعد ميزانية 2023 وتطبق كل الإجراءات المطلوبة من الاتحاد الأوروبي للاستفادة من نحو مئتي مليار دولار ممنوحة لروما في إطار نظام الاتحاد الأوروبي.

 

رفض الرئيس الإيطالي الاستقالة التي قدمها رئيس الوزراء، ماريو دراجي، أمس على خلفية تصدع ائتلافه الحاكم بعد مقاطعة حركة "خمس نجوم" جلسة تصويت على الثقة، ما يدخل إيطاليا في أزمة سياسية ويضعها أمام احتمال تنظيم انتخابات عامة مبكرة، وفقا لفرانس برس.

 

وأعلنت الرئاسة الإيطالية أن الرئيس سيرجيو ماتاريلا "لم يقبل الاستقالة، ودعا رئيس الوزراء إلى المثول أمام البرلمان  بغية إجراء تقييم للوضع"، وسط تقارير تفيد بأن دراجي سيمثل الأسبوع المقبل أمام البرلمان لمعرفة ما إذا سيحظى بالغالبية اللازمة للبقاء في المنصب.

 

وكان دراجي قد أعلن خلال جلسة للحكومة أنه سيقدم استقالته للرئيس، مشيرا إلى أن الشروط اللازمة لاستمرار الائتلاف الحكومي "لم تعد قائمة" وأن "ميثاق الثقة الذي تقوم عليه الحكومة لم يعد موجودا".

 

وعرض دراجي التنحي بعد أن رفض حليف شعبوي في الائتلاف الحاكم دعم مشروع قانون مهم للحكومة، ويضم الائتلاف الحاكم لدراجي، أحزابا من اليمين واليسار والوسط وحركة 5 نجوم الشعبوية، وكان يهدف لمساعدة إيطاليا على التعافي من جائحة كورونا، وتولى الائتلاف الحكم في فبراير 2021.

 

وقبل ساعات، فاز دراجي وحكومته بتصويت على الثقة في مجلس الشيوخ بواقع 172-39 صوتا بالرغم من رفض حركة 5 نجوم دعم مشروع القانون، الذي يهدف لتخصيص أكثر من 20 مليار دولار لمساعدة المستهلكين والصناعات التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة.

 

لكن "الحيلة السياسية" التي قامت بها الحركة التي يرأسها غوزيبي كونتي، رئيس الوزراء السابق، أضرت بالفعل بدراجي، وفقا لأسوشيتد برس.

 

وقبل وقت قصير من توجهه إلى قصر الرئاسة لتقديم استقالته، أعلن دراجي أن "أغلبية الوحدة الوطنية التي حافظت على صمود هذه الحكومة منذ إقامتها لم تعد موجودة".

 

لكن الرئيس سيرجيو ماتاريلا أبلغ دراجي أن عليه بدلا من ذلك العودة إلى البرلمان ليرى ما إذا كان لا يزال بإمكانه حشد الدعم، وفقا لما جاء في بيان من الرئاسة.

 

وذكر التلفزيون الوطني أن دراجي قد يلقي كلمة أمام البرلمان الأسبوع المقبل، على الأرجح يوم الأربعاء.

 

وإن لم يتمكن دراجي من حشد ما يكفي من الدعم للقيام بإصلاحاته الاقتصادية، فقد يحل الرئيس البرلمان، ممهدا الطريق أمام انتخابات مبكرة قد تعقد في أواخر سبتمبر المقبل.

 

وكان زعيم حركة "خمس نجوم" غوزيبي كونتي قد أعلن، الأربعاء الماضي، أن أعضاء مجلس الشيوخ من حزبه لن يشاركوا في جلسة التصويت على الثقة التي طلبتها في البداية السلطة التنفيذية.

 

وحازت الحكومة الثقة في التصويت الذي أجري، أمس الخميس، لكن دراجي سبق أن حذر مرارا من أنه لن يبقى في رئاسة الحكومة من دون دعم الحركة، ما يضع الإيطاليين أمام احتمال التوجه إلى صناديق الاقتراع.

 

ويضم الائتلاف الحكومي كل القوى السياسية الممثلة في البرلمان باستثناء حزب "فراتيلي ديتاليا" اليميني المتطرف.

 

وكان دراجي قد تولى رئاسة حكومة "وحدة وطنية" في مطلع عام 2021 مهمتها التصدي للجائحة والأزمة الاقتصادية التي نجمت عنها. لكن رئيس الوزراء يعتبر أن حكومته من دون دعم "خمس نجوم" تصبح "سياسية" وهو ما لا يدخل ضمن التفويض المعطى له لرئاسة الحكومة.

 

وقال "لطالما قلت منذ خطاب التنصيب الذي ألقيته في البرلمان أن الحكومة ستبقى قائمة فقط في حال تمتعت برؤية واضحة لتحقيق البرنامج الحكومي الذي منحت القوى السياسية ثقتها على أساسه".

 

وكانت الجلسة قد عقدت للمصادقة على مشروع قانون يتضمن تدابير تبلغ قيمتها حوالي 23 مليار دولار لمساعدة العائلات والشركات في مواجهة التضخم، ويتضمن أيضا إجراء لتسهيل بناء محرقة للنفايات في روما.

وتعارض حركة خمس نجوم بناء محارق تعتبر أنها مكلفة ومسببة للتلوث وغير فعالة ولا تشجع السكان على فرز النفايات.

 

وفازت "خمس نجوم" في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2018 بحصولها على 32 % من الأصوات وأغلبية نسبية في البرلمان، ولم تكف منذ ذلك الحين عن التراجع في نوايا التصويت ولا تتجاوز نسبة التأييد لها اليوم 10 أو 11 %. وقد انسحب منها عدد من النواب.

 

وانشق ثلث نوابها - حوالي 50 نائبا - وتبعوا زعيم الحركة السابق وزير الخارجية الحالي لويغي دي مايو الذي أنشأ مؤخرا حزبه الخاص "معا من أجل المستقبل".

 


وسعى اليمين المتطرف إلى استغلال الأزمة مع مطالبة حزبي "الرابطة" المناهض للمهاجرين والمنضوي في الائتلاف الحكومي، و"فراتيلي ديتاليا" بالدعوة لانتخابات مبكرة.


لكن من غير المرجح أن يدعم أي من الحزبين حكومة تصريف أعمال أو حكومة برئاسة دراجي لا تشارك فيها حركة "خمس نجوم".

 

ومن شأن مثول دراجي أمام البرلمان في جلسة تصويت جديدة على الثقة أن تمنحه الدعم اللازم للاستمرار في المنصب، كما أنه قد ينال ثقة حركة "خمس نجوم" التي ربما تسعى لتجنب انتخابات مبكرة قد ينجم عنها تضاؤل كتلتها.

 

وستبين الساعات القليلة المقبلة ما إذا سيصر دراجي على رفضه رئاسة الحكومة من دون "خمس نجوم"، أو مدى انفتاحه على تشكيل ائتلاف حكومي مختلف تماما ينقذ إيطاليا من مشقة الانتخابات المبكرة.

إقرأ أيضا|يطاليا ترصد 36.5 مليون يورو لغوث سكان المناطق الزراعية