إبراهيم ربيع يكتب.. هل صحيح العيد فرحة؟!

حكايات إبراهيم ربيع
حكايات إبراهيم ربيع

طلبت من زميلي الشاب المتميز محمد حامد إعداد تقرير عن الذكريات الرياضية التعيسة في الأعياد السعيدة..اردت ان افعل شيئا جديدا خارج سياق مظاهرة ''العيد فرحة''..وأنجز الزميل التقرير واعاد لنا ذكريات احداث رياضية سيئة من تاريخنا الرياضي كانت مواكبة للأعياد السعيدة.
ومبدئيا ليس للعيد فرحة كاملة إلا عند الأطفال الذين ينفصلون فطريا وذهنيا عن متاعب الكبار..أما غيرهم فتتنوع وتتدرج الفرحة من شخص لآخر ..فهناك من يعيش روح الطفولة ويبحث عن ملابس جديدة وفسحة جمهورها من الأطفال والشباب قبل ان يتخرجوا من جامعاتهم وقبل ان يتزوجوا وقبل أن يداهمهم الانشغال المضني بالوظيفة وبالزواج.
الأغلبية يرون ان ''العيد فرحة'' عنوان يناقض تفاصيل هموم الكبار في الأعياد وهم المنوط بهم توفير مستلزمات الفرحة في العيد والتي إن لم تتوفر لأطفالهم ولمطابخهم فإن الفرحة تصبح خدعة وكذبة وحملة نفسية ربما يعيشها ملايين يتجملون ويكذبون علي أنفسهم واولادهم وجيرانهم وهم يشمون رائحة اللحمة النيئة والمسلوقة والمحمرة ويسيل لعابهم كالسم في البدن.
لايكسب هؤلاء من العيد إلا الاجازة والراحة من حروب الذهاب والعودة من العمل والانتظار الطويل لوسيلة مواصلات متكدسة تسير في شوارع هائجة تلوث السمع والشم والبصر ومعها الاخلاق.
العيد عند هؤلاء هدنة في حرب طويلة لاتنتهي ..ولذلك فقد راجعت نفسي وأنا أنتقد طول الأجازات في الأعياد بلا معني ..وأسال لماذا أسبوع كامل لمناسبة يكفيها يومين او ثلاثة..وفطنت إلي ان المحاربين في ميادين الحياة المصرية في احتياج فعلي لاستراحة محارب..ثم أن أنني شخصيا وبعض ممن يشبهني في مهنة بلا أجازات يحتاجون لفترة ما شوارع خالية يذهبون ويعودون من مكاتبهم بلا مبارزة يومية مع الكائنات العدائية ومع ماراثون استنزاف الطاقة والوقت والأعصاب..التخلص من هذه المعمعة اليومية لمثل هؤلاء  هي الفرحة الحقيقية بالأعياد.
وحتي لاأشذ بالإطلاق عن قاعدة ''العيد فرحة'' فأقع في محظورات عدم التفاعل مع الأعياد الدينية الواجب تقديسها فإني أقر بأن العامل المشترك لكل انواع الناس وكل أنواع علاقتهم بالعيد ..انهم جميعا يعتبرونه فرصة للحديث مع الله عن قرب..حتي المحارب منهم يتعشم ان يرفع يده إلي السماء فتتلقي علي الأقل هدية الهدنة والراحة الطويلة دون طمع في فرحة العيد..وبالتالي وبناء عليه ..مهما كانت غلظة الحياة فإن يوم  العيد أحسن من غيره ..علي الأقل يقدم أملا في ايام افضل بمساعدة رب العالمين الذي قال لنا مباشرة ''وخلقنا الإنسان في كبد''.