أصعب 100 يوم في حياة هذه الأم.. تفاصيل حزينة

الأم نورا
الأم نورا

 هبة عبد الرحمن 

«نورا عبد المنعم» أم مصرية تزوجت من شاب سورى «م.ج.ح» يعيش فى مصر بصحبة اسرته منذ أكثر من 20 عامًا، ولهم الكثير من الاعمال التجارية فى مصر، تم الزواج بينهما منذ 7سنوات بعد قصة حب جمعتهما، أثمر عنه ابنتهما «ايمان محمد» 4 سنوات، لكن انقلبت الحياة رأسًا على عقب بعد ان سيطر العناد على تصرفاتهما رغم الحب الذى ربما لا يزال يجمع بينهما، ولكن وصل بهما الامر إلى طريق مسدود بعد أن قرر الزوج «م» أن يلقن زوجته درسًا قاسيًا من باب العناد ايضًا ويكسر سعادتها وقلبها على ابنتها تلك الزهرة الصغيرة، حيث خطفها من حضن امها وسافر بها إلى الأراضي السورية، وذلك من أكثر من 3 أشهر لتعيش الام أصعب 100 يوم في حياتها، وتعيش الابنة الصغيرة رحلة عذاب بين مصر وسوريا اتحرمت فيها من حضن امها.

لكن تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من إعادة الابنة المخطوفة إلى حضن امها مرة أخرى، لتعيد السعادة إلى قلب الأم التي لم تجف الدموع من عينيها طوال الشهور الماضية، وهى ممزقة بين الخوف من عدم رؤية ابنتها مرة اخرى وبين الأمل فى أن يستجيب الله لدعائها بعودة ابنتها اليها مرة اخرى.

 

التقت «أخبار الحوادث» بـ «نورا» والدة الطفلة الصغيرة»ايمى» لتروى تفاصيل مأساتها من البداية، وتقول:في بداية الزواج كنا نعيش فى حى راقى، ومنذ 8 أشهر انتقلنا الى مكان آخر ثم انتقلنا مرة اخرى إلى حدائق القبه في الشقة التي خطف ابنتي منها، وهى ايجار جديد دفع قيمة الايجار لمدة 6 أشهر، لم أدرك السبب لم اشعر بأنه كان يخطط لخطف طفلتى، حيث انتقلنا إلى هناك يوم 8/2 الماضي، وخطفها يوم 10/3، وعلمت بعد ذلك انه كان يقوم بعمل إجراءات فى السفارة السورية قبلها بعدة اشهر دون علمي حتى يتمكن من اخذ ابنتى والسفر بها الى هناك.

 

خدعة

دائمًا وابدًا البدايات تقود للنهايات، كيف كانت البداية كان هذا سؤالنا للأم إيمان، فقالت؛ الخلافات بيننا كانت عادية جدا مثل أي بيت، لكن سيطر العناد على عقل طليقي خاصة بسبب بعض الاختلافات القليلة بين عاداتنا لكن رغم احترامي له وتقديري لذلك إلا أنه أصر على مواصلة العناد والمشاكل، وانفصل عنى دون طلاق تاركا منزل الزوجية، لكن لم تكن خلافات تستحق ما فعله ضدى من خطف ابنتى وتهريبها خارج مصر، وتدميري بهذا الشكل المؤلم، وحتى تلك اللحظة انا لازلت على ذمته، وحتى اليوم الذى خطف فيه «ايمي» لم يكن بيننا مشاكل ولم ادخل محكمة أو قسم شرطة ضده، حتى النصائح التي كان يقدمها بعض الناس بعمل دعوى لمنع ابنتى من السفر خارج مصر حتى لا يأخذها ويسافر بها لم استمع لها، حتى اهله لم أمنع دخولهم يومًا الى بيت الزوجية، بل كان مفتوحا لأهله كلهم حتى فى فترة خصامنا، لأنني كنت حسنة النية تجاهه جدا ولم أرد أن ازيد الخلافات بيننا وتمنيت لآخر لحظة أن يتم الصلح معه، رغم انه في آخر مرة رأيته فيها طلقني طلاقا شفويًا دون أن يوثقه في أوراق رسمية، لم افكر وقتها أن أقيم دعوى لإثبات هذه الطلقة، لإثبات حسن نيتي وطلبت منه أن يرسل لي ورقة الطلاق لكنه رفض.

 

كنت اشعر بغصة فى قلبي لأنه لم يحضر للاطمئنان علينا من وقتها، بل كان يرسل ابن عمه فى الفترة الأخيرة للسؤال عنا ودفع المصروفات الشهرية لنا، رغم انه كان فى مقدرته أن يدخل البيت فى أي وقت ويحضر هو للاطمئنان علينا، ورغم كل ذلك إلا أنه قرر إيذائي دون شفقة او رحمة. 

فى يوم 10 مارس الماضي ذلك اليوم المشئوم، فوجئت بابن عمه يحضر كالعادة لتلبية طلباتنا، وطلب منى ان يأخذ «ايمى» لشراء الحلوى لها من محل مجاور للمنزل لكنى رفضت، ليس سوء نية تجاهه ولكن لشعوري بخجل من تحميله فوق طاقته، فطلب منى إعداد كوب شاي له، وبمجرد أن دخلت إلى المطبخ فوجئت به يأخذ ابنتي ويخرج من الشقة مغلقا الباب من الخارج بالمفتاح حيث اخذ معه المفتاح، وقد صورته كاميرات المراقبة الموجودة حول العمارة وهو يحمل ابنتي حتى اختفى عن الانظار بعد أن دخل بها فى شارع مجاور لنا، وكانت تنتظره سيارة هناك، اصطحب فيها ابنتى إلى مطار القاهرة حيث كان ينتظره زوجى «والد ايمان» هناك، بعد أن استخرج لها جواز سفر سوري خاص بها ولا أعرف كيف فعل ذلك؟، وسافر بها الى دمشق.

 

وبدموع عينيها تتذكر الام «نورا» تلك اللحظات الصعبة على نفسها وتقول:صرخت واستغثت بالجيران الذين اسرعوا بكسر باب الشقة، وأسرعت بالاتصال بوالد زوجي، لم يأت فى خيالي للحظة أن زوجى سيأخذ ابنتي إلى سوريا، فأخبرني بأن اهدأ من روعي، وأنه سيرسل لى مفتاح الشقة فى سيارة اجرة، وبأنه سيحضر هو وحماتي وزوجي وابنتي، صدقته بسذاجه بالغة،انتظرتهم وكلما أتصل أسالهم يتعلل بأي حجج للتأخير، حتى وصلت الساعة الى العاشرة مساء ففوجئت بحمايا يخبرني بأن ابنتي اصبحت خارج مصر وموجودة الآن فى الأراضي السورية، وقال لي»انسيها».

 

أسرعت إلى شقة أسرة زوجى لكنى لم اجد احدًا منهم، فأسرعت إلى قسم الشرطة وحررت محضرًا بخطف ابنتي واتهمت زوجي وابن عمه بخطف طفلتي الصغيرة، واعتقدت انهم يكذبون على حتى يبعدوها عنى، وحصلت على تسليم صغير من مكتب المحامي العام، وأسرعت لتنفيذه ولكن للأسف لم أجد ابنتى واخبروني بأنها مع والدها فى سوريا وليست موجوده فى مصر.

 

وكلما طالبت من والده بدموع عيني أن اسمع صوت ابنتى قال لى بالحرف «احنا بنحاول نمحى وجودك من ذاكرة بنتك»، وبالفعل حاولوا مسح وجودى من حياتها، وبعد مرور أكثر من شهر من خطفها، جعلوها تتحدث الي يوم 28/4 تقول لى «ماما انا مش عايزه اتكلم معاكي تاني».

 

الأمن يتدخل

وتستكمل «نورا» كلامها بألم قائلة:حاولت اتواصل مع طليقى لكنه أغلق الرقم المصرى الخاص به، فقمت بعمل استغاثة على بعض الصفحات السورية بمواقع التواصل الاجتماعى ورويت فيها مأساتى، وسألت إذا كان احد رآها وبالفعل تلقيت استجابة كبيرة من اهالى سوريا، وأدلوا بالمعلومات عنهم وعن عائلتهم هناك وعنوانهم، بل ساعدوني بتصويرها ايضًا وهى فى الشارع، وبالفعل قدموا لى المساعدة بقدر استطاعتهم بعد تعاطفهم معي.

 

وبصوت يملؤه السعادة البالغة قالت الام «نورا»:لم أتخيل يومًا ان أجد هذا الكم من المساعدة والعمل الجاد للوقوف بجانب زوجة مصرية مظلومة من الاجهزة الأمنية في بلدي مصر، ففى لمح البصر فوجئت بجهات أمنية تتدخل ويتم عمل التحريات حتى تم إلقاء القبض على طليقي في المطار بينما كان يحاول دخول مصر مرة اخرى بسبب أعماله الموجودة هنا، وتم اخذ التعهد عليه بحضور الجلسة التى تحددت لنظر دعوى اتهامه بخطف ابنتي. 

 

لكن للأسف في اليوم التالي تمكن طليقي من الهرب مرة اخرى، وصدر قرار بمنع دخوله مصر مرة اخرى، جن جنونى فى تلك اللحظة ولم أفهم أن منعه من دخول مصر سيكون مفتاح حل مشكلتى معه، لأن طليقي لم يجد امامه سوى أن يعيد ابنتى لحضنى حتى يحافظ واسرته على مصالحهم واعمالهم داخل مصر.

 

وتستكمل «نورا» حكايتها قائلة:لم يتم التواصل بيني وطليقي منذ أن خطف ابنتى سوى مرات قليلة جدا بعد أن طلبت من والده أن يجعله يتصل بى، وبالفعل تواصل معى وذلك قبل اعادة ابنتى لحضنى بأيام قليلة، طلبت منه أن اسمع صوت ابنتى، لكنه استغل ضعفى وراح يساومنى، حيث أخبرنى بأنه سيجعلنى اسمع صوت ابنتى إذا تنازلت عن القضايا التى تقدمت بها ضده، وأنه سوف يجعلنى آراها اذا ساعدته لإعادة دخوله إلى مصر مرة اخرى، وقال لى حرفيًا «هنزل البنت مصر عندما تطأ رجلى ارض مصر مرة اخرى وروحى حليها».

 

كاد عقلي يطير منى ظللت ابكى اطلب منه الرحمة لكن دون جدوى، ومر الوقت وانا أحضر جلسة تلو الأخرى وانا لا ادرك مصيري، لم اعرف أن زوجي بدأ ينهار بسبب عمله المتوقف والمؤجل فى مصر بسبب قرار حكومتي المصرية الصائب بمنع دخوله مصر. 

 

المفاجأة

وبالفعل بعد ايام قليلة فوجئت باتصال هاتفى من ضابط المباحت فى القسم يخبرنى بأن ابنتي «ايمي» موجودة فى قسم شرطة حدائق القبة، وأن احد افراد اسرتها من الاب أحضرها إلى قسم الشرطة لتسليمها وتركها هناك ورحل، اسرعت إلى هناك وفوجئت بابنتى فى حالة خوف كبيرة وتبكى بكاءً شديدًا، رغم معاملة رجال المباحث الإنسانية الطيبة لها، لكنها هابت من المشهد ووجودها بمفردها معهم، احتضنتها ورحت اهدأ من روعها وعدت بها إلى البيت والفرحة تكاد توقف قلبي.

 

ابنتي الصغيرة «ايمان» مرت بتجربة قاسية ربما لم يساعدها سنها الصغير أن تروى تفاصيلها، خاصة تلك الرهبة الشديدة عندما دخلت الى قسم الشرطة وعاشت فيه دقائق من الرعب رغم حنو وعطف رجال المباحث عليها، لكن لم تتمكن الطفلة ذات الاربع سنوات أن تسيطر على مشاعر الخوف والفزع داخل قلبها، وحتى عندما حاولنا نحن التحدث معها كانت تشعر بخوف شديد وهى تحاول أن تخفى وجهها فى صدر أمها وكأنها تختبئ من قسوة العالم حولها فى قلب أمها، بينما قالت والدتها «نورا»:-

 

حتى أنا فهى ترفض أن تروى لى أي شيء، وكل ما كانت تقوله لى؛ «انا مش عايزه أحكيلك حاجه، انا ركبت العربية وجتلك خلاص»،دائما هى تقول هذه الكلمات كلما أسألها عن أى شيء، لا اريد الضغط عليها لأنها فى النهاية طفلة صغيرة جدا لا تدرك أي شيء، ولكن ما أحاول فعله الأن ان اصطحابها للتنزه ولله الحمد هى تستجيب جدا، ويكفى فرحتى بأنها عادت إلى غرفة نومها مرة اخرى، ووجدت كل اللعب الخاصة بها فى مكانها كما وجدت ملابس العيد التى احضرتها لها قبل عودتها وكل شيء كان فى انتظارها.

 

أنهت الام «نورا» بدموع السعادة كلامها قائلة:كل الشكر والتقدير لرجال الامن الذين نجحوا فى اعادة ابنتي إلى حضني لتقضى معي العيد، وادعو الله ان يحل كل مشكلات الامهات اللائي تتشابه ظروفهن معي ويعشن نفس مأساتى.