زيارة بايدن.. هل من جديد؟!

جلال عارف
جلال عارف

خلال أيام يبدأ الرئيس الأمريكى «بايدن» زيارته الأولى للمنطقة منذ أن تولى مسئولية الحكم فى واشنطن، توقيت الزيارة هام للغاية.. ليس فقط بسبب الأحداث الخطيرة التى يمر بها العالم مع حرب أوكرانيا والأزمة الاقتصادية، ولكن أيضا لأن الزيارة تأتى قبل شهور قليلة من انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى وسط توقعات بأن يفقد حزب الرئيس الديمقراطى أغلبية فى أحد المجلسين «النواب والشيوخ» أو فى كليهما- وهو ما يجعل بايدن مشلول الحركة فى العامين القادمين، ويجعل عودة الجمهوريين للبيت الأبيض فى الانتخابات المقبلة خاصة اذا تخلصوا من صداع ترامب!!.

نقطة أساسية هنا.. الرئيس بايدن كان شريكا أساسيا فى القرار الأمريكى فى الشأن الخارجى ومنها شئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى قبل أن يكون نائبا للرئيس أوباما، ثم رئيسا لأمريكا. ومن هنا فإنه يعرف جيدا مشاكل المنطقة، ويعرف أيضا ثوابت السياسة الأمريكية التى تحدد مصلحة أمريكا فى أمرين أساسيين: تفوق إسرائيل، وضمان البترول والغاز بكميات وأسعار تناسب أمريكا وحلفاءها فى الغرب.. وكل الباقى تفاصيل أو موضوعات للمساومة أو الضغط أو «الشيء لزوم الشيء» على طريقة عبقرى الكوميديا نجيب الريحانى!.
وضع أمريكا البترولى ممتاز، لكن الأمر بالنسبة لحلفائها فى أوروبا مقلق، والأسعار - بالنسبة لبايدن قبل شهر من الانتخابات- ستكون نتائجها كارثية. كما أن الحصار الذى تحاول أمريكا فرضه على روسيا لن يثمر فى ظل الحاجة الماسة لانتاجها من البترول والغاز.
والوضع الأمنى لإسرائيل لم يكن أفضل مما وصل إليه بفعل الدعم الأمريكي، لكن الدعم الصهيونى مطلوب بصورة أكبر فى انتخابات نوفمبر ليحافظ حزب الرئيس الديمقراطى على مواقعه أو حتى ليقلل خسائره. ودع كل «الهيصة» التى تقيمها إسرائيل حول الاتفاق النووى بين أمريكا وإيران.. فلا إسرائيل ستحارب إيران دون إذن واشنطون، ولا واشنطون تريد إيران إلا حليفا سابقا وحليفا مرتقباً لها بعد أن تنتهى لعبة التصعيد والتهديدات المتبادلة، وبعد أن تسقط محاولات استغلال ذلك لتسويق التطبيع المجانى مع إسرائيل!!

رغم كل الصعاب والتحديات التى تمر بها المنطقة، فإن الموقف العربى الآن أقوى إذا أحسنا إدارته.. والمشاورات العربية التى جرت فى الأيام الماضية تعنى أن هناك وعيا بضرورة وجود موقف عربى موحد تكون بوصلته الوحيدة هى المصلحة العربية. ولا شك أن المصلحة العربية لا تتحقق بجر المنطقة إلى حروب الوكالة أو التحالفات المشبوهة، وإنما تتحقق بما أكدته مصر مرارا وتكرارا حين طالبت بإنشاء القوة العربية العسكرية المشتركة، وحين اقترحت أن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وحين أكدت أن الأمن العربى هو- أولا وأخيرا- مسئولية عربية، وأنه لا سبيل لأى محاولة لتجاوز القضية الفلسطينية بعيدا عن الحل العادل والوحيد بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.

للمرة الأولى فى مثل هذه اللقاءات العربية - الأمريكية يبدو الأهم - بالنسبة للعرب والأمريكان والعالم كله - أن نرى موقفا عربيا لا ينحاز إلا للحق العربى والمصلحة العربية رغم كل التحديات!