ريهاب عبدالوهاب تكتب: نقطة تلاقٍ

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

«الحوار الوطنى» هو أحد السبل الحميدة التى تلجأ لها الدول عادة لإيجاد صيغة تفاهم شاملة وتشاركية بين مختلف مكونات المجتمع من أجل حل أزماتها الداخلية.

وعلى مدار الــ 25 سنة الماضية شهدت القارة الافريقية ومنطقتنا العربية العشرات من هذه الحوارات الوطنية، حقق بعضها نجاحاً تاريخيا، ونذكر منها على سبيل المثال «حوار الطائف» بين الفرقاء اللبنانيين الذى تم برعاية الحكومة السعودية عام 1989 والذى أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التى استمرت 15 عامًا، وأكد سيادة لبنان على كامل أراضيه، وأعاد هيكلة السلطةـ منهياً الوجود السورى على الأراضى اللبنانية.

وهناك ايضاً الحوار الوطنى الجزائرى الذى أفرز «ميثاق السلم والمصالحة» عام 2005، والذى أنهى «حرب العشرية السوداء» بين السلطات الجزائرية وفصائل موالية «للجبهة الإسلامية للإنقاذ» التى أسفرت عن مقتل 200 ألف جزائرى. ولا ننسى أيضاً الحوار الوطنى التونسى الذى انطلق عام 2013 برعاية الرباعى الذى حاز جائزة نوبل لاحقًا «الاتحاد العام للشغل، والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين»، وهو الحوار الذى وضع خارطة طريق جنبت تونس الانزلاق لدائرة العنف. لكن فى مقابل ذلك كان هناك العديد من «الحوارات الوطنية التى هوت فى غياهب الفشل والنسيان، فيما لاتزال بعض الحوارات تدور فى حلقات مفرغة «كالحوار الليبى واليمنى».

والحقيقة ان معايير النجاح والفشل تخضع لظروف كل حوار، حيث لا توجد «صيغة موحدة» تصلح للجميع، لكن ونحن مقدمون على هذا الحوار الاستراتيجى علينا ان نعىّ ان ابجديات النجاح تتضمن مبادئ أساسية تلتزم بها كل الأطراف منها: الشفافية والمصداقية والجدية والأجندة الواضحة وفوق كل ذلك الرغبة المشتركة فى التوصل لنقطة تلاق. كذلك علينا تدبر تجاربنا السابقة فى الحوار مع بعض القوى السياسية -كحوار الرئيس عبدالناصر مع الشيوعيين منتصف الستينيات وحوار الرئيس مبارك مع الجماعة الإسلامية فى الثمانينات-. علينا التعلم من هذه التجارب الذاتية وايضاً الإقليمية فنأخذ منها الصالح ونترك الغث.