«تعرية كل عبيد مرشد الإخوان».. جمال حسين يقدم شهادة للتاريخ عن العام الأسود

«يسقط حكم المرشد» الهتاف الذى زلزل كيان الجماعة
«يسقط حكم المرشد» الهتاف الذى زلزل كيان الجماعة

لم يكن الطريق إلى «30 يونيو» مفروشًا بالورود، فقد مرت سَنةٌ عصيبة على مصر تحت وطأة احتلال جماعة الإخوان الإرهابية التى أعادت إلى  الأذهان زمن الاستعمار وحكمت البلاد بالخيانة والدم والنار، قبل أن ينجح المصريون فى إزاحة عبيد المرشد من المشهد إلى غير رجعة، ورفع نبلاء الوطن علامات النصر بقلبٍ مطمئن فى كل ميادين الكرامة والشرف، محتشدين خلف قائد مُلهم يعشق تراب مصر اسمه عبدالفتاح السيسى.

خلال الفترة من منتصف عام 2012 إلى منتصف 2013 عاشت أرض الكنانة مكبّلة بقيود أهل الخيانة، ومرت بأحداث نثرت غبارها على وجه مصر الحضارى، لولا أن أعاد إليها البريق جيشها العظيم، وبعد مرور نحو تسع سنوات لا تزال تلك الأحداث مختزنة فى ذاكرة الأمة، لكن الكثير من التفاصيل قد يكون متواريًا، لا يعرفه إلا من عايشوا جانبًا من فصول الحكاية عن قُرب، وأحد هؤلاء هو الكاتب الصحفى الكبير جمال حسين، رئيس تحرير جريدة «الأخبار المسائى» السابق، الذى أضاء لنا صفحات مهمة من هذه المرحلة، عبر كتابه «الطريق إلى 30 يونيو»، وهو بمنزلة وثيقة تاريخية تكشف خبايا وأسرارا عديدة.

بلغةٍ تتجاوز أسلوب الكتابة المقالية إلى التحليق فى فضاء سردٍ كاشف، يأخذنا جمال حسين إلى لُب الحكاية بدءًا من مقدِّمة كتابه، التى يبدؤها بالتأكيد على أنه لا يختلف اثنان على أن ثورة «30 يونيو» كانت طَوق نجاة، استرد به الشعب المصرى أرضَ الكنانة التى اختطفتها جماعة الإخوان فى غفلة من الزمن لمدة سنة كبيسة، قاموا خلالها بتفكيك مفاصل الدولة، وحاولوا بكل ما أوتوا من قوة أخوّنتها، وتهديد أمنها واستقرارها، ضاربين عرض الحائط بالجغرافيا والتاريخ، رافعين شعار كبيرهم سيد قطـــــــب: «ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»، قبل أن يعود حسين فى السطر التالى مباشرة لاطمًا وجه كل مؤمن بتلك العقيدة الفاسدة، ويقول: «نتفق جميعًا أن ثورة 30 يونيو جاءت لتبنى وطنًا، وتصحّح مسارًا، وتفتح آفاق الحلم والأمل أمام ملايين المصريين».

إقرأ أيضًا | جمال حسين: زيارة بايدن إلى السعودية تستوجب توحيد رأي القادة العرب | فيديو

الجيش ينحاز للشعب
ثم يضعنا فى قلب المشهد الثورى الذى انتصر للحق وأنقذ أم الدنيا من مصير مجهول حِيك لها على موائد اللئام: «خرج ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين، وارتفعت حناجرهم بهتافات (يسقط يسقط حكم المرشد).. تلك الهتافات التى زلزلت كيان الجماعة، فكشف الإخوان عن وجههم القبيح، وهدّد رئيسهم بإعدام الفريق أول عبدالفتاح السيسى - وزير الدفاع وقتذاك - الرجل الذى حمل روحه على كفيه، من أجل مصر.. وأعلن قادة مكتب الإرشاد أنهم سيحولون مصر إلى بحر من الدماء، واعتصموا فى ميدانى (رابعة والنهضة) لمدة 47 يومًا، إلى أن انحاز الجيش إلى الشعب واسترد دولته».

وكان جمال حسين محظوظًا لوجوده فى قلب تلك الأحداث، متابعًا ومراقبًا وموثقًا، وبحسب قوله فقد «عرف الكثير من الأسرار، لقربه من دوائر صنع القرار»، حيث رأى الأخطار التى تتهدّد الوطن، والمؤامرات التى تُحاك ضد البلد ليل نهار، لتنفيذ «صفقة القرن» ومشروع الشرق الأوسط الكبير، الذى أشرف عليه ثلاثى الشر: كونداليزا رايس، وهيلارى كلينتون، وأوباما.

وتحت عنوان «إخوان الدم والنار»، استعرض الكاتب الصحفى التاريخ الأسود لتنظيم الإخوان الإرهابى، معتبرًا أن الإرهاب والإخوان وجهان لعملة واحدة، راصدًا التاريخ الدموى للجماعة، وانتقل بالحديث إلى ما وصفه بـ«عام الاحتلال الإخوانى» ويقول: «بعد أيام من ثورة 30 يونيو، التقـيت اللـواء محمد إبراهيم - وزير الداخلية وقتذاك - فى مكتبه بالطابق السادس بمبنى لاظوغلى التاريخى، ودار حوار طويل بيننا عن جرائم الإخوان.. وقلت لوزير الداخلية إن هناك حالة من القلق تسود الشارع المصرى، بعد أن ظهر الإخوان على حقيقتهم، وكشفوا عن وجههم الدموى القبيح».

شجاعة السيسى
وتابع: «بهـدوئه المعـــتاد، رد اللـــواء محمـــد إبراهــيم قــائلا: لا قلــق على مصر فى وجود جيــش عظـيم، يقــوده وزيـر دفـاع جسور هو الفريق أول عبدالفتاح السيسـى، الذى يمتلك الكثير من القوة والشجاعة، وعلى استعداد للتضحية بحياته من أجل تراب مصر.. بادرته بالقول: لكن جماعة الإخوان لديها ميليشيات عسكرية على غرار الحرس الثورى الإيرانى، إضافة إلى الإرهابيين الذين أفرج عنهم مرسى من السجون، القادمين من تنظيمات مثل داعش وأخواته، ويتحدثون بثقة وعنف، وبدأوا فى أخونة مفاصل الدولة، فقال وزير الداخلية: مصر فى أمان وعادت إلى المصريين بعد عام من الاحتلال الإخوانى».

الفضول الصحفى دفع جمال حسين إلى معرفة كواليس ما كان يدور قبل يونيو خصوصا ما يتعلق بطريقة تعامل مرسى مع وزير الداخلية: «سألت وزير الداخلية: (كيف كنت تتعامل مع محمد مرسى رئيس جمهورية الإخوان؟)، فأجاب ضاحكا: (لقد هددنى مرسى، وتوعد بإعدامى أنا والسيسى)»!

وقال اللواء محمد إبراهيم: عندما اندلعت أحداث العنف التى وقعت أمام مكتب الإرشاد بالمقطم، تلقيت اتصالا هاتفيا من محمد مرسى يطلب منى تدخل الشرطة لإنقاذ مكتب الإرشاد، الذى كان يتعرّض لحصار المتظاهرين المناوئين لجماعة الإخوان، فقلت لمرسى: لا يمكنننى الدفع بقوات الأمن، خاصة بعد سقوط 11 شابًا وإصابة 91 من المتظاهرين برصاص مسلحين يطلقون النيران من أعلى مكتب الإرشاد، حتى لا يُقال إن الشرطة هى التى قتلت المتظاهرين، وطلبت منه إصدار أوامره لأنصاره فى مكتب الإرشاد بالتوقف عن إطلاق النار.. هنا ثار مرسى وصرخ قائلا: «اسمع يا محمد يا إبراهيم، أنا اللى جبتك وزير داخلية، إنت فاكر إن 30 يونيو هتنفعك؟ أنا بأحذرك، وبقولك بالفُم المليان 30 يونيو هتفشل، وهعدمك انت والسيسى شنقا بإيدى فى قلب ميدان التحرير»، وأغلق التليفون فى وجهى!!

محاولة أخونة الداخلية
ويتطرق جمال حسين فى مواضع متفرقة من كتابه الغنى بالأسرار التى يزيح عنها الستار، إلى وقائع عديدة تثبت أن الجماعة الإرهابية أرادت السيطرة على مفاصل الدولة وأخونتها، بخلاف التصرفات الحمقاء التى كانوا يقومون بها، وليس انتهاء بالاعتماد فى بعض المناصب على عديمى الخبرة من أرباب السجون!

وهنا يروى حكاية أخرى عنونها بـ«هُدهد فى مكتب وزير الداخلية»: فقد قال له اللواء هانى عبداللطيف - مساعد وزير الداخلـية للإعلام والعلاقات - والذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب المتحدث الرسمى لوزارة الداخلية، لاستطلاع الأمر، وهو منفعل للغاية: (تصوّر الإخوان عاوزين يأخونوا الداخلية، ضمن مخططهم لأخونة مفاصل الدولة، ومرسى عين القيادى المقرّب له أيمن هدهد الذى يعمل مهندسا زراعيا، خريج السجون مستشارا أمنيا له، وأرسله إلى وزارة الداخلية، بهدف زرعه داخل ديوان الوزارة، ليكون عينًا له ولمكتب الإرشاد، ويراقب تحركاتنا ولقاءات وزير الداخلية وقيادات الوزارة)».

تصور أنه أثناء قدومه إلى ديوان الوزارة، سار بسيارته عكس الاتجاه، وانفعل على حراس البوابة، وقال لهم: أنا المستشار الأمنى لرئيس الجمهورية، والمفروض تعطونى التحية العسكرية!! البيه المهندس الزراعى أيمن هدد اللى لسه خارج من السجن عامل لنا فيها وزير داخلية، وجاى (نافش ريشه) علينا، وأول حاجة طلبها هو وأحمد عبدالعاطى - مدير مكتب مرسى - تغيير شكل ومضمون الخطاب الإعلامى لوزارة الداخلية، والبيانات الرسمية للوزارة، لأن الرئيس مرسى مستاء أن يقول المتحدث الرسمى اللواء هانى عبداللطيف فى نهاية كل بيان جملة: (وتناشد وزارة الداخلية القوى السياسية بأن تضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار)، وطالب بأن يتم استبدال هذه الجملة بعبارة: (وتناشد وزارة الداخلية القوى السياسية والشعب المصرى بمساندة الشرعية، والحفاظ على الاستقرار فى البلاد)».

وعقب نجاح ثورة يونيو تم على الفور القبض على أيمن هدد لمشاركته فى قتل المتظاهرين أمام مقر مكتب الإرشاد، كما امتد سجله الإرهابى إلى أحداث قصر الاتحادية، حيث كان المسئول عن حشد أنصار جماعة الإخوان.. وقد حُكم عليه فى هذه القضية بالسجن المشدّد 20 عامًا هو وعصام العريان ومحمد البلتاجى وأحمد عبدالعاطى وأسعد الشيخة - نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت.

الكتاب نافذة تطل بنا على تفاصيل كثيرة مزدحمة بالخبايا والأسرار التى تفضح جرائم الإخوان وتعرّى وجههم القبيح.. ربما فى مناسبات أخرى نعيد فتح دفتيه لنتعلم من حكاية الخونة درسًا واحدًا: مصر لا تركع إلا لله.. ولا عزاء لعبيد الإخوان.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي