كنوز| حكاية «زملكاوي» قدم ملمحًا من حياته في «شباب امرأة»

المخرج صلاح أبو سيف رائد السينما الواقعية
المخرج صلاح أبو سيف رائد السينما الواقعية

عندما أسند لى أستاذى الكاتب الصحفى الكبير إسماعيل يونس تحرير باب ثابت بعنوان «نجوم زملكاوية» عند تأسيس مجلة الزمالك، طلب منى ان تكون أول حلقة مع المخرج السينمائى الرائد العبقرى صلاح أبو سيف، ولم أكن أعرف أنه من كبار مشجعى فريق كرة القدم بنادى الزمالك، اتصلت به لتحديد موعد ومكان إجراء الحوار، وتوقعت أن يعتذر لكثرة مشاغله، لكنه بمجرد ان سمع اسم «الزمالك» فوجئت به يقول «تحب نتقابل فين والساعة كام؟» قلت «انا مستعد أقابل حضرتك فى المكان والزمان الذى تحدده»، قال بأدب جم «أنا بيتى لا يبعد كثيرا عن نقابة الصحفيين، تحب نلتقى فى النقابة فى السادسة مساء ؟»، انتظرته بحديقة النقابة فى مبناها القديم، رأيته فى السادسة تماما أمام باب حديقة النقابة، لم أر فى حياتى التزاما وأدبا وتواضعا مثلما رأيت فى الكبير العظيم صلاح أبو سيف، أدركت من اول مقابلة كيف صنع هذا الرجل تاريخه المشرف الطويل فى عالم السينما والإبداع . 

قال لى إنه لعب الكرة الشراب فى منطقة بولاق أبو العلا التى تربى فيها، ومارس الملاكمة فى نادى الترسانه ومدرسة التجارة، وترك الملاكمة ليحترف الصحافة، كان يشترى المجلات السينمائية باللغتين الفرنسية والإنجليزية ويقوم بترجمة موضوعاتها وإعادة نشرها بالصحف والمجلات فكان له فضل نشر الثقافة السينمائية فى فترة الثلاثينيات، قال إنه يشجع الزمالك بجنون لكنه غير متعصب، وعدم توفيق الزمالك لم يكن ينعكس على عمله مثل شكرى سرحان الذى كان يتعكر مزاجه فلا يعمل، و«الزمالك» فى رأيه فريق يعزف سيمفونية متناغمة، يستحق نداء «يا زمالك يامدرسة..

فن ولعب وهندسة»، وقال إنه أعجب بحسين حجازى ومحمد لطيف وحسن حلمى ورأى فيهم نموذج اللاعب الذى يفضل ناديه على كل شيء، وأوضح المخرج الكبير أن هناك علاقة وثيقة بين السينما وكرة القدم، كلاهما ينجح بالجماعية ويفشل بالأنانية، وشبه المدرب بالمخرج الذى يضع الخطة ويحدد الهدف ويأخذ من أعضاء الفريق أفضل ما لديهم، ولعب نجله «أشرف» بفريق الناشئين بالزمالك وانتقل للعب بالفريق الأول، ثم توقف مع توقف الدورى المصرى بسبب حرب67، وروى لى أبو سيف أن ابنه أتى له باللعنة من أحد المتفرجين الذى كان يجلس بجواره فى مدرجات الدرجة الثالثة، أدى نجله لعبة جميلة فصاح هذا المتفرج قائلا «حريف يا ولد.. يسلم اللى خلفوك».

ولم يوفق أشرف فى لعبة أمام المرمى فوقف نفس المتفرج يقول «ملعون أبوك !» وضحك صلاح أبو سيف من هذا التناقض الذى يتسم به مشجع كرة القدم، ومشاهد السينما فى صالة العرض، وأكد لى أنه تعود ان يجلس بين المشاهدين فى الدرجة الثالثة بالملعب، وقاعة العرض السينمائى ليرصد ردود الأفعال المتباينة التى أفادته فى الوصول للغة سينمائية بسيطة ترضى كل الأذواق والثقافات دون السقوط فى الابتذال والسطحية، ولن نتحدث عن تحليل المضمون فى سينما رائد الواقعية صلاح أبو سيف الذى نقل الفيلم من ترف القصور إلى واقع الحارة وقاع المجتمع المصرى الشعبى، وهو من علم الروائى الكبير نجيب محفوظ فن كتابة السيناريو، وهناك مشترك بينهما فى التعاطى مع الواقعية التى لا تكتفى برصد الواقع انما تحلل اسبابه التى نراها فى «ريا وسكينة - الفتوة - شباب امرأة - بداية ونهاية - القاهرة 30 - الزوجة الثانية - السقا مات - البداية».

وكلها أعمال خالدة أثراها بالبعد الإنسانى وأسلوب فنى لا يتحقق فى الاستديوهات المغلقة، ولهذا يمثل الريادة فى مرحلة مهمة من تاريخ السينما التى قدم لها 40 فيلما من بينها 11 فيلما ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصرى، 50 عاما أعطاها للسينما مخرجا ومدرسا للسيناريو بمعهد السينما، وتتلمذ على يديه كبارالكتاب  فى القصة والسيناريو والحوار، وعددا من المخرجين الذين تأثروا بأسلوبه وحرفيته، وقد اعترف لى صلاح أبو سيف بأنه جسد جزءا مهما من حياته فى فيلم «شباب امرأة» والأحداث التى تناولها فى الفيلم حدثت له مع امرأة عندما كان يدرس فى باريس، غاب عنا صلاح أبو سيف 26 عاما منذ أن غادرنا فى 22 يونيو 1996 عن عمر يناهز 81 عاما، رحمه الله . 
 

إقرأ أيضاً|شاب ياباني يرتبط بـ35 سيدة في آن واحد ولغرض واحد