أفلام الرعب.. لماذا يغرينا الفزع والترفيه المخيف؟

أفلام الرعب
أفلام الرعب

لا يمر أسبوع تقريباً إلا ويكون واحداً من أفلام الرعب بين قائمة الأفلام المتصدرة لشباك التذاكر الأمريكى فمثلا هذا الأسبوع يحتل فيلم «الهاتف الأسود» المركز الرابع محققا أكثر من 23 مليون دولار.

وتدور أحداثه حول فتى يختطفه قاتل أطفال ويبدأ ضحايا سابقون للقاتل فى الاتصال بالفتى عبر هاتف قديم وجده فى القبو لمساعدته ومؤخرا حقق أحدث أجزاء فيلم الصرخة إيرادات وصلت بالرغم من كل الظروف إلى حوالى 140 مليون دولار.

وتصل إيرادات أفلام الرعب لذروتها فى موسم الهالوين حيث تبقى الكلمة العليا فى ذلك الوقت لهذه النوعية من الأفلام وسط تنوع لا نهائى من شخصياتها القاتلة المخيفة مثل الزومبى والقاتل ذى المنشار ومصاصى الدماء وآكلى لحوم البشر وكذلك روايات ستيفين هوبكنج المرعبة بالإضافة لأفلام حول المتنزهات والبيوت المسكونة إلى آخره.

 

وفى الوقت الذى يستمتع فيه البعض بأفلام الرعب بل وينفقون المال فى سبيل مشاهدتها فإن البعض الآخر من أمثالى يركضون فى الاتجاه المعاكس فلا يتحملون مشاهدة هذه النوعية من الأفلام.

ولطالما تساءلت كيف يستمتع البعض بالرعب بالرغم من أنه ليس عاطفة إيجابية على الإطلاق، فالانهيار على الفراش وتناثر الدماء والظلام والموت والتعذيب كلها أمور محزنة.

 

إذن لماذا ينجذب إنسان ما لهذه النوعية من الأفلام ويقوم بإنفاق أمواله التى شقى فيها عليها؟

فى البداية توجهت بسؤالى هذا لأحد أطباء الصحة النفسية وسألت الدكتور أحمد جعيصة فقال:» الحقيقة هناك العديد من الآراء المختلفة حول هذه الظاهرة ولكن الرأى الذى اتفق معه هو أن بعض الناس لديهم درجة ما من الميل للحصول على المتعة من الإحساس بالخوف ووضع أنفسهم فى درجة من التوتر تصل أحيانا لحد تعذيب الذات».

 

وفى دراسة نشرتها جامعة هارفارد أشارت إلى أن الفروق الفردية بين الناس فى التعاطف تلعب دورا كبيرا فى علاقتهم بأفلام الرعب والاستمتاع بها فالأشخاص الأقل تعاطفا يمكنهم الاستمتاع بالرعب أكثر بينما أولئك الذين يتمتعون بمستوى أعلى من التعاطف يميلون إلى الشعور بسلبية أكبر تجاه مواقف المحنة التى يمر بها الآخرون مثل الأشخاص الذين يتم تعذيبهم من قبل قاتل مخادع فى فيلم.

 

ويبدو أن الجنس والعمر مهمان أيضا فيما يتعلق بهذه الأفلام كما تشير الدراسة فمن المرجح أن يكون الرجال من عشاق أفلام الرعب أكثر من النساء فيما قد تحب النساء مقابل الرجال جوانب مختلفة من تجربة الرعب فقد يستمتعن بفيلم رعب أكثر عندما يقدم نهاية سعيدة، فى حين أن الرجال قد يستمتعون بفيلم رعب أكثر عندما يتم تحميله بأفعال مرعبة بشكل مكثف.

 

وتشير الدراسة إلى أن هذه النوعية من الأفلام قد تساعدنا على إرضاء فضولنا حول الجانب المظلم من نفسية الإنسان وتعتبر مراقبة الوقائع التى يجب على الممثلين أن يواجهوا فيها أسوأ ما فى أنفسهم بمثابة دراسة لأكثر المناطق سوداوية فى النفس البشرية، ففى الحياة الواقعية قد لا تتاح لنا الفرصة للتعرف على شخصيات مثل هانيبال ليكتر.

 

وأشارت الدراسة أيضا إلى أن هناك سبباً آخر وراء سعينا وراء الرعب وهو اكتساب تجارب جديدة ذلك أن أفلام الرعب فى النهاية تسمح لنا بأن نعيش حقائق بديلة من تفشى الزومبى إلى غزو الفضائيين ،أو زيارة منزل مسكون سيئ السمعة، فالمغامرة بهذه الطريقة تجعلنا نشعر بمزيد من الجرأة.

 

وفى حديثى معه عن أفلام الرعب قال الروائى الإنجليزى والناقد الشاب دارا فليمينج :» فى رأيى أفلام الرعب تمرين على التحمل فأنا عندما كنت طفلاً، أخافنى مايكل مايرز من أفلام الهالوين الشهيرة حتى النخاع، كنت أتحقق من عدم وجود أحد تحت الأسرة وأجرى سريعًا عبر الظلام من أجل الوصول إلى المنزل بأمان».

 

وأضاف: «كشخص بالغ الآن أرى أن مشاهدة أفلام الرعب مثل الهالوين تمرين على التحمل، نوع من مواجهة مخاوفك وأنا أراها مهمة للصحة العقلية، فأحيانا قدرتنا على المثابرة من خلال عدم الراحة هى ما يولد المرونة العقلية، فى رأيى تعتبر أفلام الرعب طريقة لتكوين اتصال، غالبا لا نشاهد الأفلام بمفردنا فى السينما فأنا أتذكر مشاهدة تلك الأفلام فى سينما مزدحمة وشعرت بالرعب كواحد من هؤلاء الناس فى نفس الوقت وهذا يتركنا مع شعور بالانتماء، كما هى الحال الحياة ليست سهلة وهناك دائمًا صعوبات ومخاوف ومضايقات ويمكن أن تكون مشاهدة أفلام الرعب وسيلة للاستعداد لذلك ،أنت، جنبًا إلى جنب مع الأشخاص الذين تهتم بهم تمرون باللحظات الصعبة معًا وغالبا تشاهدون هذه الأفلام سويا وتعلمون أنكم ستبقون مع بعضكم البعض وتعلم أن الخوف وعدم الراحة لن يدوما إلى الأبد، ففى النهاية ينتهى فيلم الرعب دائمًا».