الهروب الكبير لعصابة الإخوان من تركيا إلى لندن

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

أيمن فاروق

الملف الأسود للإخوان، جرائمهم في حق الوطن والمواطنين كتبت باللون الأحمر أو الدم في ذاكرة التاريخ، مخططاتهم الإرهابية وأعمالهم الإجرامية التي أقدم عليها هؤلاء الإرهابيون من قتل وتدمير وتخريب محفورة في عقل الشعب المصري لن تمحى على مر الزمان، فلن ننسى دماء شهدائنا الطاهرة من أبناء الجيش والشرطة على أيدي هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون كلمة وطن، فلا تزال البلاد وكثير من دول المنطقة تعاني ويلات عقد من الزمان أفسح فيه المجال لتنظيمات الإرهابية أو ما يسمونها «الإسلام السياسي» وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية، التي غيبت العقول تحت عباءة الدين، حتى جاءت ثورة 30 يونيو وقضت على الفكر المتطرف لهذه الجماعات، بعد فشلهم الشديد وخروجهم المخزي على يد المصريين في عام 2013، بعد أن ثبت أنهم لا يعملون لصالح الوطن ولكن لمصلحة الجماعة الإرهابية، وهذا فقط ما يعنيهم، وهاهم الآن شتات في الأرض، يخرجون من بلد إلى آخر، ينطبق عليهم قول الله تعالي «إنما جزاء الذين يحاربون الله  ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم»، صدق الله العظيم.

وضعهم الآن ليس خافيا على أحد؛ فالتنظيم الإرهابي يعيش أضعف مراحله، بعد أن واجهتهم الدولة المصرية، وكافحت فكرهم المتطرف، ونفذت مجموعة من التدابير الأمنية وصدرت ضدهم أحكام قضائية رادعة وبعض الإجراءات القانونية، مثل التحفظ على أموال 29 من قيادات الجماعة، ومنعهم من التصرف في أموالهم، وإدراج الجماعة على قوائم الكيانات الإرهابية، وإصدار أحكام بالإعدام والمؤبد عل بعض قادتهم وأعضاء الجماعة، ومن هنا جاء الهروب الأول لبعض الدول في المنطقة ودول أوروبية، ولكن أمثال هؤلاء القتلة، سيظلون في شتات إلى يوم الدين. فالجماعة الإرهابية تدفع ثمن جرائمها، شتات في الأرض، وهذا جزاء المفسدين، بعد أن لفظهم الشعب المصري، وهروبهم من مصر عقب ثورة 30 يونيو، والآن يواصلون هروبهم لكن قبلتهم هذه المرة ناحية ملاذهم الآمن، بعد أن فرضت التغيرات التي تشهدها العلاقات الدولية بين تركيا ومصر، ومن ضمن هذه الدول التي تعد مقصدًا وملاذًا آمنًا هي لندن وكندا، لم يكن هذا وليد اللحظة وإنما يتم الإعداد له منذ فترة ليست بالقصيرة، ويكشف هذا هروب المختل عقليًا معتز مطر وبعض ما يسمون أنفسهم بإعلاميين الجماعة الإرهابية، إلى لندن وبث المدعي لبرنامجه من هناك تحت مظلة آمنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة مكان البث، وأيضا عودة الندل الآخر، المزمع بمحمد ناصر ببرنامجه الذي يطلق عليه مصر النهاردة، وهو بالخارج ولا يعلم شيئا عن مصر، يرفعون شعارات رنانة هم أبعد مايكونوا عنها، فقط يخرج لجمهورهم للتشويه والتخريب عبر قناة أطلقوا عليها «مكلمين»، دون معرفة مصدر بثها، كما كشفت تقارير مختلفة، أن هناك تحركات للعاملين في قنوات الشرق ومكلمين ووطن، من أعضاء الجماعة الإرهابية، في اتجاهين الأول يقوده أيمن نور والثاني يقوده الإرهابي حمزة زوبع، وثمة اتصالات أجريت منذ فترة بين أيمن نور وإبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة الإرهابية، والقائم بأعمال المرشد الهارب إلى بريطانيا، للسفر إلى لندن، وطلب منه أيضا خلال المكالمة عمل بعض الإعلاميين في قناة الحوار التي يديرها عزام تميمي، وتوفير فرص عمل لبعض مقدمي البرامج بقناة الشرق، وأن هناك  تفكيرًا كبيرًا في إطلاق قناة الحوار 2 التي تبث من لندن لاستيعاب الهاربين من الإخوان من مذيعين ومعدين ومخرجين، كما ظهر على السطح أيضا تنسيقًا يتم بين حمزة زوبع والمسئول الأول عن تمويل وسائل الإعلام الإرهابية وهو قيادي إخواني ورجل أعمال فلسطيني، ويدير الكثير من الاستثمارات الكبرى في لندن، وذراعه الأيمن عزام التميمي، رئيس مجلس إدارة قناة الحوار، لعمل زوبع الحوار نظرًا لخلافات طفت على السطح بين زوبع وإبراهيم منير، كما إن هناك اتصالات تجري بين زوبع وبين رئيس مجلس إدارة قناة تبث من لندن لضم عناصر الإرهابية لهذه القناة، ومنهم عطوان، وغيره مما يلعبون دائما على التخريب وإثارة الفتنة والبلبلة، والخيانة، والسعي إلى هدم الأوطان.

وفي نفس السياق، مؤخرًا وفي سبيل فضحهم، أعلنت دار الإفتاء المصرية، منتصف الشهر الماضي، عن قيام المفتي، شوقي علام، بتوزيع تقرير مهم وموثق باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني حول جماعة الإخوان المسلمين، حيث كشف التقرير حسب دار الإفتاء المصرية جذور العنف لدى جماعة الإخوان ويبين تاريخهم الدموي، وذلك على هامش كلمته التاريخية التي ألقاها أمام أعضاء مجلس النواب (العموم) البريطاني.

وكشفت حينها دار الإفتاء عن أن التقرير فضح جماعة الإخوان وكشف عن منهجها المتطرف منذ نشأتها وارتباطها بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش»، و»حسم» وغيرهما، وأهم الأفكار المتطرفة التي تتبناها الجماعة، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخلها منذ إنشائها،  وشمل التقرير أيضا، نشأة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت نتاجًا للسياق السياسي حينذاك، واستجابة للمشاعر المعادية للاستعمار في مصر، وكان خطابها مغايرًا للخطابات الأصولية المعادية للاستعمار، حيث اتبعوا أسلوب المقاربة واستغلت الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع من أجل تحقيق مكاسب سياسية تصب في صالح الجماعة بدلاً من نفع الأمة، كما أوضح تقرير المفتي، أن جماعة الإخوان، تبنت نهج الإرهاب والعنف منذ نشأتها، باعتراف مرشدها الأعلى مصطفى مشهور، وقتها، الذي قال بضرورة استخدام العنف والقوة المسلحة في محاضراته، فقال: «لن نحقق النصر إلا من خلال الإرهاب والتخويف، ويجب ألا نستسلم للهزيمة النفسية»!

ليس هذا فحسب، بل تضمن تقرير المفتي، أن جماعة الإخوان الإرهابية، كانت تعمل بوجهين، الأول هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير، حيث قدموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أما الوجه الثاني فتمثل في إنشاء «الجهاز السري» للجماعة الذي كانت مسؤوليته تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات، ونشر الخوف، والاستيلاء القسري على حكم البلاد في أقرب فرصة فيما يسمونه بالتمكين، لهذا يجب مواجهة التنظيم حتى وإن بدا عليه أنه في أضعف حالته مقارنة بالماضي، لكن مواجهته لابد وأن تستمر سواء في مصر أو الدول الآخر، لما يحمله هذا التنظيم من مخاطر على المنطقة بل العالم بأكمله.

الهروب من إسطنبول إلى لندن، كشف عن ثمة صراع يدور خلف الكواليس بين جبهتي الإخوان الجبهة الأولى محمود حسين والثانية إبراهيم منير، تصاعد ذلك مؤخرًا لصالح جبهة منير، عقب اجتماعات عدة لمكتب الإرشاد العالمي لتنظيم الإخوان الإرهابي في لندن، وبحضور قيادات الصف الأول، ولم يحضرها جبهة حسين، لهذا صرحت أنها اجتماعات غير رسمية، وكان ذلك له أثر على الأذرع الإعلامية، وأهمها قناة مكملين، والتي توقف بثها من اسطنبول، وعادت منذ أسبوع للبث عبر الأقمار الصناعية من استديوهات مختلفة، حيث اتخذت من لندن مقرا لها، ويكشف هذا أن قيادة الأمور أصبحت في يد جبهة منير، وأن هروب الإخوان من تركيا إلى لندن، يكشف أن إدارة دفة الصراع بين جبهتي التنظيم تحت مظلة خفية ربما تكون أكبر من الاثنين ويتم استخدامها مثلما حدث في الماضي البعيد، وفي جميع الأحوال فإن وجود القناة تحت يد جبهة منير يعطي قوة للجبهة بشكل غير مباشر لحسم الصراع الدائر بينهما.