أرمنيوس المنياوي يكتب : البحث عن شقة مفروشة ورغيف خبز 

أرمنيوس المنياوي
أرمنيوس المنياوي

عشنا فترات عصيبة في حقبة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وكان أكثر ما يشغلنا هو الحصول رغيف الخبز بسهولة ويسر وشقة سكنية تلمنا من عبث أقدار الخلاء وكنا نتعذب ونشرب الأمرين في طوابير الخبز وكان كل طموحنا هو أننا نحصل على رغيف الخبز دون معاناة و لم يكن هذا متاحا في غالب الأمر للدرجة التي كنا ننظر لمن يحمل في يده خمسة أو عشرة أرغفة ساخنة بأنبهار وحسد لأنه قد فاز بهذا الأمر وكان ذلك بعد عناء شديد ولعل من عاشوا تلك الفترة يصححوا لي ما كتبته وسطرته في هذا الشأن  أما موضوع الحصول على شقة بالإيجار فهذا كان مستحيل.. وكان شعارنا مطلوب سرير في شقة أو مكان سرير في شقة غير ناظرين لا للموقع ولا شكل البيت.
أنا لأروي حكايات ولا احلام من الخيال ولكنه واقع عشته مرارا وتألمت معه وخفف عني محبة الناس والتي كانت لم تفتر بعد فهي كانت البلسم والمعين على مواجهة تلك الشدائد إن جاز التعبير .
واقع عشته وتعايشنا معه ..عشته عندما كنت طالبا في كلية التجارة بجامعة أسيوط في فترة منتصف ثمانينات  القرن الماضي وقبلها في فترة الثانوية في مدينة المنيا والتي تركت فيها قريتي ريدة وكنت متنقلا ما بين أحياء ط طه السبع تارة وشارع الحسيني تارة أخري وحي شاهين تارة ثالثة وكفر المنصورة تارة أخرى ورابعة وهكذا  وكيف كنت أشعر بالعذاب في الحصول على خمسة أرغفة عندما كنت أسكن أنا وصديقي حسن عبد العزيز والذي صار الٱن مديرا لمدرسة ريدة الثانوية وايضا محمد إسماعيل الذي صار الٱن خطيبا لأحد مساجد قرية ريدة، بل لعل صديقي الحاج حسن عبد العزيز الٱن أطال الله في عمره يتذكر كيف كنا نعاني حتى نعثر على حجرة في شقة لكي نسكن فيها ايام دراستنا الثانوية ويتذكر جيدا أن صاحبة المنزل وكانت سيدة قوية الشخصية ومرعبة وربنا شعرنا بذلك لأننا كنا قد تربينا تربية صحيحة يحترم فيها الصغير الكبير ..والكل أمهاتنا والكل ٱبائنا  كانت الحاجة صاحبة المنزل  تمر علينا في ساعات متأخرة  للتفتيش ونحن كنا في رعب وذلك لكي تتأكد من حاجتين اساسيتين وهما عدم وجود نزيل يبيت معنا والأمر الثاني أننا قد أطفأنا الأنوار إلا من صهارة صغيرة كانت تعطي بصيصا من الإضاءة لكي ننام عليها.
هكذا كانت حياتنا في مراحل التعليم ولم يكن الحال احسن في المرحلة الجامعية من المرحلة الثانوية ولكنه كان شديد الضيق والألم من طوابير الخبز والحصول على سكن ولعل منطقة تجنيد أسيوط تشهد على ذلك مع اصدقائي ناصر سيد إسماعيل وعبد المنعم عبد العليم الشهير ببطل وهو الذي أراه حتى الآن بطلا في الأخلاق والعشرة الطيبة وهو يتذكر معي ذلك جيدا وهما ليسوا ببعاد عني حتى هذه اللحظة فنحن ليس فقط بلديات وأبناء قرية واحدة   تتبع مركز المنيا ولكننا كنا ومازلنا أهل وأصدقاء وتربطنا الأخوة والمحبة حتى هذه اللحظة وقد تربينا من أهالينا على ذلك وكانت كل معيشتنا معا أثناء الدراسة من أكل وشراب.
وقد يقول قائل إن في هذا الوقت كانت كل تلك الأشياء رخيصة وبأسعار ونقود رمزية مقارنة بما نراه اليوم ولكن ردي أيضا أنه لم تكن تلك الأموال أو مقابل تلك السلع موجودة بنفس ما نراه في هذه الأيام إضف إلى ذلك أننا كنا نتحدث في ستين مليون نسمة هم حصيلة عدد سكان مصر في تلك الفترة ورغم ذلك كنا نجد معاناة شديدة في الحصول على السكن ورغيف الخبز ونعاني من قلة مصادر الدخل من حولنا، عكس ما نراه الٱن من توفير لكل ما ذكرته ولاسيما في تلك السلعتين الأساسيتين في الحياة وكان النزيه بيننا هو من يمتلك عجلة يذهب بها للكلية أو مدرسته من محل سكنه أو إقامته وقد تعلمت ركوب العجل وانا في مرحلة الجامعة وإن كنت الٱن قد نسيت كل ذلك ولم يعد لدي عجلة أو سيارة ولا اشعر بغضاضة في ذلك ويتحملني اولادي في ذلك دون ضجر حقيقة  ..فالحياة كانت بسيطة وسقف طموحنا لم يكن مرهقا وحاجاتنا كانت قليلة عكس ما نراه الآن من سقف الطموح وقد تجبر وليس زاد فقط ومعه زادت معاناتنا وحجم الأمانة والإيمان قل وزادت معه تباعدنا عن بعضنا البعض  ..وافتقر الحب بيننا فزاد شقائنا.
في تلك الحقب كانت هناك جماعات تغيير الثقافات والتي ظهرت في بداية حقبة ثمانينات القرن الماضي ورأينا كيف كان الجنزير منهجا في معاقبة من يخرج عن تعاليم تلك الجماعات وبدانا نشعر في تلك اللحظة بكلمة مسلم ومسيحي والتي أوصلت مصر لما شاهدناه في عامي 2011 و2012 والذي حرق معه الأرض وزادت أحزان عقلاء الوطن من جراء هذا التحول الخطير في البدن والنفس وفي الثقافة والتعليم والتي أخذت مصر بعيدا عن مصر التي كنا نعرفها بعد أن تغلغل فيها هذا الفكر  والذي.رأينا معه تغيير في الثقافة المصرية وتغلغل بكل ٱسف وسط حالة من التغييب الحكومي في كل مؤسسات الدولة ولاسيما في فترات الثمانينات والتسعينيات حتى كانت الطامة الكبرى في أحداث يناير التي أظهرت ما وصل إليه الحال في مصر بعد أن شاخ النظام في موقعه على حد تعبير الكاتب الصحفي الكبير محمد حسانين ورأينا ما رأينا من أحداث وحرائق في البشر والممتلكات لا أعرف لماذا ذهب بي القلم وأخذني بعيدا عن رغيف الخبز والسكن المفروش إلي حرائق البشر والممتلكات والتي كانت ستستمر لولا ثورة الثلاثين من يونية والتي أعادت بعض مما ضاع من هوية مصر وجدعنة المصريين بقيادة رئيس أنا بأعتبره  أعظم رئيس مصري في التاريخ يكفي أنه أعاد مصر من جديد ..على كل حال من رغيف الخبز والسكن المفروش إلي حرائق البشر والممتلكات سوف يستلزم العودة إليها مجددا ولاحقا في مقالاتي القادمة ٱذا سمح  الكريم وكان في العمر بقية.
&& ٱخر السطور 
الصديق محمود أنور أمين أبن قرية زاوية سلطان بشرق نيل عروس الصعيد مبروك العمدية وبثقة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية واللواء محمد عبد التواب حسان مساعد الوزير لأمن المنيا  بكم فأنتم نوارة شرق النيل في المنيا مع ٱخرين من أهالينا نفتخر بهم كصمام أمان لوحدة بلدنا وما أراه شرق نيل المنيا ليس فقط إبداع الطبيعة ولكنه أيضا تناغم بشر مسلمين ومسيحيين جعلونا نحج ونقدس شرق النيل ولعل مولد السيدة العذراء في جبل الطير كان نموذجا لوحدة مصر و نبراسا للتخطيط الأمني الممتاز في أن يخرج الاحتفال دون وقوع حادثة أو مشاجرة واحدة ومن هنا كان واجب الإشادة  بمعالي اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا والذي كان يقف على كل صغيرة وكبيرة أثناء الاحتفال ولعل خلفيته الأمنية ساعدت في ذلك كثيرا ومعه الرجل الصامت في الكلام والكثير في العمل والجهد اللواء محمد عبد التواب حسان مساعد وزير الداخلية مدير أمن المنيا وبهما خرج الاحتفال بهذا الصورة الجميلة.
&& وعدته بزيارته ولرؤية ما يحدث في مدخل بوابة مصر الجنوبية بلدنا الجميلة أسوان سعادة اللواء أشرف عطية محافظ أسوان وسوف يسعدني قريبا أن احل ضيفا على تلك البقعة الساحرة من أرض مصر المحروسة وسوف أكتب وأروي لكم ما أراه تفصيليا لنعيش معا رحلة أسوان ..تحياتي للمحافظ الجميل الرائع أشرف بك عطية ولكل شعب أسوان الجميل