بإجمالى 73 مليار جنيه سنويًا

سـرطـان للبيـع | المصريون يستهلكون 80 مليار سيجارة و50 ألف طن «معسل»

سـرطـان للبيـع
سـرطـان للبيـع

الخبراء: مكوناته مليئة بالمواد المسرطنة.. واستمرار التوعية ضرورة
مصر تحتل المركز السابع بين 20 دولة الأكثر تدخينًا والدولة تنفق المليارات لعلاج «أمراض التدخين»

«احذر التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة»..

لا يبدو أن العلامات التحذيرية على منتجات التبغ كافية لتغيير سلوكيات المدخن المصري، فتستمر معدلات استهلاك التبغ فى الارتفاع وفقا للإحصاءات الرسمية، وأكدت جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر بالقاهرة، أن استهلاك المواطنين وصل إلى 4 مليارات علبة سجائر سنويا، بواقع 80 مليار سيجارة، بقيمة 70 مليار جنيه، فضلاً عن 50 ألف طن «معسل»، بإجمالى 73 مليار جنيه.. وفى احتفال الأمم المتحدة مؤخرًا باليوم العالمى لمكافحة تعاطى التبغ، تناقش «الأخبار» مستجدات هذه الأزمة، وخطورتها.
 

الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فى أحدث تقرير له عن التدخين، أكد أن نحو 17.7٪ من إجمالى سكان مصر مدخنون، بما يمثل حوالى 18 مليون نسمة، وتبلغ نسبة المدخنين بين الذكور 35.6٪، مقابل 0.3٪ بين الإناث.. وأشار التقرير إلى أن نسبة الأسر التى بها فرد مدخن على الأقل على مستوى الجمهورية يصل لنحو 41.3%، أى أن هناك نحو 24 مليون شخص غير مدخن ولكنه عرضة للتدخين السلبى بسبب وجود فرد مدخن داخل الأسرة.

فى هذا الصدد، يقول د. طه عبد الحميد، أستاذ الصدر والحساسية بجامعة الأزهر، إن مكونات التبغ مليئة بالمواد المسرطنة، فيتم رش مزروعات التبغ بمادة «آر فينك» المسرطنة لمنع الآفات من إفساد المحصول، وبعد حرقه ينتج عنه مواد أخرى شديدة الخطورة مثل «القار» الذى يسبب تهيج الأغشية المخاطية المبطنة للشعب الهوائية فى الرئة، بالإضافة إلى «الهيدروكربون»، وأول أكسيد الكربون الذى يتحد بالهيموجلوبين وهى المادة الحاملة للأكسجين فى كرات الدم الحمراء، ويحل مكان الأوكسجين.

ويضيف أستاذ الصدر والحساسية، أن الأضرار التى يسببها تدخين التبغ جسيمة، ولها نتائج كارثية على المدى البعيد، فمكوناته تسبب تلف شعيرات الشعب الهوائية مما يعطل وظائفها، فضلاً عن حرق الغشاء المخاطى للشعب الهوائية، ليصل إلى أزمات ربوية تؤدى لنزلات شعبية مزمنة، ثم ربو شعبى، وصولا إلى ضيق الشريان التاجى وتضخم عضلة القلب، وغيرها من الأضرار الصحية.

ووفقاً لدراسة أمريكية نُشرت مؤخرا، فقد وجد الباحثون أن التبغ يسبب اضطرابا شديدا فى الجهاز العصبي، حيث يدمر الأعضاء المركزية فى المخ والدماغ، مما ينتج عنه الشعور المستمر بالصداع والدوخة، فضلا عن فقدان توازن الجسم، ويزيد الأمر إذا تحول التدخين إلى إدمان.

كما يسبب تثبيط نشاط الجهاز العصبى والدماغ، مما يؤدى إلى انخفاض فى معدل الذكاء مع ضعف القدرة على التذكر والاستيعاب، وأكدت الدراسة الأمريكية أن الطلاب المدخنين يعانون من تدنٍ واضح فى القدرات العقلية والنشاط الذهني، بالإضافة إلى الشعور بتوتر حاد فى الأعصاب نتيجة المعاناة من حالات شديدة من الأرق، مع الرغبة الكبيرة للاسترخاء والنوم دون القدرة على تحقيق ذلك، وتظهر هذه الحالات لمن يعتاد التدخين ليلاً وقبل الخلود للنوم.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لأن التبغ يسبب التهاب أعصاب العين، وضعف مستوى الإبصار، مع ظهور بعض من الأعراض الدائمة كسيلان الدمع المستمر من العين، واحمرار بياض العينين، كذلك ضعف القدرة العضلية للجسم، حيث أكدت الدراسات التى أقيمت على اللاعبين الرياضيين حديثى التدخين ظهور ضعف فى قدراتهم العضلية بمعدل 20% عما كانت عليه قبل التدخين.. ويؤدى أيضاً لانخفاض حاد فى القدرة على تمييز الروائح واستنشاقها، وضعف حاسة التذوق، وفقدان القدرة على الاستمتاع بمذاق الطعام.

مبيعات قياسية

يؤكد د. حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أنه وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، فإن التبغ يودى بحياة أكثر من 8 ملايين نسمة سنوياً، من بينهم أكثر من 7 ملايين يتعاطونه مباشرة، وحوالى 1٫2 مليون من غير المدخنين يتعرضون للدخان لا إرادياً، كما يعيش 80% من المدخنين البالغ عددهم 1٫3 مليار.

 

شخص على الصعيد العالمى فى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كما أنه وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التدخين يؤدى إلى الإصابة بحالات حادة من الأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي، ويتنفس حوالى نصف الأطفال بانتظام هواء ملوثا بدخان التبغ فى الأماكن العامة، كذا يفقد 65 ألف شخص حياته سنويا بسبب الإصابة بأمراض مرتبطة بالتدخين السلبي.

ويشير أستاذ الإدارة المحلية، إلى أن المصريين يدخنون نحو 200 مليون سيجارة يومياً متنوعة الأصناف، بين محلية وأجنبية، وفقاً لنتائج أعمال الشركة الشرقية للدخان.. كما حققت الشركة وفقا لبياناتها مبيعات قياسية فى السجائر المحلية خلال ثلاثة أشهر فقط بلغت نحو 17.5 مليار سيجارة أى حوالى 200 مليون سيجارة يومياً، بزيادة قدرها 1.4 مليار خلال الفترة نفسها فى العام المالى 2019-2020، عندما باعت نحو 16.074 مليار سيجارة.

ويقول إن مبيعات صنف سجائر «كليوباترا» الأكثر شعبية، بلغت نحو 10 مليارات سيجارة خلال الربع الأول من العام المالى الحالي، مقارنة مع 9.5 مليار خلال الفترة نفسها من العام المالى 2019-2020، مشيرة إلى أن الدولة تعول على ضرائب السجائر والدخان والتبغ بشكل كبير، كأحد الموارد الرئيسية للخزانة العامة للدولة، عندما قدرت قيمة هذه الضرائب خلال العام المالى الحالى بنحو 75 مليار جنيه.

ويضيف عرفة أن التقارير تشير إلى أن مصر احتلت المركز السابع من بين 20 سوقا تعد الأكثر تدخينا، حيث أتت بعد تركيا واليابان والولايات المتحدة، كما ستحتل المركز الرابع فى قائمة الأسواق الأكثر مبيعا للسجائر فى العام 2030، بعد أسواق الصين وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ويختتم بأهمية التوعية وحث المواطنين على ممارسة الرياضة من خلال الأندية ومراكز الشباب، والحد من عمل شركات التبغ، وتوقيع غرامات من قبل البلديات على المدخنين فى الأماكن العامة والمصالح الحكومية.

دراسات علمية

الحديث عن أضرار تدخين التبغ لا يتوقف، ولكن لماذا يصعب على المدخن الابتعاد عن هذه العادة السيئة؟، وفقا لآراء الأطباء فإن الأمر يرجع إلى أن أحد المكونات فى التبغ هو «النيكوتين» سريع الوصول إلى الدماغ، ويجعل المدخن يشعر بالنشاط لفترة من الوقت، لكن مع تلاشى هذا التأثير يزيد الشعور بالتعب وترتفع الرغبة فى تناول كميات أكثر من النيكوتين.

إذن، كيف يمكن للشخص الابتعاد عن التدخين؟، وفقا للدراسات العلمية، يعد الحافز المادى من الأمور الهامة للتوقف عن التدخين، ذلك لأن التدخين خسارة للأموال، خاصة مع ارتفاع الأسعار مؤخراً، وأظهرت دراسة نشرت فى مجلة New England الطبية، أن الأشخاص الذين لديهم حافز مالى للإقلاع عن التدخين حققوا نجاحاً، بعد 12 شهراً من المحاولة.

كما اقترحت منظمة «ترك التدخين»، شرب الماء عندما تبدأ الرغبة الحقيقية بترك التدخين، وإشغال الوقت بأشياء أخرى، مثل ممارسة رياضة مفضلة، أو مشاهدة عمل سينمائي، ويمكن أيضا وفقا للدراسات العلمية، استخدام بدائل النيكوتين، مثل بخاخات الأنف، العلكة، لصقات النيكوتين وغيرها من البدائل التى تقدم النيكوتين ببطء حتى تساعد المدخن فى التغلب على أعراض الإقلاع.

اقرأ أيضاً|مكافحة التدخين : مصر تستهلك أكثر من 80 مليار سيجارة كل عام