اللصوص الثلاثة قتلوا العريس ليلة فرحه بالشرقية

المجنى عليه
المجنى عليه

كتب: إسلام عبد الخالق

لم يدرِ «السيد حجاج»، الشاب الذي تخطى عامه الأول بعد الثلاثين، أن كده واجتهاده وحُبه لعمله سيكون سبيله إلى مغادرة الدنيا وما فيها، وأنه سيرحل فداءً لماله، وبين هذا وذاك سيختطف القتلة روحه قبل ساعات من فرحته الأولى بالإنسانة التي قرر الارتباط بها، وأن لصوصًا ثلاثة سينهون حياته بأبشع ما يكون دون أن يُمهلونه الفرصة لشراء أغلى الهدايا التي قد يجلبها أي شاب للفتاة التي اختارها زوجةً له.

 

على بُعد أمتار من وسط مدينة القُرين، تلك المدينة الهادئة التي يكد أغلب أهلها بحثًا عن المال الحلال، وفيما بعد يتنافس الشاب مع ذاته على إثبات قدرته على الزواج والارتباط، لكنه أكثر من رجال المدينة بدرجة سبقهم «السيد» وتغرب بعيدًا على الحدود الليبية، وهناك قضى سنوات ثلاث من عمره حتى حصد المال، إلا أن مرض والدته واكتشاف إصابتها بالسرطان كان القرار الحاسم في رجوعه إلى أحضان أهله،يرعاهم ويحلم يومًا كأبناء سنه بأن يجلب الزوجة التي تصونه وترعى مصالحه ويُحبها أهله ويُغدقون عليها حبًا.

 

عاد «السيد» قبل فترة ليست بالبعيدة، ومرت الأشهر حتى توفيت والدته جراء معاناتها مع مرض السرطان، وفيما بعد مرت الأيام حزينة على الجميع حتى جاء النبأ المُبهج بقرار «السيد» الارتباط أخيرًا بعدما جهز شقته وأعدها سكنًا له ولمن ستشاركه حياته، وخلال شهر رمضان الماضي دق قلبه وذهب رفقة والده بكل جوارحه إلى بيت أهل الإنسانة التي اختارها لتشاركه الحياة زوجةً وأمًا لأبنائه مستقبلا، واتفق الجميع على أن يكون الارتباط شفهيًا وأن تكون الجمعة قبل الأخيرة في شهر مايو الجاري موعدًا لشراء الذهب (شبكة العروس)، لكن اليوم الذي يسبق الجمعة كان حافلًا بكل مايؤلم الجميع.

 

الوداع الأخير

استيقظ «السيد» صبيحة الخميس الماضي، وكعادته غادر المنزل بعدما داعب الجميع وكأنه يودعهم، ورحل بعدما استقل دراجته البخارية ذات الثلاث عجلات (توك توك) مصدر رزقه وعمله، وبمنتصف ساعات اليوم استوقفه أحد الأشخاص في نطاق مركز ومدينة أبو حماد طالبًا منه توصيله إلى إحدى المناطق هناك، وفي الطريق رفع الراكب هاتفه وفي غضون ثوانٍ أجرى مكالمة بكلماتٍ قليلة تبعها إخباره لـ «السيد» أن هناك اثنين من أصدقائه سيستقلان العربة رفقتهما.

 

مرت الدقائق سريعًا وظهر الصديقان المزعومان للراكب، وما هي إلا لحظات حتى طلبوا من «السيد» تغيير وجهته ليمر عبر إحدى المناطق النائية، وهناك استوقفوه محاولين إجباره على الترجل من دراجته، قبل أن يستل أحدهم سلاحًا أبيض ويطعنه به ست طعنات أودت بحياته، وحينها تركوه مُضرجًا بدمائه واستقلوا عربة التوك توك ولاذوا بالفرار.

 

مر الوقت بطيئًا حتى لاحظ أحد المارة جثة سيد مُلقاة على قارعة الطريق، ليُبلغ بدوره الجهات الأمنية، وفي غضون دقائق حضرت قوات الأمن ورجال المباحث الجنائية في مركز شرطة أبو حماد إلى موقع البلاغ، وبالفحص وإجراء المعاينة الأولية لمسرح الجريمة؛ تبين وجود شبهة جنائية وأن المتوفى قد فارق الحياة جراء تعرضه لـ 6طعنات، إحداها طعنة نافذة في الرقبة أودت بحياته.

 

جرى نقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى أبو حماد المركزي، وبالعرض على جهات التحقيق في مركز شرطة أبو حماد قررت انتداب فريق من الطب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، وطلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها، وصرحت بدفن الجثة عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وسردت أسرة «السيد» تفاصيل ما جرى ودار وكيف قُتل نجلهم شر قتلة، مُطالبين بالقصاص من القتلة، وسط تأكيد من الجميع على أن الراحل كان في حاله لا يعرف عداوةً مع أحد، وأنه كان على بُعد ساعات من فرحته بالإنسانة التي قرر الارتباط بها، وبدلًا من أن يفرحوا لفرحته زفوه إلى قبره ومأواه الأخير.

 

الأسرة أكدت لـ«أخبار الحوادث»، أن «السيد» كان يُهاتف نسيبه قبل دقائق من مقتله، وكان المتوفى يتفق على موعد الذهاب لأجل شراء ذهب عروسته، وذلك على مسمع أحد الجناة الذي كان رفقته في عربته، مطالبين بتوقيع أشد العقوبة على الجناة الثلاثة الذين سرقوا نجلهم بعدما قتلوه شر قتلة.

 

بلاغ الواقعة

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا من مأمور مركز شرطة أبوحماد، يفيد بورود إشارة من مستشفى أبو حماد المركزي بوصول جثة شاب مقتولًا بعدة طعناتفي رقبته، وجرى التحفظ على الجثة في مشرحة المستشفى تحت تصرف جهات التحقيق بمركزشرطة أبو حماد، التي طلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها وأمرت بانتداب فريق من الطب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة، وصرحت بالدفن عقب الانتهاء من الصفة التشريحية.

 

وتوصلت التحريات إلى أن الجثة لشاب يُدعى «السيد محمد حجاج»، عمره 31 عامًا، مُقيم بدائرة قسم شرطة القُرين، وأن الوفاة وراءها شبهة جنائية؛ إذ تبين أن المتوفى كان يقود دراجته البخارية (توك توك) يعمل عليه، وأن الجناة قد تمكنوا من سرقة الدراجة البخارية.

 

جرى تشكيل فريق بحث جنائي بإشراف اللواء محمد والى مدير أمن الشرقية واللواء عمرو عبد الرازق مدير المباحث الجنائية وتوصلت الجهود إلى أن وراء ارتكاب الواقعة كل من: «محمد ر م»و«جمعة م ع» و«هيثم ص»، مُقيمين جميعًا في قرية الزهراء التابعة لنطاق ودائرة مركزشرطة الزقازيق، فيما تبين أن المتهم الأول كان قد تمكن من استدراج المجني عليه من مدينة أبو حماد لأجل توصيله إلى إحدى المناطق، وفي الطريق اتصل المتهم الأول هاتفيًا بالمتهمين الثاني والثالث لملاحقته لأجل سرقة الدراجة البخارية (توك توك) التي يقودها المجني عليه، وحين اجتمع الثلاثة أقدموا على الخلاص من المجني عليه وقتلوه بـ 6 طعنات، منها طعنة نافذة في رقبة المجني عليه.

 

عقب تقنين الإجراءات تمكنت الأجهزة الأمنية في مركز شرطة أبو حماد من ضبط المتهمين الثلاثة، وبمواجهتهم أقروا بما أسفرت عنه التحريات، وأن المتهم الأول هوَّ المُدبر وأنه من أنهى حياة المجني عليه، فيما تحرر عن ذلك محضر بالواقعة، وبالعرض على جهات التحقيق بمركز أبو حماد وجهت النيابة للمتهمين الثلاثة تهم القتل العمد المُقترن بالسرقة، وقررت حبسهم جميعًا على ذمة التحقيقات.