د. يحيى هاشم يكتب: المياه الافتراضية وتحديات المستقبل

د. يحيى هاشم
د. يحيى هاشم

نعيش في عالم سريع المتغيرات كثير التحديات، يفرض علينا مواقف يعد التعامل معها إجباريا  رغما عن كل الظروف و خاصة عندما يتعلق الامر بالمياة فهي سر من أسرار الحياة لا يمكن الاستغناء عنها و لا يمكن ان نفرط فيها، و لكن علينا أن نحقق الاستثمار الأمثل للمياة  بكل الطرق والوسائل لأن ما يتم إهداره من المياة لن نتمكن من استعادته أبدا.

ومن هنا بدأ علماء الجغرافيا في طرح مفهوم جديد و هو "المياة الافتراضية" و  هي تمثل كمية المياة العذبه المستخدمة في  كافة العمليات الصناعية التي يخرج منها السلع و المنتجات المختلفة  و قد ارتبط ايضا هذا المفهوم بمصطلح جديد و هو " تجارة المياه الافتراضية " فهي تمثل حجم المياة الافتراضية المرتبطة بالسلع و المنتجات التي يتم تصديرها و استيرادها .

لذلك فقد رأى علماء الاجتماع ضرورة تسليط الضوء مجتمعيا على مفهوم  " المياة الافتراضية " و زيادة الوعي المجتمعي بقيمة المياة العذبة المستخدمة من اجل حصول المجتمع على ما يحتاج اليه من سلع  مختلفة ليكون هناك استراتيجية    سياسية اجتماعية اقتصادية  تحدد لنا  ما هي الصناعات التي تستهلك مياة عذبه بشكل مكثف فنبدأ في زيادة الاستيراد منها  بدلا مو تصنيعها بكثافة و كذلك معرفة الصناعات التي تستهلك اقل قدر من المياة العذبة لنقوم بانتاجها و تصديرها الى الخارج و هذا بالتالي سينعكس على حجم المياة الافتراضية التي نستهلكها دون ان نجد بديلا لتحقيق التنمية المستدامة لها .

وهذا ما يدفعنا كعلماء اجتماع إلى طرح ثقافة مجتمعية جديدة حول مفهوم "المياة الافتراضية "و مفهوم" تجارة المياة الافتراضية  " حتى نحقق الاستثمار الامثل لكل قطرة مياه على ارضنا .

وقد جائت أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ بشأن توفير المياة و الحفاظ عليها داعمة لمفهوم "المياة الافتراضية " و ضرورة الحفاظ على المياة بشكل عام.

لذا وجب علينا الحفاظ على التوازن في ميزان المياة الافتراضية لنحقق معادلة هامة ترسم استراتيجيات التصدير و الاستيراد للسلع و المنتجات على اساس نصيبها من المياة المستهلكة و كذلك خلق ثقافة مجتمعية لديها الوعي لترشيد الاستهلاك في استخدام المنتجات ذات الاستهلاك الصناعي العالي من المياة  و الحفاظ على المياة بشكل عام .

إن مواجهة المشكلات المجتمعية و خاصة مشكلة المياة بطريقة ناجحة يتطلب منا جميعا طرح رؤى و افكار جديدة غير تقليدية لنتمكن من  تغيير الصورة الذهنية  لدى المجتمع في طرق حل المشكلات و النظر الى اي مشكلة بعين الطائر من اعلى حتى نتمكن من وضع حلول تمكنا من خلق مستقبل أفضل.

ويحتم الواجب الوطني علينا جميعا ان نزيد وعي المجتمع و نعمل علو تنويره وتثقيفه بكل ما هو جديد ومفيد لكي نتغلب دائما على التحديات من اجل هذا الوطن العظيم مصر أم الدنيا كلها و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين.