رئيس قطاع الآثار المستردة: لن نترك أي قطعة خرجت من مصر بطريقة غير شرعية

حاميها حراميها.. مدير متحف اللوفر السابق يتاجر في الآثار.. والقضاء الفرنسي يحقق

جان لوك ماتينيز المدير السابق لمتحف اللوفر
جان لوك ماتينيز المدير السابق لمتحف اللوفر

كتبت: مي السيد

◄المتهم والعصابات الدولية زوّروا وثائق لغسل الآثار المنهوبة

تفجرت قضية كبرى خاصة بتهريب الآثار داخل المجتمع الفرنسى الأسبوع الماضى، بطلها مدير متحف اللوفر السابق، الذى تم اتهامه بالاشتراك مع عصابات دولية للتغاضى عن عمليات التهريب مقابل مبالغ مالية، وكان من بين تلك القطع لوحة تعود للملك توت عنخ آمون خرجت من مصر بطريقة غير شرعية خلال أحداث يناير.


وسائل الإعلام الفرنسية اهتمت بالموضوع على نطاق واسع، ونشرت تقارير مختلفة حول الواقعة والاتهامات الموجهة لمدير المتحف السابق، الذى يعمل سفير فرنسا الرسمى للتعاون الدولى فى قضايا التراث حاليا، والذى من المفترض أن يقود الجهود لحماية القطع الأثرية المعرضة لخطر النهب والتدمير فى مناطق النزاع، ومع تحول القضية لرأى عام خرجت السلطات القضائية الفرنسية ببيانات حول تفاصيل الجريمة.

 

صحيفة لوموند الفرنسية كشفت معظم التفاصيل الكاملة للقضية ، حيث أن خبر القبض على مدير المتحف لم يكن وليد اللحظة بل سبقه إعداد مكثف من قبل المحققين الدوليين الذين اعتبروا قضية مدير متحف اللوفر ما هى إلا جزء من قضية تهريب كبرى.

قرر قاضى التحقيقات القاضى جان ميشال، بعد اطلاعه على تفاصيل التحريات، احتجاز مدير المتحف السابق جان لوك ماتينيز، وأيضا أمين قسم الآثار المصرية، فانسان روندو، وعالم المصريات أوليفييه بيردو، وطبقا للصحيفة فإن العالمين تم إطلاق سراحهما فيما بعد دون توجيه اتهامات إليهما.

 

تم احتجاز مدير متحف اللوفر داخل مقر المكتب المركزى لمكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية فى فرنسا، حيث وجه إليه القاضى تهمة تهريب الآثار وغسيل الأموال والتواطؤ والاحتيال المنظم، وتم وضعه رهن التدابير الاحترازية خوفًا من الهرب، واتهمه بأنه تغاضى عن شهادات منشأ مزورة لخمس قطع من العصور المصرية القديمة، عندما كان فى ذلك الوقت عضوا فى لجنة الاستحواذ فى متحف اللوفر.

 

إقرأ أيضاً | «واشنطن بوست»: الاكتشافات الأثرية الجديدة في مصر تنعش صناعة السياحة

وبدأت التحقيقات مع جان لوك ماتينيز الذى شغل منصب رئيس مؤسسة متحف اللوفر فى الفترة من 2013 إلى 2021، مع شراء متحف اللوفر فى عام 2016 للعديد من الآثار المصرية، مقابل عشرات الملايين من اليورو، حيث كان من بين هذه الآثار على وجه الخصوص شاهدة من الجرانيت الوردى منقوشة، مختومة بالختم الملكى لتوت عنخ آمون، وهى قطعة نادرة جدا كونها سليمة.

كنز آثري

وتعتبر تلك القطع الأثرية المصرية واحدة من الكنوز كما وصفها عالم المصريات، مارك جابولد، الذى خصص لها 47 صفحة علمية فى المجلة المتخصصة فى علم المصريات «إيجبتولوجى ريفيو»، ونشرت فى مارس 2020، والتى وصفها بأنها  كنز، كونها أثر غير معتاد بالنسبة للملك الذي تعرضت مبانيه، باستثناء القبر للتدمير».

وأثبتت التحقيقات المبدئية أن تلك الشاهدة التى تعود للملك توت عنخ آمون تم العبث بها من قبل خبير الآثار، كريستوف كونيكى، والتاجر روبن ديب، وأنهم قدموا وثائق مزورة واختلقوا أصولا مزورة «لغسل» مئات القطع الأثرية المنهوبة من دول مختلفة فى الشرق الأوسط.

وقالت وسائل الإعلام الفرنسية؛ إن تلك الآثار انتقلت من يد التجار والخبراء عبر شهادات مزورة لتمريرها وتهريبها عبر الحدود، وكشفت أنه تم فتح تحقيق عام 2018 من قبل المكتب المركزى لمكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية فى الإتجار الواسع بالآثار المنهوبة.

وأكد مكتب المدعى العام الفرنسى أنه تم الإفراج عن مدير المتحف تحت إشراف قضائى بعد أن تم توجيه تهم إليه تتعلق بـ 5 قطع أثرية ثمينة تقدر قيمتها بنحو 8.5 ملايين دولار، وبيعها تحديدًا لمتحف متروبوليتان للفنون فى نيويورك، وأشارت وسائل الإعلام أن مدير المتحف ينفى الاتهامات ويصر على أنه تصرف بحسن نية، زاعما عدم ارتكاب أى مخالفات فى عملية الاستحواذ على القطع.

الآثار تتابع

ومن ناحيته صرح الدكتور شعبان عبدالجواد، رئيس قطاع الآثار المستردة والمهربة بوزارة السياحة والآثار، بأن سرقة الآثار تديرها «مافيا»، وكل يوم يتم اختراع طريقة جديدة فى التهريب، كاشفًا أن الإدارة تتابع سير التحقيقات مع مدير اللوفر السابق، مشددًا على أن أى قطعة أثرية خرجت من مصر بطريقة غير شرعية ستعود إلى موطنها الأصلى وسنطالب بإسترداد جميع القطع التى تنتمى للحضارة المصرية وخرجت بطرق غير شرعية من كل بلدان العالم.

وقال رئيس قطاع الآثار المستردة والمهربة؛ إن الوزارة أصدرت قائمة حمراء بالقطع الأثرية التى تم جردها بمقتنيات مؤسسات معروفة عالميا، لافتًا أن تلك القطع الأثرية تمثل أنواع الممتلكات الثقافية الأثرية المحمية قانونيًا والمعرضة لخطر الإتجار غير المشروع، وشملت القائمة الحمراء تماثيل من عصر ما قبل الأسرات «العصر العتيق والعصر الفرعونى والعصر النوبى» مثل تماثيل من الفخار والمعادن والأحجار، وأوانى وحاويات من الفخار والأحجار وعناصر جنائزية وعناصر معمارية وبورتريهات دينية أو طقسية وعملات ومخطوطات.

أشهر الآثار المهربة

وتبذل الدولة المصرية جهودًا مكثفة لعودة الآثار المهربة، وكان باكورة هذه الجهود استلام النائب العام المستشار حمادة الصاوى لـ114  قطعة أثرية من باريس، تعود لحقب مختلفة من الحضارة المصرية، حيث تضم قطع تعود لعصور ما قبل التاريخ والدولة الوسطى والدولة الحديثة وحتى العصور المتأخرة.

 

ومن أبرز القطع الأثرية المصرية التى مازالت تشهد مناقشات حول إعادتها لمصر، رأس نفرتيتى، والتى تتمتع بشهرة واسعة فى كافة أنحاء ألمانيا، وحجر رشيد فى لندن، والذى تم اكتشافه فى 19 يوليو عام 1799 على يد مجموعة من الجنود الفرنسيين قرب مدينة «رشيد»، واستولى عليه الفرنسيون بعد فشل الحملة الفرنسية، وتمكن العالم الفرنسى «شامبليون» من فك رموزه، وبعد فشل الحملة الفرنسية على مصر عام 1801، واستولت عليه القوات البريطانية وتم نقله إلى بريطانيا، ويعرض حاليا فى المتحف البريطانى فى لندن.

 

وأيضا لوحة الزودياك الموجودة حاليا فى متحف «اللوفر» بفرنسا، وتمثال «حم ايونو» وزير الملك «خوفو» والمهندس المعمارى المسئول عن بناء الهرم الأكبر، ويوجد حاليا فى متحف «رومر بيليزيوس» بمدينة «هيلدسهايم» الألمانية، وتمثال «عنخ حا أف»، والذى يعرض حاليا فى متحف «بوسطن للفنون» بالولايات المتحدة، وقناع «كا نفر نفر» الجنائزى ويعود تاريخه إلى عصر الأسرة التاسعة عشر الفرعونية، وهو حاليا فى حيازة متحف «سانت لويس للفنون» بولاية «ميزورى» الأمريكية، إضافة إلى 8 مسلات مصرية فى روما تم الاستيلاء عليها ونقلها إلى روما خلال الغزو الرومانى لمصر.