لچينى وربع ابتسامة

لچينى وربع ابتسامة
لچينى وربع ابتسامة

بقلم : حسين عبد العزيز

بخطى منتظمة وسريعة كخطوات رجال الجيش تتحرك لچينى دون أن تعير أحداً انتباهها، وكأنه مرسوم لها سيناريو تتحرك من خلاله فى ممرات كلية الآداب أو حتى وهى تتحرك فى شوارع الجامعة التى تمضى فيها آخر عام.


وبعد أن ينتهى هذا العام سوف تعود إلى مدينتها التى ولدت وتعيش فيها مع أسرتها المكونة من أب يعمل مهندس كهرباء، وأم تحب الرسم والموسيقى والقراءة بكل أنواعها، فهى خريجة فنون جميلة، لكنها وجدت فى أن تمارس الفن فى بيتها ومع أولادها أفضل حالاً، وبالفعل تحول البيت الى متحف فنى بكل معانى الكلمة، فكل حوائط الشقة تزينها لوحات لها ولغيرها من الزملاء فى الكلية، والكثير من لوحات فنانين عالميين، وخصوصا الفنان جوجان، الذى أحبته وأحبت عالمه من رسومات وأفلام كتبها وأخرجها، وأيضاً لوحات للفنان الفرنسى الجزائرى «إتيان ديتيه» والذى ترى فى لوحاته تميزاً فنياً لا مثيل له وتدعو كل من يزورها لكى يتأمل لك اللوحات وما تقوله وما لا تقوله، وأيضاً من يرى بنتها الوحيدة «جنى» فيقول إنها فنانة أو راقصة باليه دون أدنى شك، وهى، أى جنى، كذلك.


ورغم أن الفرص كلها متاحة فى مدينة قاهرة مثل القاهرة إلا أن لچينى لم تحبها وقضت سنوات الدراسة على أعصابها، بل أخذت تتخيل اليوم الذى سوف تنتهى من دراستها لتعود إلى قريتها منية سندوب التى تعد الباب الجنوبى للمدينة اللعوب. 


ودائماً تنعت القاهرة بألفاظ قاسية، وفى إحدى المرات قالت عنها إنها مثل المرأة اللى وشها مكشوف، فلا أدب ولا حياء من أى نوع تقول هذا وفى أوقات كثيرة لذيذة.


فجأة لحظ الطالب يعقوب الفتاة التى ما أن يراها حتى ينخلع قلبه من مكانه ويخرج يجرى فى كل الأماكن، بل فى آخر مرة رآها من أسبوع فخرج من مكانه فى قفصه الصدرى، وتسلق شجرة ضخمة، لكى يحسن النظر إليها، وبقى الفتى العاشق أسبوعاً كاملاً يعيش بدون قلب، لأنه فشل فى أن يعيد قلبه إلى مكانه، بعد تمكنه من الهروب من محبسه فى قفصه الصدرى من شدة هيامه بالفتاة التى ما أن يقع نظره عليها حتى يرتفع نبطه وكأنه عداء مسافات قصيرة ١٠٠ متر عدو.


تحرك يعقوب وهو غير واع بنفسه إلى أين يتحرك أو يتجه. اقترب منها وحاول أن يلفت نظرها بأى كلمة أو همسة، فلم يجد أى استجابة أو رد فعل، فوجد لسان حاله يقول «للصبر حدود، للصبر حدود يا حبيبى» فالتفت إليه وعلى شفتيها ربع ابتسامة، لا يمكن ضبطها على وجهها، فتلقف يعقوب تلك الهدية، وفعل كما فعل عبد الحليم حافظ عندما «مسك الهوى بإديه».. و«طار فوق، فوق» وهو غير واع بما فعلته ليچنى فيه بربع تلك الابتسامة.

اقرأ ايضا | صفحات من كتاب «الترابيس» لأبو القاسم رشوان رائد مدرسة «السرد الفاتن»

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا