خالد محمود يكتب: قضايا سينمائية ملحة على مائدة الحوار الوطنى

خالد محمود
خالد محمود

وبما أننى أنتمى لبلد ذو جذور كبيرة فى الفن والثقافة، وكان لها مكانتها وتأثيرها الكبير على مدار التاريخ محليًا وعربيًا، بل وكان لها تواجدها العالمي، وأشعر أن تلك المكانة، وقفت عند مرحلة معينة دون أن تساير التطور وما حدث فى العالم، وربما تخلت عن أحلامها فى أن تنضم لتلك النهضة واليقظة الفنية التى تؤمن بها الحكومات والشعوب، ومن هذا المنطلق تعالوا معا نجعل ساحة الحوار الوطني مكانا لإعادة طرح الأحلام، ووضع نقاط محددة لتحقيقها، دون شعارات أو توصيات تنضم لنظيرتها فى الأدراج، وهى بحق فرصة لجموع السينمائيين والمهتمين بهذا الشأن لتعويض ما فاتنا. 

لابد أن يطرح على مائدة الحوار الوطنى عدة نقاط أولها: مصير السينماتيك المصرى، المتحف القومي للسينما، ذلك الكيان الذى يطالب به الجميع منذ عشرات السنوات دون أن يخرج للنور، لابد من لحظة مكاشفة حقيقية والإجابة على تساؤل مهم حول مصير هذا السينماتيك، وتحديد ميعاد لتشييده وافتتاحه، تعلمون ما مدى أهمية ذلك للتاريخ، ونحن دولة صاحبة تاريخ مصنفين كإحدى الدول الرائدة فى صناعة السينما، لسنا أقل من دول صغيرة فى المنطقة، وغيرها أصبح عندها سينماتك، ومتاحف قومية للسينما تتباهى بها أمام العالمية. 

النقطة الثانية، التى أتمنى أن يناقشها السينمائيون على مائدة الحوار الوطنى هى إعاقة مسألة تصوير الأعمال الأجنبية فى مصر، فصناع السينما فى العالم يدركون جيدا قيمة مصر جغرافيا وتاريخيا كأرض خصبة لتصوير أفلامهم هنا، وخاصة تلك التى تتعلق بقصص تاريخية وغيرها من أفلام الحركة التى تدور بعض أحداثها هنا، وكما تعلمون أن تصوير الأفلام الأجنبية من شأنها أن يدخل البلاد ملايين الدولارات، ويساهم فى تشغيل آلاف من العمالة، التى تستفيد خبرات جديدة وتتطور، وربما تكون هذه الأعمال متنفس جديد لبعضهم للمشاركة فى أعمال أجنبية، كما حدث فى الأردن والمغرب وتركيا.. نريد أن تكون مصر قبلة تصوير الأفلام العالمية.

إن كثير من صناع السينما يرغبون أولا بتصوير أعمالهم فى مصر  لأن ديكوراتها الطبيعية هى الأصل، ولأنهم يدركون أنها ستمثل إضافة وبريق لأعمالهم لكنهم يواجهون إجراءات روتينية قاسية، عوائق كثيرة توقف تنفيذ المشروع، وبالتالى يذهبون إلى المغرب والأردن وإيران وتركيا والسعودية فى الطريق، لتصوير أعمالهم هناك، وتحرم مصر من عملة صعبة مضمونة ومن سمعة ومكانة هى تستحقها، أرجو أن توضع النقاط على الحروف فى هذا الحوار، فالدخل الكبير من تصوير هذه الأعمال يمكنه أن يساهم فى نهضة كبرى للمنشآت السينمائية فى كافة أنحاء مصر، وهنا يتطرق الأمر إلى أهمية النظر إلى حال استديوهاتنا الكبرى التى تحتاج إلى تطوير، وهى جزء من تاريخنا، لا يمكن أن نتخلى عنه، لابد أن تعود مرة أخرى استديوهات الأهرام ومصر وجلال للتألق، بالإضافة لبناء دور عرض جديدة، فى كافة محافظات مصر، بل وإنشاء استديوهات بالمحافظات كل منها يعبر عن هويتها ليكون متنفس لشباب السينما الموهوبين ليصنعوا فيها مشاريعهم.

أيضا لابد أن يضع الحوار الوطنى النقط على الحروف فى مسألة دعم الإنتاج السينمائى سواء للأفلام الكبرى، أو الدعم الخاص بالمشاريع، ونتساءل لماذا توقف؟، وما هى المشكلة، وهل بالفعل هناك 200 مليون جنيه سنويا مخصصة من الحكومة لدعم السينما سنويا منذ سنوات، ولماذا لم نر نتائجه فى الواقع؟.

النقطة الأخرى، هى وضع تصور لدعم كبار السينمائيين من المخرجين الذين ابتعدوا عن الساحة وضرورة عودتهم، وهم الذين يمكنهم عمل توازن فى شكل الخريطة السينمائية محليا وإقليميا ودوليا، بجوار الأجيال الأخرى من الشباب، فلا توجد صناعة فى العالم تتخلى عن كبار مبدعيها، انظروا إلى المهرجانات الكبرى مثلا كان وبرلين وفينيسيا، ستجدون تواجد مهم وكبير لكبار المخرجين فى العالم “سنا وابداعا ومقاما”، فالفن لا يعرف عمرا.