المعركة ليست جنودا وسلاحا فقط.. حرب إلكترونية بين روسيا وأوكرانيا

الحرب الإلكترونية بدأت مبكرا
الحرب الإلكترونية بدأت مبكرا

كتب: خالد حمزة

قبل الغزو الروسى لأوكرانيا، كانت هناك موجة من العمليات الإلكترونية ضد أهداف أوكرانية، أدت لتعطيل المواقع المصرفية والحكومية الأوكرانية، ونسبت بريطانيا والولايات المتحدة الهجمات إلى روسيا، وعندما دخلت القوات الروسية شرق أوكرانيا، عطل قراصنة الإنترنت عشرات الآلاف من أجهزة امودمب الإنترنت عبر الأقمار الصناعية فى أوكرانيا وعبر أوروبا، وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن روسيا كانت وراء العملية، ويبدو أن الغزو الروسى دشن جبهة جديدة لم تستخدم خلال أى حرب فى العصر الحديث بشكل مُكثف، وهى شبكة الإنترنت.

 

القصة تعود لـ2015، عندما أدى اختراق شبكة كهرباء فى أوكرانيا إلى إيقاف إمدادات الطاقة، لأكثر من 200 ألف شخص لست ساعات، كما تسبب هجوم آخر 2016 فى انقطاع التيار الكهربائى عن العاصمة كييف وفى 2017 ليلة الاحتفال بيوم الدستور الأوكرانى، قام قراصنة، قالت المملكة المتحدة إنهم من الجيش الروسى بشكل "شبه مؤكد"، بوضع برمجيات خبيثة فى برامج المحاسبة التى تستخدمها معظم المؤسسات الحكومية والمالية فى أوكرانيا، ووصلت تلك البرمجيات لنظام مراقبة الإشعاع فى مفاعل تشيرنوبيل، كما أثّرت على الشركات حول العالم بما فى ذلك فى روسيا.

 

وتعرضت أوكرانيا لثلاث موجات رئيسية من هجمات حجب الخدمة الموزعة منذ يناير الماضى، تضمنت محو بيانات عدد صغير من نظم الحاسب الآلى الأوكرانية وبمجرد بدء الغزو الروسى لأوكرانيا، طالب مسئولون أوكرانيون شركات التكنولوجيا التى يعتمد عليها الكثيرون فى الحصول على المعلومات ومواد الترفيه، بأن تلعب دورا مؤثرا فى الحرب، ومع بداية الحرب، انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعى، عبارة عن الشاعر الروسى بوشكين، ورقم 7 وصفوف من المشاة على شكل الإيموجى، وكانت الرسالة واضحة لمن يهمهم الأمر، أما  المكان فهو ميدان بوشكين فى موسكو، والدعوة هى للاحتجاج فى ذلك الميدان فى الساعة السابعة ضد الحرب، وتستخدم تلك الشعارات بعد أن منعت الاحتجاجات غير المرخصة فى روسيا منذ عام 2014، ويمكن أن يُحكم على المخالفين بالسجن لمدة 15 يوما، وفى حال تكرار المخالفة، يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن لمدة خمس سنوات.

 

 

الحرب على الإنترنت، لم تقتصر على ذلك فقط، فهناك متصيدون إلكترونيون روس يتظاهرون بأنهم مستخدمون مؤيدون لأوكرانيا، يشاركون الصور على تويتر وفيسبوك من دول حول العالم، ويدعون أنهم من أوكرانيا، والعكس يحدث أيضا فى إطار الحرب النفسية، التى لا تقل أهمية عن الحرب فوق الأرض، وذهبت بعض الصفحات لمقارنة الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى الذى نجح فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بامتياز فى مخاطبة العالم، إلى تشبيهه بأبطال خارقين مثل أبطال مارفل، وفى بعضها الآخر تحول ملبسه العسكرى البسيط الذى يخاطب به العالم الافتراضى الى موضة! فى حين أن عبارات من الحرب مثل تفاعل القوات الأوكرانية مع سفينة حربية روسية، تحولت إلى صور وقصص كوميكس.

 

وظهر حساب مزيف لناشطة هندية على وسائل التواصل الاجتماعى، يستخدم  صورتها لدعم فلاديمير بوتين، وهذا الحساب المزيف هو جزء من شبكة تروج للرئيس الروسى على تويتر، التى تظهر على ما يبدو دعما للحرب الروسية على أوكرانيا، فى دول مثل الهند وباكستان وجنوب أفريقيا ونيجيريا وسوريا.، وتتبع هذه الحسابات بعضها البعض، وفى بعض الأحيان تنشر رسائل تخاطب العواطف، أو ترسل رموز القلب التعبيرية لبعضها البعض، وهم يديرون هذه الحسابات المؤيدة لبوتين مع حسابات أخرى، تظهر على أنها تابعة للاتحاد الروسى، وهناك حسابات تنتحل شخص فلاديمير بوتين، رغم أنه أحد قادة العالم القلائل الذين لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى، ولا يوجد حساب رسمى على فيسبوك باسمه، ومن المعروف أنه لا  يمتلك حتى هاتفا ذكيا، لكن البعض ملأ الفراغ الذى خلّفه غيابه عبر الإنترنت.

 

وكانت هناك صفحة أخرى لبوتين تنشر بالعربية، كان يديرها شخص سورى، اجتذبت ما يقرب من مليون متابع، قبل أن تختفى، وبالمقابل لتلك الصفحات المؤيدة للحرب ولبوتين شخصيا كما تقول صحيفة التليجراف البريطانية، هناك المزيد من الرقابة داخل روسيا على وسائل التواصل الاجتماعى، مع حظر تويتر وفيسبوك، وعدم السماح للمستخدمين الروس بالنشر على منصة تيك توك، وبسبب موقف تلك المنصات من حسابات العديد من المواقع الإخبارية المدعومة من موسكو خلال الحرب، وربما يكون جدار الحماية العظيم فى الصين، هو مزيج من الإجراءات التشريعية والتقنيات التى تفرضها الصين لتنظيم الإنترنت محلياً، أوضح مثال على كيفية قيام دولة ما بإنشاء شبكة الويب الخاصة بها، وفى إيران يتم مراقبة محتوى الشبكة والمعلومات الخارجية بصورة محدودة من شركة الاتصالات الإيرانية العامة.

 

وكانت روسيا نفسها تختبر شبكة إنترنت خاصة بها مبنية على أساس الإنترنت الحالى، وليس كنسخة الصين المبنية من الألف إلى الياء محليا، ونفت روسيا منذ ذلك الحين أنها ستعزل نفسها عن خدمة الإنترنت العالمية، قائلة إن الاختبار يتعلق بحماية المواقع الإلكترونية الروسية من الهجمات الإلكترونية الأجنبية، والآن ستتجه أنظار روسيا مرة أخرى إلى بكين، فى وقت تسحب شركات الإنترنت الكبرى الخدمات والمنتجات منها، وتسعى روسيا لذلك بقوة، مع تزايد هجمات القرصنة الإلكترونية عليها خاصة مع اندلاع الحرب الأوكرانية، فقد زادت مجموعة القرصنة الإلكترونية الناشطة المعروفة باسم "أنونيموس" على شن  الهجمات على روسيا، منذ إعلانها شن "حرب إلكترونية" على الرئيس فلاديمير بوتين، ردا على حرب أوكرانيا، ومنها هجوم  ضد شبكات التلفزيون الروسية.

 

وقالت إنها تمكنت من السيطرة على بث القنوات التلفزيونية لمدة 12 دقيقة، وتقول أنونيموس إنها تمكنت من تعطيل مواقع إنترنت روسية وسرقة بيانات حكومية، وظهرت مجموعة القرصنة الإلكترونية النشطة للمرة الأولى فى عام 2003، والمجموعة ليس لها قادة وتروج لنفسها على أنها "حشد كبير" من القراصنة المجهولين حول العالم، وبإمكان أى شخص أن يزعم أنه ينتمى للمجموعة، ويقوم بهجمات إلكترونية لأى غرض، وشعارها هو قناع "جاى فوكس" الذى اشتهر بعد أن استخدمه الكاتب آلان مور فى  رمز الثأر التى تدور حول شخص ثورى فوضوى.

 

وتمتلك هذه المجموعة العديد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى، ويبلغ عدد متابعى صفحتها على موقع تويتر وحده نحو 15.5 مليون متابع، وهناك مجموعة أخرى من القراصنة الإلكترونيين اسمها "ساندوا أوكرانيا"، وقامت باختراق موقع وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس، ومن المجموعات الأخرى التى اندمجت مع أنونيموس، فرقة قرصنة إلكترونية بولندية، وأنشأت الفرقة موقعا على شبكة الإنترنت يسمح للأشخاص بإرسال رسائل لأرقام هواتف روسية عشوائية، تتحدث عن حقيقة ما يجرى فى الحرب، وتزعم الفرقة أنها ساعدت فى إرسال 20 مليون رسالة نصية ورسالة عبر تطبيق واتساب.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا