الانتقام بأثر رجعى .. حيلة طيور الظلام الجديدة

 السوشيال ميديا
السوشيال ميديا

كتب: محمد كمال

برغم الجانب المهم والمضيء للسوشيال ميديا فيما يتعلق بتواجد الفنانين المستمر عليها وتفاعل الجمهور معهم ومع أعمالهم، إلا أن هناك جانب مظلم في المسألة يتعلق بأن هذه المواقع أصبحت تمثل أوكار تعشش فيها طيور الظلام، وأخذت منها ملاذا وسلاحا لمحاربة ليس فقط الفنانين بشكل شخصي، لكن الفن بشكل عام، فالهدف هو النيل من الفن في صورة مهاجمة الفنانين، ووصل الأمر إلى حد الانتقام منهم بشكل فيه تطاول وإساءة شخصية لهم ولعائلتهم، فلم يعد الأمر يتوقف على مهاجمة أعمالهم الفنية فقط، فالجديد الآن، وما بدأت تعبر عنه «طيور الظلام»، هي فكرة الانتقام بأثر رجعي، وبشكل منظم وممنهج.


فنانون كثر لديهم ما يشبه ملفات لدى «طيور الظلام»، ستظل تطرح لهم على السوشيال ميديا إذا قدموا أي عمل، ويأتي في مقدمتهم رانيا يوسف، التي بمجرد طرح عمل لها ستتم العودة تلقائيا إلى تريند «البطانة»، ونفس الحال المطربة شيرين عبد الوهاب وأحمد الفيشاوي وغيرهم، لكن أكثر المواقف التي تم استخدام فكرة الانتقام بأثر رجعي كانت منذ أكثر من عام تقريبا، عندما تم الإعلان عن اختيار الناقد أحمد شوقي - مديرا فنيا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي - وبدلا من الدخول في اختلاف مهني حول أحقية شوقي بالمنصب، استخدم المعارضون منشور كان شوقي قد كتبه عام 2012، أي منذ ما يقرب من 8 أعوام، وتطور الأمر إلى تحول إلى تريند، أجبر شوقي على تقديم إعتذاره عن مهمته، وأضطر رئيس المهرجان وقتها، المنتج محمد حفظي، إلى القبول، نزولا على الضغوطات الكبيرة التي مثلتها السوشيال ميديا، والتي ساهمت بشكل كبير ومباشر في اتخاذ هذا القرار.

 

وكان آخر الفنانين الذين تعرضوا للانتقام بأثر رجعي، أحمد حلمي، بعدما طرح أحدث أفلامه «واحد تاني»، والذي تصدر الإيرادات في موسم عيد الفطر، لكن «طيور الظلام» لم يتطرقوا إلى تقديم نقد فني منطقي لفيلم حلمي الذي يحمل الكثير من النقاط التي يمكن الخلاف عليها، من حيث الاتفاق والرفض فنيا في حدود الفيلم، لكنهم طاروا بعيدا عن السرب، وبدأ شكل الانتقام من حلمي يسير في اتجاه تقديم الإساءة الأخلاقية لزوجته منى زكي، من خلال الدور الذي قدمته في فيلم «أصحاب ولا أعز»، والذي عرض على منصة «نتفليكس» في شهر يناير الماضي، أي منذ 4 أشهر، والمضحك في الأمر أن لمنى زكي فيلم تم طرحه في نفس الموسم أيضا، وهو «العنكبوت»، والذي تشارك في بطولته مع أحمد السقا وظافر العابدين ومحمد ممدوح وريم مصطفى ويسرا اللوزي ومحمد لطفي وأحمد فؤاد سليم وزكي فطين عبدالوهاب، ورغم تخمة النجوم المتواجدين في الفيلم، إلا أن دور منى الذي قدمته كان الأبرز، وحضورها كان الأفضل على مستوى الفيلم، وقدمت أداءً أشاد به الجميع، رغم وجود بعض التحفظات على الفيلم، مع ذلك لم يتطرق «طيور الظلام» إلى هذا الفيلم، وكأنه لم يكن موجودا، وكأنها لم تكن ضمن الأبطال، وظلوا مرتكزين على مهاجمتها وتقديم الإساءة لها على فيلم سابق، والذي مر عليه شهور، ومن هنا جاءت معظم تعليقات «طيور الظلام» تجاه حلمي، لتخرج وتحدث عن زوجته وعن فيلمها السابق، وليس عن حلمي أو فيلمه.

 

وقبل حلمي كان خالد الصاوي، والذي قدم مردود جيد خلال تقديمه دور القيادى الإخواني خيرت الشاطر في الجزء الثالث من مسلسل «الاختيار»، وبنفس طريقة الانتقام بأثر رجعي قام «طيور الظلام» بإتهام الصاوي بأنه منافق ويحمل إزدواجية كبيرة، عن طريق إعادة طرح منشور على مواقع السوشيال ميديا كان الصاوي قد كتبه على صفحته عام 2012، أي منذ ما يقرب من 10 أعوام، والذي ظهر فيه الصاوي وهو يدعم محمد مرسي، ويرفض أي تدخل عسكري تجاه الرئيس المدني المنتخب، وهو الأمر الذي لم ينكره الصاوي، بل قام بالرد عبر صفحته على موقع «فيس بوك» بمنشور جاء فيه: «لما تجيب لي كلام من سنين وأنا مخدوع فيك ومش بعاديك ولا بنكر حق الناس تختارك فدي حركة ضدك أنت، الجماعة انكشفت بإرهابها وخيانتها فكان من الطبيعي أن ينقلب عليها، وهو ما حدث من أغلب أبناء الشعب المصري»، وبعد هذا الأمر بأيام قليلة، قام الصاوي بزيارة موقع الحادث الإرهابي الذي أستهدف جنودنا في نقطة رفع المياه غرب سيناء، وظهر الصاوي أثناء تلك الزيارة مرتديا زي الجيش، وشارك في غرس شجر زيتون لمحو آثار الدمار الإخواني الإرهابي، وكتب منشور آخر على صفحته قائلا: «في نفس موقع العملية الإجرامية بنغرس شجر زيتون لمسح آثار الخراب الإخواني الإرهابي الخائن، نعطي الأهالي الأمل ونتكاتف مع أبطالنا، ده الفرق، إحنا ولاد مصر، وهم مرتزقة حلف الهيمنة، قتلة الأبرار، ممن حق عليهم القول، نفد رصيدهم من تسامحنا، وخاب رجاؤهم مع أسيادهم غربا وشرقا، أمريكا وذيولها لم تنقذ أوكرانيا، وتركيا وأذنابها لم تتورط في ليبيا، ونحن نراقب، ونترقب ومعنا أهالينا بسيناء، يد تغرس الزيتون، ويد تحمل الخلاص».

 

الانتقام من الفن والفنانين لم ولن يتوقف من قبل «طيور الظلام»، فهو الأمر الذي سيظلوا محلقون من خلاله على مواقع السوشيال ميديا، لكنه لن يستمر لأن الشعب المصري واع محب لبلاده، ومدرك للسموم التي تنشر على هذه المواقع، وسيكون سبب في سقوطهم السريع، فمثلما حدث مع الفنانين الذين تعرضوا لحملات هجوم قوية بعد أن قدموا أعمالا وطنية، وفي مقدمتهم كريم عبد العزيز وأحمد مكي في الجزء الثاني من مسلسل «الاختيار»، وأحمد عز وهند صبري في مسلسل «هجمة مرتدة»، وتكرر الأمر في رمضان 2022، فأكثر الفنانين الذين كانوا أكثر تعرضا لمكائد «طيور الظلام» هم من قدموا الأعمال الوطنية المخابراتية أيضا، وجاء في المقدمة هذا العام ياسر جلال بعد الأداء البارع والتجسيد الرائع لشخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي في الجزء الثالث من «الاختيار»،  وكانت اللجان الخاصة بـ«طيور الظلام» تقدم إساءات يومية لياسر جلال من خلال التهكم والسخرية على أدائه الذي أشاد به الجميع، ونفس الأمر تعرض له بقية أبطال المسلسل أحمد السقا الذي قدم دور ظابط في المخابرات الحربية وكريم عبد العزيز الذي كان ظابطا في الأمن الوطني وأحمد عز الذي تواجد في المخابرات العامة تلك الجهات التي حملت لواء حماية البلاد في تلك الفترة العصيبة.

 

ونفس الأمر تعرض له الثلاثي أمير كرارة وأمينة خليل ومحمود عبد المغني أبطال مسلسل «العائدون» الذي يعد إستمرار لدور المخابرات العامة في حماية مصر بعد ثورة 30 يونيو، وذلك استكمالا لما بدأ في العام الماضي بمسلسل «هجمة مرتدة»، وفي النصف الثاني من شهر رمضان، وبعد بداية عرض مسلسل «بطلوع الروح» الذي شارك في بطولته منة شلبي وأحمد السعدني وإلهام شاهين، فقد تعرض الثلاثي لانتقام شديد من «طيور الظلام»، خاصة إلهام شاهين التي قدمت دور «أم جهاد» - إحدى القيادات في مدينة الرقة التي اتخذتها «داعش» عاصمة لدولتهم في سوريا - ومنذ ظهور شخصية «أم جهاد» في الحلقة الخامسة، بدأت «طيور الظلام» انتقامها من إلهام، والتي عبرت بدورها عن سعادتها بالمشاركة في المسلسل، وأنها اعتادت على هذه الأمور، بل وأنها تنتظر هذه الطرق الانتقامية مع كل عمل تقدمه في المستقبل.