قصص من 3 محافظات.. أجهزة «القياس» تزيد معاناة الأطفال مصابي السكر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

◄بوابة أخبار اليوم ترصد معاناة أطفال السكر من محافظات مختلفة

◄أجهزة غير دقيقة النتائج ...والشرائط لا تكفى المرضى 
◄رئيس هيئة التأمين الصحي لم يرد على محاولات الأتصال حول ما رصدناه  

 

أنامل صغيرة مليئة بثقوب وخز الإبر، هكذا تحولت كفوف الأطفال مرضى داء السكري، من البراءة للشقاء، نتيجة لخلل في جهاز المناعة مما يؤدي لتوقف البنكرياس عن إنتاج الانسولين بأجسامهم، إذ أصيبوا بالمرض من نوعه أول.
يُعالَج السكري باستخدام نوعين من الأنسولين (أنسولين قاعدي طويل المدي، وآخر سريع المفعول قبل الوجبات)، وتعتبر الطريقة الأفضل عالمياً تماشياً مع طبيعة المرضى الاطفال وهي المتبعة في مصر ومعتمدة في هيئة التأمين الصحي.
ويتم تحديد جرعة الأنسولين السريع قبل الوجبات بناءً على قياس نسبة السكر في الدم ومقارنتها مع طبيعة وحجم الوجبة عن طريق (نظام الكارب) أو (نظام النقاط)، مما يستلزم قياس نسبة السكر في الدم قبل الوجبة وبعد الوجبة بساعتين.

 

منذ شهر ظهرت مشكلة حقيقية تهدد حياة أطفا السكري، حيث أعلنت الهيئة عن إيقاف صرف شرائط قياس نسبة السكر وذلك نظرا لارتفاع تكلفتها وعدم توافرها، وبعد ذلك اعلنت عن توفير جهاز جديد لقياس السكر (من نوع CareSens S Fit ) يتم صرفه لجميع المرضي وكذلك سوف يتم صرف الشرائط الخاصة به وبعدد اكبر، لكن مع بداية استخدام الجهاز ظهرت مشاكل عدة في محافظات مختلفة تشكو من عدم دقة قراءات الجهاز بوابة أخبار اليوم تواصلت مع المرضى للبحث فى حقيقة الأمر .


الإسكندرية 
يعاني محمد  عبد القادر والد الطفل حمزة الذي لم يتعد عامه الرابع ويقطن   منطقة زهراء السيوف من نتائج الجهاز الجديد وليس وحده، إذ يصل عدد الأطفال المصابين بمرض السكر في الوحدة الصحية التي يتردد عليها لـ 1500 حالة طفل سكري.


وعند علم الاهالى بوجود جهاز جديد بديل عن القديم المستخدم «اكيو تشيك»، لم يكن هناك أي اعتراض على التعامل مع الجهاز الجديد، ولكن لم يكن سوى ما يقرب من 800 جهاز فقط وظل نصف العدد لم يأخذ الجهاز الجديد .
ولكن من قام باستخدام الجهاز الجديد لاحظ وجود فرق كبير في نتائج القراءة للجهاز عند المقارنة بالجهاز القديم  .

 

وعند المقارنة بين القياس الأول وجد عبد القادر أن هناك فرق 20 درجة وحينها تعامل بشكل طبيعي لأنه فرق مقبول وفي تاني مرة للقياس كان الفرق مائة درجة وهو غير مقبول تماماً.

 

تقدم والد الطفل بشكوى لرئاسة مجلس الوزراء تحمل رقم 5013425 وبعد أيام تلقى اتصالا من أحد العاملين بالشركة الموردة للجهاز ليخبره أنه سوف يأتي له لعمل معاينة للجهاز للكشف عن الثغرات أو المشاكل التقنية به، لكن لم يأت أحد حتى تاريخ كتابة هذا التحقيق للبت في مشكلة الجهاز.

 

فما كان من الأب إلا بوقف التعامل مع الجهاز الجديد والاعتماد على الجهاز القديم وشراء والأشرطة الخاصة بالجهاز على حسابه الخاص والتي يصل سعرها لـ 200 جنيه وتحمل 50 اختبارا فقط أي أنه إذا قام بتوفير عدد الاختبارات في اليوم الواحد لـ 10 مرات سيحتاج كل 5 أيام عبوة بـ 200 جنيه، في حين أن التأمين الصحي يقوم بصرف ثلاث عبوات فقط، وهي تكن كافية لسد احتياج الطفل  لمدة أسبوعين لا غير.

 

اقرأ ايضاً: رحلة «بسملة وجودي» مع المستشفيات.. أجهزة «القياس» تزيد معاناة الأطفال مصابي السكر

 
عدد مرات القياس
 
يقول عبد القادر إن جهاز  «أكيو تشيك بيرفورما» مضبوط وقراءاته منطقية جدا بخلاف الجهاز الجديد.
وأوضح أنه يقوم بقياس نسبة السكر في الدم لطفله قبل الإفطار وبعده بساعتين، وقبل الغداء وبعده بساعتين وكذلك في حالة العشاء، ومرة في السابعة  صباحا  لقياس نسبة السكر الصايم وأخرى وقت  الفجر وقت النوم فهو يوقظة من نومه المستغرق معبراً: «لازم أصحيه وأديله حاجة مسكرة لتثبيت نسبة السكر لو منخفضن ثم أقيس بعدها بربع ساعة لو لم يرتفع يهدد بتلف في خلايا المخ وبعدها كمان بساعة».


في حالة نسبة القياس أوضحت ان السكر مرتفع يتم إعطاء جرعة تصحيح من الأنسولين  بدون أب طعام لخفضه، ولابد من القياس بعدها بساعة حتى ينخفض تماماً، لذا يحتاج المريض  لقياس نسبة السكر في الدم 14 مرة على مدار 24 ساعة .

 

الشرائط لا تكفى 
 الأزمة الثانية التي تواجه مرضى السكرمن الأطفال فيتم صرف ثلاث علب من الشرائط الخاصة بجهاز القياس في الشهر الواحد ورصدنا من محافظات مختلفة أنه قد يتم صرف ثلاث عبوات وأحياناً أخرى علبتان ويصل عددها  50 شريطا في العلبة الواحدة، وفي حالة صرف ثلاث علب نجد أن إجمالي الشرايط يصل لـ150 شريطا، وهي لا يكفى عدد الوخزات التى يحتاجها المريض فى الشهر لذا يلجأ أهالى المريض لشراء العلب على حسابه الخاص   ويصل سعر العلبة الواحدة لـ199 جنيه حسبما رصدنا سعرها فى منطقة القصر العينى بالشارع الخاص لبيع المستلزمات الطبية بسعر الجملة .

 


لم تكن المشكلة متعلقة بوحدة بعينها من وحدات التأمين الصحي ولكن رصدنا العديد من حالات الأطفال الذين يعانون من نتائج القياسات الخاطئة الخاصة بالجهاز الجديد. 

محافظة الدقهلية 

عانت الطفلة ملك وائل لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها، أحد ساكني منطقة ميت غمر التابعة لمحافظة الدقهلية من نتائج القرأت الخاطئة للجهاز الجديد الذى تم صرفة من إحدى مستشفيات التأمين الصحي .

 

منذ عام ونصف اصيبت الطفلة بمرض السكرالمزمن نتيجة خلل مناعي أصابها لكن مع صرف الجهاز الجديد وأخذ الجرعات اللازمة من الأنسولين وفقاً لقراءة الجهاز تسبب لها عدم إتزان وتدهورت حالتها الصحية للأسوأ.

 

تشكك والد الطفلة من نتائج الجهاز خاصة وأنها نتائج غير معتادة لنسبة السكر في الدم الخاصة بصغيرته، وعند المقارنة بين جهازين أخرين لقياس السكر كانت النتائج مختلفة تماماً عن الجهاز الجديد وهو ما دفعه للبحث عن نوع الجهاز وهل هو ضمن الأجهزة المعتمدة فى السوق .

 

أسفرت نتائج بحثه عن وجود خمسة أجهزة معتمدة في السوق لكن لم يظهر ضمنها أسم الجهاز الجديد .
قام بكتابة منشور فى إحدى المجموعات التي تضم أطفال مرضى السكر على إحدى منصات التواصل الاجتماعي ليجد أنه ليس بمفرده وتفاعل معه العديد من أهالي المرضى ليعبروا عن غضبهم من نتائج القياس غير الدقيقة للجهاز الجديد وأنه قد يودى بحياة أطفالهم للهلاك .


«مريض السكر مصاب بداء مزمن يعني للأسف مالوش علاج وأي انتكاسة مضاعفاتها خطيرة لأن طبعا السكر مرض مناعي مضاعفاته لايعلمها الا الله فنرجوا الاهتمام بصحة أطفال المستقبل» لم يجد والد الطفلة أى طوق نجاه سوى أن يقدم شكوى لرئاسة مجلس الوزراء برقم 5034590 وكذلك لهيئة الرقابة الأدارية برقم 4513 .

 

  محافظة الجيزة 
لم تختلف معانة محمد ماجد، من محافظة الجيزة عن الشكاوى الأخرى التى رصدناها فقد رزقه الله بطفل لم يتجاوز السابعة من عمره، ولكن شاءت له الأقدار أن يحمل مرض السكر وهو عن عمر يناهز الثلاث سنوات، لكن كان له مطالب مشروعة باسم مرضى السكر، وهي المطالبة بتوفير أجهزة قياس نسبة السكر بالدم بدون وخز - ما يعرف بأجهزة ( Free Style Libre ) ، حيث أنها أكثر دقة وأكثر أمانا وأقل ألماً للأطفال حيث تغني عن وخز أصابع أطفالنا لإجراء التحليل (٩ مرات يوميا علي الاقل ).


ويقول الأب: «نطالب مؤقتا بإعادة توفير شرائط قياس نسبة السكر بالدم من نوع ( Accu-Check Performa )  نظراً لكون نتائجها اكثر دقة من الجهاز الجديد، وبصورة تكفي لتنفيذ اقل المتطلبات الطبية اليومية (٩مرات)، وذلك لحين توفير اجهزة القياس بدون وخز».

 

ومن جانبه يضيف خالد الخشاب، استشاري السكر وغدد  الأطفال بجامعة القاهرة، أنه  ـلا يمكن ان يجزم بأن هذا الجهاز به مشكلة، ولكنه يرى من خلال تعامله مع المرضى أن هناك مشكلة واضحة في قراءة الجهاز الجديد لنسبة السكر، واتضح ذلك من خلال تحاليل الدم لنسبة السكر التي أسفرت عن عدم دقة القياسات التى يقرأها الجهاز .


كما اتضح أن هناك فروقات كبيرة فى قراءة نسبة السكر في الدم، مشيراً إلى أنها فروقات كبيرة، فهناك فروقات مقبولة تتراوح من 5 لـ10% من القياس، وفي حالة تخطي نسبة القياس لأكثر من 10% يصبح هناك مشكلة واضحة، وهذا ما حدث من كثير من مستخدمى الجهاز لحصولهم على نتائج غير مقبولة.
 
وأكمل: لابد أن يتم مراجعة هذه الشكاوى من قبل لجنة علمية مختصة لعمل معايرة للجهاز ومقارنته بالأجهزة الأخرى بشكل علمي، موضحاً أن ما يمكن أن يترتب على القراءة الخاطئة نسبة السكر في الدم.


ويضيف الخشاب: «من الممكن أن يشير الجهاز إلى أن نسبة قياس السكر في الدم جيدة وفي الحقيقة أن مستوى السكر لدى المريض منخفض جدا وهو ما يتسبب في أخذ المريض جرعة أنسولين فيتسبب في حدوث هبوط، وبالتالي لن يتم التعامل مع المريض سريعاً  وقد يحدث له تشنجات عصبية  أو الدخول فى غيبوبة»، لافتا إلى أن ارتفاع السكر يسبب غيبوبة أو حموضة كيتونية وهي معدل حرق الجسم للدهون للحصول على الطاقة وفي حال تراكمها تسمى حموضة كيتونية .
 
 صمت رسمي
 
على مدار أيام متتالية قبل نشر التحقيق، حاولت بوابة أخبار اليوم التواصل مع الدكتور محمد ضاحي، رئيس هيئة التأمين الصحي، لمعرفة كيف تم التعامل مع تلك الشكاوى، ولكن كل محاولات الاتصال عبر الهاتف أو تطبيق "واتس اب" أو الرسائل النصية لم تسفر عن رد.