رحلة «بسملة وجودي» مع المستشفيات.. أجهزة «القياس» تزيد معاناة الأطفال مصابي السكر

بسملة وجودي
بسملة وجودي

أن يكون لديك طفل مريض سكر فهي صدمة كبيرة، أما عدم قدرتك على علاجه بالشكل السليم فهي كارثة تهدد الحياة.. هذا هو حال المصابين الصغار بهذه المرض المزمن والذي شكا أهاليهم من صرف أجهزة سكر غير دقيقة القياسات، مما يؤدي إلى تعاطي جرعات أنسولين غير مناسبة.
 
بسملة من أكتوبر
ظلت بسملة 7 أيام طريحة الفراش تحاصر جسدها الهزيل أجهزه طبية تخرج من أوردة يدها اليمنى «كانيولا» ليتدفق من خلال وريدها الضعيف محاليل طبية حتى تبقيها على  قيد الحياة، ومن اليد الأخرى تخرج كابلات طبية تتصل بتلك الأجهزة التى تظهر شاشاتها لأرقاماً لتسفر عن حالتها الصحية».. هكذا كان مشهد الطفلة بسملة محمد حسنى البالغة 15 عاماً داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى الهرم.
في منتصف سبتمبر الماضي استيقظت بسنت خالد والدة الطفلة بسملة التي تقطن منطقة الحي الرابع بمدينة السادس من أكتوبر التي لم تتجاوز الخامسة عشر عاماً من العمر،  بوجه شاحب وجسدٍ هزيل، لاحظت الأم أن ابنتها ليست على ما يرام بسبب نومها المستمر وعدم القدرة على بذل أي مجهود وصاحب ذلك خسارة فى الوزن كبيرة باتت واضحة بشكل ملحوظ لكل من يراها، فظهر عليها أعراض الوهن، وصاحبه أعراض للجفاف والظمأ رغم محاولتها في الارتواء بشرب الماء، إلا أن تلك المحاولات بائت بالفشل وازداد شعورها بالظمأ.

 

اقرأ أيضا:
الهاربون من النظرات..الأمراض الجلدية فى مواجهة التنمر

 

«أول ما الجهاز قرأ قياس مرتفع اتجننت».. تشككت الام في البداية بأن مرض فقر الدم «الأنيميا عاد مجدداً ليطارد ابنتها، فقد عانت من تلك الأعراض قديماً، باختلاف شعور ابنتها بالظمأ وتكرار دخولها المرحاض، ولكن عند شعور ابنتها بفقدان الاتزان، بدأت الأم في قياس نسبة السكر بالدم لدى ابنتها من خلال جهاز قياس السكر لدى والدها، وقعت نتيجة القياس كالصاعقة .

 مستشفى اكتوبر
«مين اللى هيقيس السكر ؟..بنتي» اتجهت الأم لأقرب صيدلية لمعرفة نسبة السكر في الدم تحسباً لكون الجهاز يبدو معطلا، ولكن كانت النتيجة كما هي، وفي تمام الثامنة مساء هروّلت الأم بصحبة ابنتها لمستشفى السادس من أكتوبر باعتبارها الأقرب وفقاً للمحيط السكني، لكنها أخفت عن ابنتها حقيقة ما أخبره الجهاز، وأخبرتها أنهن عليهن الذهاب للمستشفى لقياس نسبة الإنيميا.

«هنحلل نسبة الأسيتون ولو عالى هتدخل العناية المركزة».. هكذا أخبرها طبيب الطوارئ الذي استقبل حالة بسملة ولم يمر سوى دقائق وأخبرها ـن الطفلة لابد وأن توضع في العناية المركزة لارتفاع نسبة الأسيتون «التي تحدد نسبة السكر في الدم»، حيث وصلت النسبة لـ 3 وهي النسبة الأعلى التي يمكن للمريض الوصول إليها وتسفر بمدى خطورة حالته الصحية.

لم تستوعب الأم تلك العبارات القاتلة التي ترددت على سمعها، لا تدرى سبب إصابة ابنتها بمرض السكر فليس لديها سكر وكذلك والدها أصيب به وهو بنهاية الأربعين من عمره فضلاً عن عدم وجود احداً بالعائلة مصاب بهذا المرض .

بدأت الطفلة تدخل فى حالة من فقدان الوعى "غيبوبة " وأصبحت قدماها تلتف حول بعضها البعض وأعتصر قلب أمها الماً لأنها لم تستطيع تحمل تكلفة الرعاية بالمستشفى ، فما كان منها إلا بالتوجه  ذهبت لمستشفى الشيخ زايد لان بها جزء يشمل  التأمين الصحي، وبنتي بدأت في مراحل الغيبوبة ورجليها بدأت تلف على بعضها .


اقرأ أيضا:
رغم انتشاره الواسع.. لماذا لم تنتصر مناعة القطيع على أوميكرون؟

 

 مستشفى الهرم
«بنتك عندها سكر دائم ولابد من أخذ جرعات من الأنسولين»، هكذا أخبر الأم طبيب الاستقبال بمستشفى الهرم بعدما أجرى بعد الفحوصات الطبية في منتصف الليل ، ليتم وضعها في إحدى غرف العناية المركزية  لمدة 7 ايام، بدون طعام ولا شراب فقط تعتمد على المحاليل الطبية.

لم تتمكن الأم من التقاط أنفاسها حتى تجد أن شقيقتها الصغرى جودي التي لم تتعد عامها الثاني، تعاني من نفس الأعراض بل أعادت نفس المشهد مجدداً بكافة مراحلة لتجد الأم مسئولة عن رعاية طفلتيها من مرض السكر لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة في صرف الجهاز الخاص بقياس السكر من مستشفى التأمين الصحي.

أخبرها الطبيب المعالج أنه قد يكون الإصابة لدى الطفلتين بمرض السكر من ستة أشهر، ويرجح أنهما تعرضتا لخلل مناعي أو لفيروس قام بمهاجم البنكرياس وتأثر بشكل كبير وعجز عن فرز الإنسولين الذى يحتاجه الجسم  .

 

جهاز قياس السكر
توجهت الأم بصحبة الطفلتين لمستشفى التأمين الصحي بالهرم لصرف أجهزة لقياس السكر والشرايط الخاصة به وكذلك  صرف حصتهم المخصصة من جرعات  الانسولين .
بدأت الأم في الانتظام بصرف مستحقات أطفالها من جرعات العلاج  وكان حينها يخصص التأمين الصحى جهاز "اكيو تشيك يورو فورما" وهو جهاز معتمد ومفضل لدى المرضى لدقته فى نتائج القياس .
«الشرايط مش هتتصرف تاني خالص وتم وقف التعامل مع الشركة لأنها تكلفة عالية جدا على الدولة منذ مارس الماضي، تم وقف الشرايط المستخدمة لقياس «اكيو تشيك» وتم صرف جهاز جديد للمرضى «كارسينس» ومعه الشرائط الخاصة به، وعندما سألت عن سبب صرف جهاز جديد أخبرها أحد الموظفين بأنه تم وقف التعامل مع الشركة المصنعة للجهاز لم تبال بالأمر واهتمت فقط بصرف الجهاز وجرعات الشرايط المستخدمة معه لكن مع استخدام الجهاز الجديد فوجئت الأم بنتائج غير مألوفة للجهاز الجديد فهى أعتاد الجرعات التي يحتاجها أطفالها وكذلك نسبة الأنسولين في الدم لديهم.

تشككت الأم في نتائج القياس مما دفعها للمقارنة بين جهاز قياس السكر لوالدها والذي كان يعتمد على جهاز «أكيو تشيك»، وبيّن الجهاز الجديد ووجدت أن النتيجة مختلفة تماما، حيث قرأ الجهاز القديم 177  والجديد 293  مما أصابها بالذعر فوفقاً للنتائج المختلفة للجهاز، ما قد يدفعها لإعطاء الطفلة جرعات زيادة من الأنسولين تهدد حياتها.

وفي اليوم التالي استنجدت الطفلة بوالدتها «ماما انا بترعش ومش قادرة اقف على رجلي» قامت الأم بتكرار قياس نسبة السكر عبر الجهاز بالجديد ليخبرها ان نسبة السكر 133 ، مما يؤكد أن مستوى السكر في الدم  مضبوط، وكررت القياس بالجهاز القديم ليخبرها أن نسبة السكر 54 وهذا يدل على أن الطفلة تعانى من هبوط مستوى السكر في الدم.

شكوى لأعلى مستوى
اتصلت الأم بمجلس الوزراء وقدمت شكوى تحمل رقم 4984541.. وتلقت اتصالا من أحد أفراد وزارة الصحة ليقول لها أنه تعاقد رسمي عبر الوزارة .


تواصلنا مع المتحدث الإعلامي لوزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، ليخبرنا بأن المعلومات متاحة بشكل كامل مع  رئيس هيئة التأمين الصحي الدكتور محمد ضاحي.

وأشار «عبد الغفار» أنه على علم بالمشكلة وعند مراجعة رئيس هيئة التأمين الصحي أخبره أن المثبت عندهم خلاف ذلك.

وبالتواصل مع رئيس هيئة التأمين الصحي للرد حول تلك المشكلة لم يتم الرد علينا حتى الآن، ونواصل محاولة التحدث إليه للرد على الشكاوى.

لقراء باقي التحقيق تابعونا ..