مسجد الشيخ العريان .. تحفة أثرية معمارية بباب الشعرية

مسجد العريان
مسجد العريان

تزخر مدينة القاهرة  بمئات المساجد الأثرية التى تسجل تاريخ فترة من الفترات وهى الشهيرة بمدينة الألف مئذنة  ومن أبرز هذه المساجد الأثرية، أو مسجد العروسي؛ وهو مسجد أثري يحمل رقم 600 بسجلات وزارة الآثار، حيث وافقت لجنة حفظ الآثار العربية على تسجيله كأثر بجميع أجزائه عام 1935م. وهو يقع بشارع العروسي المتفرع من شارع باب البحر بمنطقة باب الشعرية بالقاهرة في مواجهة مسجد أحمد الزاهد.

وعن أسباب تسمية المسجد بهذين الاسمين يقول الباحث الأثرى د. حسين دقيل أن بالنسبة لتسميته بـ العريان فلأنه يُنسب إلى الشيخ أحمد بن حسن النشرتي الشهير بالعريان، الذي ولد في أوائل القرن الـ 12 الهجري/ الـ 18 الميلادي. وقد أنشأ المسجد عام (1184هـ/ 1770م) وهو نفس العام الذي توفي فيه. وجاء في تاريخ الجبرتي أن الشيخ العريان: "هو الولي العارف بالله الشيخ أحمد بن حسن النشرتي الشهير بالعريان، وكان من أرباب الكرامات والأحوال. ولد في أوائل القرن الثاني عشر للهجرة، وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب وكان إذا قرأ قارئ بين يديه وأخطأ يقول له: قف إنك غلطت".

ويصف الجبرتي ملبسه وأحواله فيقول: "كان يلبس الملابس الخشنة وهي جبة صوف، وعمامة صوف حمراء يتعمم بها على لبدة من صوف، ويركب بغلة سريعة العدو، وملبسه دائما على هذه الصفة، فكان شهيرا بالذكر يعتقده الخاص والعام. ويأتي الأمراء والأعيان لزيارته والتبرك به فيأخذ منهم دراهم كثيرة ينفقها على الفقراء المجتمعين عليه".

أما تسمية المسجد باسم العروسي فهو نسبة لـ شيخ الأزهر الشيخ أحمد بن موسى بن داوود أبو الصلاح العروسي الشافعي الأزهري الذي ولد 1213هـ وقد عرف بالعروسي نسبة إلى بلدة منية عروس. وهي قرية منيل عروس بأشمون بالمنوفية حاليا. وكان قد ارتبط الشيخ العروسي بـ الشيخ العريان ارتباطا كبيرا، واختص به اختصاصا زائدا فكان لا يفارقه سفرا ولا حضرا، حتى إن الشيخ العريان زوج إحدى بناته للشيخ العروسي، وبشره بمشيخة المسجد الأزهر فتحققت بشارته. 

والشيخ مصطفى العروسي - رحمه الله - هو شيخ الأزهر الـ 20 في سلسلة مشايخ الأزهر، وكان قد تلقى العلم على يد والده الإمام محمد العروسي شيخ المسجد الأزهر أيضا، وعلى أيدي كبار علماء ومشايخ الأزهر. وكان الإمام الشيخ العروسي قوي الشخصية حريصا على النظام والدقة، فخافه الطلاب وهابه المشايخ والأمراء، وكان الشيخ العروسي لا يخشى إلا الله، حريصا على تنفيذ أوامر الشريعة الإسلامية، بدقة متناهية دون تنازل أو تراخ، وحرم غير الأكْفَاء من التدريس في المسجد الأزهر. ولكن لأول مرة في تاريخ مشيخة الأزهر أصدر الخديو إسماعيل قرارا بعزل الشيخ العروسي من منصب المشيخة دون تقديم أسباب أو مبررات لذلك العزل، وتم ذلك عام 1287هـ..

ويشير د. حسين دقيل إلى أن الجبرتي يحكى عن ذلك، فيقول: "وأنشأ مسجده أي الشيخ العريان تجاه مسجد الزاهد بجوار داره وبنى بجواره صهريجا وعمل لنفسه مدفنا وكذا لأهله وأقاربه وأتباعه واتحد به الشيخ أحمد العروسي واختص به اختصاصا زائدا فكان لا يفارقه سفرا ولا حضرا، وعلى كل من ضريح الشيخ العريان والشيخ أحمد العروسي مقصورة عملها ذرية الشيخ العروسي، وله مولد يعمل كل سنة".

ويصف علي مبارك المسجد في خططه، فيقول: "يشمل المسجد على ستة عشر عمودا من الرخام غير عمودي المحراب، وكان قد حصل فيه خلل فعمره ناظره الشيخ مصطفى العروسي وقام بشعائره جميعها، وبأعلاه مكتب وله أوقاف جارية عليه".

فالمسجد مستطيل الشكل، ومساحة الصلاة فيه مقسمة إلى أربعة أروقة بواسطة ثلاث بائكات، والأروقة موازية لجدار القبلة. البائكتان الأولى والثانية من ناحية جدار القبلة تتكون كل منهما من خمسة عقود من نوع حدوة الفرس. البائكة الثالثة تتكون من ستة عقود. وترتكز العقود في الوسط على أعمدة من الرخام وعلى الجدران في الجوانب الأخرى. ويتوسط حائط القبلة محراب مجوف على كل من جانبيه خزانة حائطية. تتوج حنية المحراب طاقية فوقها عقد مدبب، وعلى يمين المحراب منبر من الخشب. 

والمئذنة تقع على يمين المدخل الرئيسي للمسجد بالنسبة للواقف أمام الواجهة. وقاعدتها مربعة قصيرة يعلوها منطقة مثمنة تعلوها قمة بصلية الشكل رقبتها طويلة ويعلو القمة هلال.  أما السبيل، فما تزال واجهته القديمة محتفظة بطابعها الجميل، وإن تغيرت معالمه الأصلية من الداخل لتعدد استخداماته في العصور التالية لبناء المسجد.

أما القبة الضريحية التي دفن بها الشيخ أحمد العريان، فهي تقع في الركن الشرقي للمسجد في صدرها محراب. وبأركان الضريح الأربعة توجد ثلاث مقرنصات تقوم فوقها القبة مباشرة وبين المقرنصات في الجهات الأربع توجد نوافذ قنديلية، المستطيل منها مملوء بالخشب الخرط والدائري منها مملوء بالجص المعشق بالزجاج الملون ومثل هذه النوافذ توجد في أعلى جدار القبلة. وفى الجانب الجنوبي للمسجد يوجد ضريح أخر يوجد به الشيخ أحمد العروسي وأولاده الذكور الأربعة.

 ،

 

اقرأ أيضا : مذكرة تفاهم بين آغاخان والآثار لتطوير منطقة الدرب الأحمر