هل تتمكن أوروبا من الاستغناء عن النفط والغاز الروسي؟

ارتفعت تكاليف الطاقة منذ الغزو الروسى لأوكرانيا
ارتفعت تكاليف الطاقة منذ الغزو الروسى لأوكرانيا

كتبت : مروى حسن حسين

على خلفية الصراع الأوكرانى، تقول مجلة إزفيستيا الروسية إن العلاقات أصبحت بين الصين والاتحاد الأوروبى أكثر تعقيدا، حيث تطالب بروكسل بكين بالإنحياز لجانب الغرب والتعهد بعدم مساعدة موسكو في الالتفاف على العقوبات.

بينما تدفع الأحداث في أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد، للاقتراب من الولايات المتحدة. الصين لا يعجبها الأمر، لكنها مضطرة لأخذ ذلك بالحسبان. على الرغم من ذلك، فلا بروكسل ولا بكين فى صدد إضعاف العلاقات الثنائية بينهما، نظرا لأن الصين أكبر شريك تجارى للاتحاد الأوروبى. الاهتما م الأكبر  للرئيس الصينى شى جين بينج هو عدم ربط بكين بما يحدث فى أوكرانيا والاستمرار فى الحفاظ على موقف محايد.

 كما انها لن تنتقد روسيا أو تفرض عقوبات عليها، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أم فى المنصات الدولية سوف تستمر السلطات الصينية بمراقبة ردة الفعل العالمية على ما يحدث، وكلما زاد تكاتف الغرب، قلت فرصة دعم بكين لموسكو خوفا من الوقوع تحت عقوبات ثانوية.

تعد روسيا عملاق المحروقات، والعائدات من النفط والغاز، وقد طالب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى الاتحاد الأوروبى بوقف استخدام هذه الطاقة معتبرا أن موسكو عبر ذلك «لن تمتلك المال بعد الآن لهذه الحرب».

ولا يزال الاتحاد الأوروبى يعتمد بشدة على النفط والغاز الروسيين، وقد أكد وزير الاقتصاد الألمانى أن بلاده ستكون قادرة على تجاوز حظر نفطى روسى بحلول نهاية عام 2022، حيث يبدو أنه يدعم عقوبات أكثر صرامة.

ومع ذلك، قالت المجر إنها تعارض مثل هذه الخطوة، ولن تدعم الإجراءات التى قد تعرّض الإمدادات للخطر. واجتمع وزراء الاتحاد الأوروبى الأسبوع الماضى لمناقشة كيفية إدارة الوضع، تحت ضغط مكثف للحد من تدفق الإيرادات التى تدعم الحرب الروسية فى أوكرانيا.

وأعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبى يستعد لإنهاء اعتماده على النفط الروسى ووقف مشترياته منه بنهاية العام الجارى. لكن المجر وسلوفاكيا سوف يُسمح لهما بالاستمرار فى شراء النفط الخام الروسى حتى نهاية 2023.

وفقا للتعاقدات الحالية.. كانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت فى مارس الماضى أنها سوف تقلل وارداتها من الغاز الطبيعى الروسى بواقع الثلثين فى عام واحد.

وأعلنت الولايات المتحدة حظرا كاملا على وارداتها من النفط والغاز والفحم الروسى بينما قررت المملكة المتحدة أنها سوف توقف استيراد النفط من روسيا بنهاية العام الجارى. وفى المقابل، حذرت روسيا من أن فرض حظر على صادراتها من النفط قد يؤدى إلى «عواقب وخيمة تنعكس سلبا على السوق العالمى».

وعلى الرغم من العقوبات المفروضة عليها، ضاعفت روسيا من أرباحها الناتجة عن بيع الوقود الأحفورى للاتحاد الأوروبى، وفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، وهو ما جاء نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية للنفط والغاز الطبيعى.

ويستعد الأوروبيون لإدراج الفحم على قائمة العقوبات ضد روسيا لكن إذا كان يبدو للاتحاد الأوروبى من السهل نسبيا الاستغناء عنه وكذلك عن النفط، إلا أن وقف مشتريات الغاز هو موضوع حساس أكثر.

وأصدر الرئيس الأمريكى جو بايدن أوامره بإطلاق كميات كبيرة من الاحتياطيات الاستراتيجية للنفط فى إطار مساعٍ لخفض أسعار النفط العالمية التى تستمر فى الارتفاع.

كما تريد الولايات المتحدة أن تزيد السعودية معدل إنتاجها من النفط علاوة على أن واشنطن تدرس إمكانية رفع العقوبات المفروضة على النفط فى فنزويلا من أجل تعويض المعروض الذى قد يتراجع بفعل غياب الإنتاج الروسى. تصدر روسيا الغاز مباشرة إلى أوروبا من خلال شبكة أنابيب، تمثل 45 % من واردات الاتحاد الأوروبى وحوالى 40% من استهلاكه، ولذلك تثير مسألة فرض حظر محتمل انقساما فى صفوف الدول الأوروبية لأن البعض يعتمد عليه كثيرا مثل ألمانيا التى تستورد 55 % من الغاز من روسيا.

كما ان 10 دول: بلغاريا وتشيكيا وإستونيا ولاتفيا والمجر والنمسا ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا، كانت تعتمد بأكثر من 75% على الغاز الروسى العام الماضى.

وفى أبريل توقفت دول البلطيق عن استيراد الغاز الروسى وهى تستخدم احتياطياتها.

وستواجه أوروبا صعوبة فى ملء مخزونها لفصل الشتاء المقبل. على الرغم من الغزو الروسى لأوكرانيا، استمرت روسيا فى إمداد دول أوروبية بكميات كبيرة من الغاز. لكن الأمر اختلف عقب الإعلان عن عقوبات اقتصادية أوروبية على موسكو، إذ أعلن بوتين أنه على الدول «غير الصديقة» أن تسدد مقابل الغاز بالعملة الروسية.

وقطعت الشركة الروسية العملاقة للغاز (غازبروم) إمدادات الغاز الطبيعى الروسى عن بولندا وبلغاريا، مؤكدة أنها لن تستأنف ضخ الغاز إلا بعد سداد تلك الدول مقابل ما تحصل عليه بالروبل الروسى.

وحال وقف إمدادات الغاز الروسى إلى أوروبا، سوف تتعرض إيطاليا وألمانيا على وجه التحديد لخطر العجز الصارخ فى الغاز الطبيعى لأنهما تستوردان الجزء الأكبر من الغاز الروسى الذى يصدر إلى المنطقة الأوروبية.

وقد تتحول أوروبا إلى منتج آخر للغاز مثل قطر، أو الجزائر، أو نيجيريا، لكن هناك عقبات عملية قد تواجه التوسع السريع فى الإنتاج. ووافقت الولايات المتحدة على زيادة صادراتها من الغاز الطبيعى المسيل إلى أوروبا بواقع 15 مليار متر مكعب نهاية العام الجارى.

اقرأ ايضا | ألمانيا: وقف الغاز الروسي إلى بولندا وبلغاريا لن يؤثر علينا