نيكولاس كيدج.. تفاصيل عودة النجم الضائع

نيكولاس كيج
نيكولاس كيج

إنچى ماجد

نيكولاس كيج هو نجم فريد من نوعه، فهو ضمن قلة من نجوم جيله ممن لازالوا يحاولون التواجد والإستمرار على الشاشة، ولو كان ذلك بأفلام قد يكون بعضها ضعيف المستوى، كما يبقى كيج هو النجم الفائز بـ”الأوسكار”، والذي أطلق المخرجون عليه لقب “الحرباء” لقدرته على أداء أي شخصية، وكذلك لتمكنه من الانسجام بشكل طبيعي مع رؤية مختلف صانعي الأفلام، أمثال ديفيد لينش أو فيرنر هيرزوج أو جون وو أو سبايك جونز أو حتى الأخوين كوين.

 

في العام الماضي وحده، لعب نيكولاس كيج دور البطولة في فيلمي الأكشن والرعب “Prisoners of the ghost Land” و”Willy’s Wonderland”، كما قدم الدراما الوثائقية “History of Swear Words” على شبكة “نتفليكس”، ولا يمكن أن ننسى أنه قدم واحدا من أكثر أعماله تأثيرا وتميزا، وهو الفيلم الدرامي “Pig”، وقدرة نيكولاس على الإستمرار في العمل بهذا الشكل المكثف – رغم إقترابه من سن الستين - يجعله بمثابة رمزا من بين جميع نجوم جيله، ويبدو أن الدور الوحيد الذي لم نره يقوم به هو أن يجسد نفسه على الشاشة، لهذا قرر النجم - صاحب الـ58 عاما - ألا يحرم جمهوره من هذا الدور، ويلعب شخصيته في الفيلم الأكشن الكوميدي الجديد “”The Unbearable Weight of  Massive Talent، ويلعب فيه دور الممثل “نيك كيج”، الذي لم تكن مسيرته الفنية كما كان يحلم، وهو ما يدفعه بشدة للتفكير في الاعتزال، لكنه محملا بالكثير من الديون، وزوجته السابقة “أوليفيا” سئمت من سلوكه الأناني، كما أن أبنته “آدي” سئمت من محاولات والدها في أن يجعلها صورة منه.

 

وبينما هو على وشك الاستسلام لنهايته الحزينة، يقبل “كيج” عرضا قيمته مليون دولار مقابل الظهور في حفل عيد ميلاد أشد معجبيه، وهو كاتب السيناريو الثري والطموح “خافى جوتيريز” - يلعب دوره النجم التشيلي بيدرو باسكال -، وبعد وقت قصير من وصوله إلى إسبانيا لحضور حفل “خافي”، يعترض أثنين من عملاء المخابرات الأمريكية، كيج، ويخبرونه أن “خافي” هو رئيس منظمة إجرامية قامت بإختطاف أبنة مرشح رئاسي، ومع رحلته المرفهة مع “خافي”، يغرق “كيج” بين أحلام صناعة أفلام كبيرة من إنتاج “خافي”، وبين العثور على الفتاة المخطوفة.

 

من الواضح أن مخرج ومؤلف الفيلم توم جورميكان وكيفين إيتن هما أيضا من كبار المعجبين بكيج، كما يظهر في الغالب من خلال عيون “خافي”، وكأن هذا الفيلم قد تم الإقدام على صناعته من أجل الثناء على مسيرة كيج السينمائية، على الرغم من أن هذا الفيلم يبدو وكأنه فرصة مثالية لتقديم عملا كوميديا يعكس الحس الفكاهي المتأصل في موهبة كيج، لكن نادرا ما استغل جورميكان وإيتن تلك الفرصة كما ينبغي بالفيلم.

 

المثير للدهشة أن الفيلم ينتمي للون الأكشن والإثارة - وهو اللون الذي تمتاز به سينما هوليوود - لكن لسوء حظ هذا العمل أن النص كان مبعثرا ومليئا بالأفكار التي ربما لا تذوب معا كما ينبغي، ببساطة هو فيلم يحتوي على الكثير من الأفكار، لكن مخرجه لا يعرف تماما كيفية تنفيذها بأكبر قدر ممكن من التأثير. 

 

لكن كما يتوقع المرء، فإن”The Unbearable Weight of Massive Talent” كان قادرا على تحقيق النجاح بسبب الموهبة الهائلة المتركزة في قلب الفيلم - بالطبع أتحدث عن أداء نيكولاس - فمن خلال الفيلم ظهر كيج كما لو أنه يتحدث عن ما حدث معه في الواقع، فالجميع يعلم ما شهده مشواره الفني من مد وجزر، وعلى الرغم من أنه كان يعمل طوال الوقت، إلا أنه لم يحظ بالمسيرة الذهبية التي تنبأ الوسط الفني بها له مع بداياته المتميزة والقوية، في ذلك الفيلم تعامل نيكولاس مع تقلبات حياته المهنية بصراحة وأمانة، وكشف عن أنه رجل لا يزال لديه تطلعات كبيرة كممثل، وكأنه يحاول أن يصلح الأوضاع ويجعل من مسيرته ذهبية وقوية بالفعل.

 

في حين أن “The Unbearable Weight of Massive Talent” هو بوضوح احتفال بـكيج، النجم الاستثنائى، فإن بيدرو باسكال هو الذي تمكن من سرقة الأضواء في النهاية، فمشاهدة فرحته العميقة بالعمل مع كيج جاءت ساحرة بشكل لا يصدق، كما جاءت الصداقة التي تنشأ بين “خافي” و”كيج” حلوة للغاية، لتصبح القلب المحرك لهذا الفيلم، ويمكن القول أن باسكال وكيج صنعا معا ديناميكية رائعة، رفعت من مستوى هذا الفيلم ليكون فيلم أكشن ممتع، بدلا من رؤية مخرجه في تقديم فيلم أكشن لا يمت للإثارة بصلة، ويتمحور فحسب حول حياة كيج ومسيرته المهنية، وقد نال باسكال أخيرا فرصته المثالية لإظهار مواهبه الرائعة كممثل كوميدي.

في النهاية، جاء “The Unbearable Weight of Massive Tale” عملا كوميديا عن الصداقة الغير مخطط لها، أكثر من كونه سخرية من “كيج” وأفلامه السابقة، بعدما نجح باسكال ونيكولاس في تقديم دويتو ممتع للغاية، وهنا يجدر تجاهل الحبكة والمحاكاة الساخرة التي جاءت روتينية بعض الشيء، لسبب آخر هو تفاني كيج في تجسيد الدور ببراعة - كعادته مع كل أدواره - ، فقد أثبت أنه عاد بالفعل، ونحن في إنتظار المزيد منه.