بعد صمودها شهرين أمام القوات الروسية

بعد صمودها شهرين أمام القوات الروسية| ليلة سقوط ماريوبول

سقوط ماريوبول
سقوط ماريوبول

خالد حمزة

بعد صمود طويل سقطت مدينة ماريوبول فى الشرق الأوكرانى على يد القوات الروسية، تاركة وراءها قصصاً وحكايات عن المدينة الصناعية الهامة التى تطل على بحر أزوف الاستراتيجى لروسيا، وعن سراديب الموت أسفلها التى تعود للحقبة السوفيتية، والتى تقبع أسفل مصنع أزوف ستال للحديد والصلب، والذى يمتد لمساحة 12 كيلومترا كاملة، ويضم 14 مصنعا و80 مبنى، وبإمكانيات منشآته التصدى للقنابل النووية، والذى اتخذت كتيبة أزوف منه ملاذاً لها للتصدى للقوات الروسية التى تتهمها بالنازية.

 

ماريوبول التى تقع فى الجزء الجنوبى الشرقى لأوكرانيا، والتى دمرت القوات الروسية نحو 80% منها، تعد منفذا استراتيجيا لأوكرانيا على بحر آزوف، وتقع  فى إقليم دونيتسك، وهى عاشر مدينة أوكرانية من حيث المساحة، وعدد سكانها يقترب من نصف مليون نسمة، وجاء الاسم من كلمة بوليو التى تعنى المدينة، أما كلمة ماريو  فتعود إلى اسم الإمبراطورة الروسية ماريا فيودوروفنا أى تعنى امدينة مارىب، وتعد ماريوبول هدفًا استراتيجيًا بالنسبة لروسيا، وتشكل القلب النابض للنشاط البحرى التجارى الأوكرانى، والسيطرة عليها يعنى السيطرة على نحو 80% من ساحل أوكرانيا على البحر الأسود.

 

وبسقوط المدينة ستكون موسكو قد خنقت بالفعل الاقتصاد الأوكرانى، وتكمن أهمية ماريوبول فى نقطتين الأولى أن أراضيها هى الطريق البرى الموصل من روسيا وشرق أوكرانيا مع شبه جزيرة القرم، التى استولت عليها روسيا عام 2014، والثانية أنها الميناء الأهم والأكبر على بحر أزوف، والسيطرة عليه من القوات الروسية وقوات شرق أوكرانيا الانفصالية، ستعنى قدرة اقتصادية قوية لجمهوريتى دونيتسك ولوجانسك، خصوصًا فى تصدير الفحم والمعادن.

 

وبجانب المدينة، برز اسم مصنع المعادن آزوف ستال بالمدينة، والذى يوصف بالحصن المتين، وبأن مدينة كاملة تقبع أسفله، فقد تم بناؤه فى عهد الحقبة السوفيتية عام 1933، ودمره النازيون عندما اقتحموا أوكرانيا أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1943، ثم أعيد بناؤه بعدها بأربع سنوات، ليشكل قلعة عملاقة لصناعات الحديد والصلب على مساحة تمتد لنحو 12 كيلومترًا مربعاً تضم 14 مصنعا و80 مبنى، كما تشغل منطقة المصنع الآن أربعة أميال مربعة، على طول الواجهة البحرية للمدينة، وتمثل منشآته درعا واقية يمكنه التصدى للقنابل النووية، خاصة فى سراديبه وأنفاقه التى تمتد لعشرات الكيلومترات أسفله، وقد صمد أمام اقتحام الروس لإقليم دونيتسك عام ٢٠١٤.

 

وعبر عقود كما تقول صحيفة الجارديان البريطانية، لعب المصنع دورا كبيرا فى اقتصاد المدينة الساحلية كواحد من أكبر مصانع التعدين فى أوروبا، حيث كان ينتج أكثر من 4 ملايين طن من الصلب الخام سنوياً، ومع مرور الزمن، لم تعد تلك المنطقة الصناعية الشاسعة تنتج الصلب فقط، فالموقع مصمم لتحمل القصف والحصار إنه مثل قلعة صغيرة، ويحتوى على نظام اتصالات يحمل عوامل تدعم المدافعين عن المدينة حتى لو كان عددهم أقل بكثير، وبها تحول المصنع مع شبكته من الأنفاق تحت الأرض، لمأوى ومعقل لمئات وربما آلاف المقاتلين الأوكرانيين بما فيها كتيبة آزوف، وهى واحدة من أكثر الوحدات العسكرية مهارة وإثارة للجدل فى أوكرانيا وخارجها.

 

 اسم كتيبة آزوف يأتى نسبة إلى بحر آزوف الذى تقع عليه ماريوبول، وتضم هذه الكتيبة متطرفين يمينيين، بينهم نازيون جدد حسب وزارة الدفاع الروسية، وصعد نجمها عام 2014 فى المعركة ضد الانفصاليين المتحدثين بالروسية فى شرق أوكرانيا، وفى نفس العام كما تقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ضمت الكتيبة متطوعين من اليمين المتطرف من خارج أوكرانيا، كما نشرت صوراً لجنديات أوكرانيات باعتبارهن رمزاً للكتيبة، لكن سرعان ما حذفتها بعد أن أدركت أن إحدى الجنديات المشار لها تضع رمزاً للنازية، ويرتبط الرمز المكون من دائرتين متحدتي المركز وأشعة تبدأ من الدائرة الأصغر إلى الأكبر بالنازية، ويحظى بشعبية لدى النازيين الجدد فى أوكرانيا. 

 

وتتفق تلك الروايات حول ارتباط كتيبة آزوف باليمين المتطرف والنازية مع تأكيدات لبوتين صورت الحرب على أنها لحماية السكان المتحدثين بالروسية فى أوكرانيا من خطر تعرضهم للإبادة الجماعية على يد النازيين الجدد، كما دعمت تلك الروايات، ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية فى عام 2014، بعد مقابلات مع أعضاء من الكتيبة فى شرق أوكرانيا أثار القلق بشأن الميول المتطرفة لأعضائها، الذين ينتمى بعضهم للنازيين الجدد، رغم أنها ربما تكون القوة الأوكرانية الأقوى فى المعركة ضد الانفصاليين، وهو ما جعل الصحيفة البريطانية تصف الكتيبة بأنها التهديد الأكبر لكييف، وقالت الصحيفة إن شعار الكتيبة المكون من حرفى إن وإى وهو اختصار لشعار االفكرة الوطنيةب، يُشبه فى كتابته شعار النازية المُتعارف عليه بين النازيين الجدد فى أوروبا وأمريكا، ورغم ذلك، تنفى كتيبة اآزوفب علاقتها بالنازية أو الفاشية، وأشارت إلى أنها تضم أوكرانيين من خلفيات مختلفة دينية ووطنية، بمن فيهم اليونانيون واليهود وتتار القرم والروس، معظمهم من الناطقين بالروسية ومن الأرثوذكس، لكن هناك كاثوليك وبروتستانت ووثنيون ومسلمون وممن يعتنقون اليهودية، وهناك ملحدون.