الشيخ عبد الله سلامة عضو «العالمي» للفتوى: حملات أزهرية للتوعية بخطورة الطلاق

الشيخ عبد الله سلامة
الشيخ عبد الله سلامة

فى خطوات مسبوقة للعناية بفقه الواقع وتطبيقه فى الحياة الاجتماعية يسعى الأزهر الشريف لمد يد العون للأسرة المصرية لوقايتها من أخطار الطلاق التى تهدد كيانها بعدما أصبح ظاهرة متغولة فى مجتمعنا، حيث لم ينتظر العلماء حتى يأتى الزوجان المتخاصمان إليهم، بل بادروا بالذهاب إلى المحافظات والمدارس والجامعات والأندية الرياضية للتوعية المجتمعية.. وفى هذا الحوار مع الشيخ عبد الله سلامة، عضو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونيَّة ومشرف برنامج التوعية الأُسريَّة والمُجتمعيَّة، والحاصل على الماجستير فى مقارنة الأديان جامعة الزقازيق.. نبرز إسهامات الأزهر فى دعم الأسرة:

يمثل استقرار الأسرة والتوعية المُجتمعيَّة ركيزة أساسية لاستقرار الوطن.. فما هو دور الأزهر فى هذا الشأن؟
- يعمل الأزهر الشريف انطلاقًا من دوره التاريخى والدعوى والتوعوى على حفظ قيم المجتمع والتصدى لكل ما يهدد مقدراته، وفى الآونة الأخيرة ظهرت بالمجتمع كثير من الظواهر السلبيَّة التى تمثل معول هدمٍ للمجتمع.

وكان من أهم هذه الظواهر ظاهرة انتشار الطلاق التى باتت أكبر تهديد للأسرة المصريَّة؛ كونها وحدة بناء المجتمع؛ فلم يقف الأزهر الشريف مكتوف الأيدى أمام هذه الظاهرة، بل سارع مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية بإنشاء «وحدة لم شمل الأسرة» فى محاولة للحفاظ على تماسك الأسرة ولمجابهة ظاهرة التفكك الأسري، بالإضافة إلى إطلاقه حملات وقائية وبرامج تثقيفية تستهدف نشر الوعى الأسرى من خلال برامج التوعية الأسرية للمقبلين على الزواج.


وحرص الأزهر على التواجد الجماهيرى والاحتكاك المباشر مع فئات المجتمع من خلال كوادره العلمية الذين يقومون بدور مجتمعى فاعل فى توعية الناس، وإصدار الفتاوى الفقهية الصحيحة.

وعقد جلسات  بهدف الوصول إلى مصالحات بين العديد من الأسر، وتوجه الأزهر الشريف بخطابه العلمى والدعوى والإصلاحى لفئة الشباب فى الجامعات ومراكز الشباب، فعقد بروتوكولات تعاون مع مؤسسات الدولة والجامعات المصرية عاقدًا لقاءات حوارية مفتوحة لنشر الوعى وخلق حالة من التواصل المجتمعى بين هذه الفئة الأكثر احتياجًا لخطاب التوعية الأسرية، وللتحذير من الانزلاق فى متاهات المشاكل الأسرية والتفكك الأسرى وتبعاته المجتمعية الخطيرة. 


ظاهرة خطيرة
ومتى تم تأسيس برنامج التوعية الأُسريَّة بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونيَّة وما أهدافه وأسباب تأسيسه؟
- يضم المركز بين جنباته قسمًا للأحوال الشخصيَّة والأسرة، يُعنى بالرد على أسئلة واستفسارات المستفتين فيما يخص أمور ومسائل ومنازعات الأحوال الشخصيَّة والزواج والطلاق، وبعد الرصد والمتابعة للحالات والأسئلة الواردة من الجمهور تبيَّن أنَّ كثيرًا منها تتصل بالطلاق ومسائله، على نحو أبرز أننا بصدد ظاهرة مجتمعية خطيرة ألا وهى ظاهرة تفشى الطلاق.

وعلى الفور وجه فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف- حفظه الله- بتأسيس وحدة لمّ الشمل فى عام 2018م؛ ومن خلال العمل فى حالات لم الشمل الأسرى ارتأى مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية وفى سبيل القيام بدوره المجتمعى أن يتخذ مسارا وقائيا للحفاظ على تماسك الأسرة وتفاديا للخلافات التى تنشأ عن عدم الوعى بحقوق والتزامات الزوجين، فأطلق برامج التوعية الأسرية والمُجتمعيَّة فى 2018م، وانطلق للعمل الميدانى فى كل ربوع مصر شمالًا وجنوبًا.

واتخذ شعاره (أسرة مستقرَّة = مجتمع آمِن)، ووضع رؤية محددة لينطلق منها وهي: تقوية الأسرة المصريَّة وزيادة تماسكها وترابطها من خلال جهود توعويَّة ودعويَّة تحدد المشكلات وتواجهها طبقًا لمفاهيم الدين الصحيحة.


هل سعيتم لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول هذه الظاهرة أم اكتفيتم بالحلول الشرعية؟
- بل كانت لدينا خطة لتصحيح المفاهيم واستعادة منظومة القيم والأخلاق، وفق رؤية الدولة وتوجهها لهذا الأمر،وقد وسَّع البرنامج نطاق عمله طبقًا لما تم رصده من خلال العمل الميدانى ليقوم بمعالجة بعض القضايا المهمَّة التى تستدعى بذل المزيد من الجهد فى معالجتها، ولن تكون هذه المعالجات كاملةً إلا إذا تضافرت الجهود من كل مؤسَّسات الدولة.وقد مدَّ المركز يدَه للتعاون مع كل مؤسَّسات الدولة فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التى تهدد المجتمع ومقدراته.


التواصل الأسري
وهل حققت هذه الجهود أهدافها المرجوة؟
- أسفر هذا التعاون البنَّاء بين البرنامج ومؤسَّسات الدولة عن عقد عدد من اللقاءات الجماهيريَّة الكبرى فى عدد من المحافظات، وعقدت على هامش هذه اللقاءات عدة ندوات وورش فى المدارس والجامعات ودور الرعاية ومعسكرات الأمن ومراكز الشباب ومجالس المرأة.

ويستهدف البرنامج كل الفئات العمريَّة فى مراحل التعليم المختلفة والتى تحتاج للتأهيل والوعى لمواجهة أى أفكار أو مناهج دخيلة؛ فعلى صعيد التعليم الجامعى تم تنفيذ عددٍ من البرامج والمبادرات؛ أما على صعيد التعليم ما قبل الجامعى فقد أطلق البرنامج عددًا من المحاور فى المدارس والمعاهد كان أهمها:التعريف بالأسرة المصريَّة؛ وأهمية الترابط الأسرى وأثره على الفرد والمجتمع؛ ومهارات التواصل الأسرى وآليات صناعته، وقد بلغ عدد لقاءات البرنامج ستةً وأربعين ألف لقاءٍ.


هل كان لهذه اللقاءات تأثير كبير فى منع الطلاق.. وما أعداد المستفيدين منها؟
- بلغ عدد المستفيدين من البرنامج أربعة ملايين مستفيد تقريبًا بصورة مباشرة من خلال هذه اللقاءات والندوات وورش العمل؛كما قام المركز ممثلًا للأزهر الشريف بتوقيع العديد من البروتوكولات فى الفترة الماضية مع وزارة الشباب والرياضة.

والمجلس القومى للمرأة؛ استمرارًا منه فى تكثيف الجهود ولتغطية استفادةٍ أوسع وأشمل لأكبر قدر مستطاع من الجمهور، وهذا لا يتحقق إلا بالسعى الجاد والعمل الدؤوب بسواعد وعقول علماء يواصلون الليل بالنهار من أجل الحفاظ على تماسك الأسرة المصريَّة ولم شمل أبنائها ونشر الوعى وتصحيح المفاهيم وتفعيلًا لخطة الدولة فى التنمية المستدامة 2030م.

ما أبرز المؤسسات التى يتعاون معها المركز من خلال برنامج التوعية الأُسريَّة  لتحقيق هدف استقرار الأسرة المصريَّة؟
- يعد استقرار المجتمع وحفظ كيان الأُسرة المصريَّة من التفكُّك قضية وطنية مهمة لا بد أن تتكاتف كلُّ الجهود للعمل عليها، وقد أبرم الأزهر الشريف من خلال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونيَّة بروتكولات تعاون مع بعض الوزرات، كان أهمها ذلك البروتوكول الذى تم توقيعه مع وزارة الشباب والرياضة.

والذى تم توقيعه مؤخرا من قبل فضيلة د. محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ود. أشرف صبحي، وزير الشباب؛ كما تم إبرام بروتوكول تعاون مع المجلس القومى للمرأة.

وأطلق برنامج التوعية الأُسريَّة عددًا من المبادرات فى الجامعات المصريَّة كان منها جامعة قناة السويس، حيث أطلقت مبادرة بعنوان (بالأخلاق تستقيم الحياة)؛ ويتضمن البرنامج عقد العديد من اللقاءات والندوات بالتنسيق مع كل الوزارات المعنية، مثل: الداخلية والتضامن الاجتماعى والهجرة وغيرها، وما زال عطاء الأزهر الشريف مستمرًّا من أجل نهوض بالأسرة المصريَّة والعمل على استقرارها وتماسكها.

اقرأ ايضا | شيخ الأزهر: علماء الغرب أكدوا أن القرآن كان الباعث الأوحد لحضارة المسلمين