رفعت الجلسة | الغارمـون (1)

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (60) سورة التوبة.

باب للحرية
يجلس فى الحارة شارد العقل، لا يتحدث مع أحد، يردد اسم ابنه «المحبوس» كل ثانية، يرفع رأسه عاجزاً إلى السماء، يدعو الله همساً، فقد تربى على العطاء دون مقابل لا العوزة وقلة الحيلة.

اعتاد ذلك العجوز على ذلك يومياً، كل من ينظر إليه يتحسر، يضرب كفاً على كف، ثم يعبر عاجزاً من أمامه، فلا حول ولا قوة لهم، طريق حرية ابنه ملىء بالمطبات، وكل من يجاوره فى البيت أو العمل لا يستطيع المساعدة، ظروفهم المالية صعبة، لذلك يكتفون بالدعاء بأن يرسل الله إليه من يسدد دينه، ويفرج كربه، ويسهم فى إخراج ابنه من السجن ليقضى العيد مع أسرته.

لم يخطر على بال ذلك الأب أن يجلس عاجزًا هكذا، لكن قلة الحيلة دفعت ابنه فى يوم من الأيام إلى البحث عن مهنة، فما كان يتقاضاه من التجارة لا يسد رمق أسرته، ليقرر الابن شراء «توك توك» والتوقيع على إيصالات أمانة بقيمته والتى تخطت الـ65 ألف جنيه.
مرت ثلاثة أشهر والابن يعمل على التوك توك، بعدها تعرض لحادث مروع، تسبب فى إصابته بإصابات بالغة، وتحول «التوك توك» إلى خردة.

اقرأ أيضاً | رفعت الجلسة| لا يسألون الناس إلحافا (3)

انتظر صاحب الشركة حتى انتهى الشاب من مراحل العلاج، طالبه بسداد ثمن التوك توك، الذى وقعه فى إيصالات أمانة، أخبره الابن بأنه لا يملك مالاً، وعليه الانتظار حتى يرزقه الله بوظيفة أو مهنة ويبدأ من دخلها سداد الثمن.

لم يصبر صاحب الشركة كثيرًا، توجه للنيابة العامة، تقدم ببلاغ وأرفق إيصالات الأمانة به، تم إحالة بلاغه إلى المحكمة،التى قضت بحبس الابن عامين، بعدها أقام محامى الشاب معارضة على الحكم الذى صدر غيابيا، تم رفضها وتأييد الحكم، ثم ألقت الشرطة القبض على الابن وإيداعه سجن السلام لتنفيذ العقوبة أو التصالح مع صاحب الشركة وسداد ثمن التوك توك.

يقول والده: «ابنى المتعلم فى السجن، عجز عن إيجاد وظيفه، فاختار الاستدانة لضمان دخل ثابت، لكن كان للقدر سيناريو آخر، تعرض لحادث منذ 3 سنوات، تحطم التو توك الذى اشتراه بإيصالات الأمانة وتحول لخردة، وأصبح إبنى مطالبًا بسداد 55 ألف جنيه لصاحب الشركة الذى اشترط المبلغ أولا، وبعدها الذهاب للنيابة والتصالح وإخراج الابن من سجن قسم السلام.

أرسل لى الأب كافة المستندات، من حكم محكمة وإيصالات أمانة مطلوب دفعها، وصور الحادثة البشعة التى تعرض لها الابن.


تواصلت مع محامى صاحب الشركة، أخبرنى أنه بعد السداد سيتوجه مع موكله إلى النيابة للتصالح وإخراج الشاب لقضاء العيد مع أسرته.

من يريد أن ينقذ شابا غارما فى مقتبل العمر تقطعت به سبل الحياة، فليتواصل معى، وكل مساعدة ستكون فى إطارها القانونى أمام النيابة العامة، وليس فى يد أشخاص .. اجعلوا من صدقاتكم وزكاواتكم نصيبا لإنقاذ هذا «الغارم العاجز».