فى الصميم

حرب الغاز تشتعل!

جلال عارف
جلال عارف

 حتى الأمس.. كان هناك نوع من الحذر فى استخدام سلاح النفط والغاز فى الحرب الدائرة بين روسيا والغرب. لم تدخل أوروبا البترول والغاز فى سلسلة العقوبات الاقتصادية التى فرضت على روسيا، لأنها ـ فى حقيقة الأمر ـ لا تستطيع تحمل عواقب ذلك، وفى المقابل ظلت روسيا تضخ البترول والغاز، فى السوق الأوروبية الرئيسية بالنسبة لها. ورغم طلب روسيا تسديد مستحقاتها بعملتها المحلية "الروبل" ورفض أوروبا ذلك فقد أجلت روسيا اتخاذ قرارها، وفضلت الاحتفاظ بورقة البترول والغاز فى يدها.. لعل وعسى!!


 لكن التصعيد المستمر، وانسداد الأفق أمام الحل السياسى، فتحا الطريق أمام استخدام هذا السلاح. وبالأمس أبلغت الشركة الروسية "بروم غاز" السلطات فى بولندا وبلغاريا بوقف ضخ الغاز الروسى بعد رفض سداد ثمنه بالعملة المحلية "الروبل" كما طلبت موسكو.


 واضح أنها خطوة أولى فى حرب الغاز ورسالة تحذير لباقى دول أوروبا. ولهذا كان التأثير سريعاً بارتفاع أسعار الغاز فى أوروبا ٢٠٪ وسط تقديرات من البنك الدولى بمضاعفة سعر الغاز قبل نهاية العام وارتفاع أسعار الفحم ٨٠٪.


الآثار الاقتصادية إذا تمت القطيعة البترولية بين روسيا وأوروبا فادحة للطرفين. روسيا تعتمد على إيرادات الغاز والبترول، وليس سهلاً تحويل صادراتها إلى أطراف أخرى.. وأوروبا ـ رغم كل الادعاءات ـ ستعانى أكثر حتى لو وجدت البديل الذى سيكون أغلى بكثير وسيحتاج لتجهيزات لن تتم إلا فى سنوات، وستعافى أكثر من غيرها من أزمة طاقة ستجتاج العالم.


 وبعيداً عن حكاية "الدفع بالروبل" فإن القرار الروسى يشير بوضوح إلى أن روسيا ماضية فى الحرب، وأنها مستعدة لمواجهة التصعيد الغربى بكل الوسائل.. وفى المقدمة ـ بالنسبة لأوروبا ـ سلاح البترول والغاز الذى تعرف دول أوروبا جيداً أنها لا تحتمل ثمنه الفادح.


 هل يعود العقل لأطراف الأزمة، وتنفتح آفاق الحل السياسى.. أم تمضى الأزمة للمزيد من التصاعد؟..

فى انتظار الإجابة يتصرف العالم على أن حرب الغاز والبترول قد بدأت، وأن آثارها ستطال الجميع، وأن المتورطين فى الحرب لا يشغلهم أن العبء الأكبر لفواتير الحرب يدفعها ـ كالمعتاد ـ فقراء العالم.