اختراق أخطر جهاز أمني في العالم بالهدايا والرشاوى.. تفاصيل

اختراق أخطر جهاز أمني في العالم بالهدايا والرشاوى
اختراق أخطر جهاز أمني في العالم بالهدايا والرشاوى

عام ونصف نجح خلالها شخصان غامضان في انتحال صفة ضابطين فيدراليين رفيعي المستوى، اتخذا من أحد المجمعات السكنية الفاخرة بقلب العاصمة الامريكية واشنطن مقرًا لهما، أما اصدقاؤهما ومعارفهما فاختار كلا منهما أهدافه بعناية ودقة للتقرب من جيرانهما من عناصر أهم الاجهزة الامنية الأمريكية وخاصة ضباط حماية البيت الابيض للتعرف على خطوط سيرهم وخططهم الامنية، وبقليل من الجهد وكثير من الاموال نجحا في توطيد شبكة علاقاتهما لجمع المعلومات الأمنية المطلوبة بسهولة.

 

منذ أيام قليلة فوجئ سكان المبنى السكني الفاخر في حي “نيفي يارد” بشرق العاصمة واشنطن بحركة غريبة، المبنى يقع على بعد ميل واحد فقط من مبنى الكونجرس أو الكابيتول، وثلاثة اميال من البيت الأبيض، بدأت احداث اليوم العاصف بوصول سيارات تابعة لجهات أمنية رفيعة المستوى اسفل المجمع الذي يضم 800 وحدة سكنية لأهم الضباط والدبلوماسيين والشخصيات الهامة، داهم رجال الحملة التابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي وأجهزة أمنية أخرى المبنى، واقتحموا الجناح الفاخر للضابطين المزيفين، مرت دقائق حتى خرج عناصر الشرطة الفيدرالية ممسكين برجلين وكأنهما عثرا على صيد ثمين واستمرت عمليات التفتيش فى المبنى بالإضافة إلى التحقيقات المكثفة لكشف تفاصيل عملياتهما السرية، ولم تمر ايام قليلة حتى انكشفت هوية المتهمين وهما حيدر علي - 35 سنة - اريان طاهر زاده -40 سنة - ومنذ تلك اللحظة استمرت المفاجآت التي كشفت تفاصيل قضية احرجت اقوى الاجهزة الامنية في العالم بعد استدراج عناصرها.

 

علامات استفهام

تحمل قضية العميلين السريين علامات استفهام عديدة رجحت التقارير صلة المتهمين ممن يحملان الجنسية الامريكية، بالمخابرات الباكستانية أو الايرانية بعد رصد حملة التفتيش تأشيرات إيرانية متعددة برفقتهما، وأكدت التحقيقات؛ أن المتهمين قضيا 18 شهرًا في التسلل بين أهدافهما لجمع المعلومات الأمنية، وبالطبع لن تجيب التحقيقات المعلنة عن كافة التساؤلات حول هدف المتهمين حيدر وأريان، إلا أن وسائل الاعلام الامريكية حاولت الكشف عن تفاصيل قضيتهما حيث بدأت خطة مداهمة منزلهما في منتصف مارس الماضي، وكشفت شبكة «سي ان بي نيوز» تفاصيل خطة المتهمين لتشير إلى استهدافهما رجال الخدمة السرية المكلفين بحماية البيت الابيض وخاصة مسئولي حماية زوجة الرئيس جو بايدن أو السيدة الاولى جيل بايدن، واعتمد المتهمان فى خطة اختراق عناصر الامن من جيرانهما على منحهم الهدايا والعروض المادية المغرية، وكشفت مذكرة التحقيق أن الضباط المستهدفين كانوا يتولون حماية البيت الأبيض بالزي الرسمي كجزء من فرقة الخدمة السرية.


لم يثر المتهمان اريان وحيدر الشكوك نحوهما بالرغم من انتحالهما صفة عملاء فيدراليين رفيعي المستوى، لم يتحر احد حقيقتهما بل نجحا في جمع معلومات عن كل من حولهما وكان من السهل عليهما توطيد علاقتهما برجال الحراسة الخاصة للسيدة الاولى والبيت الابيض، قدما لهم اغلى الهدايا حتى أن التقارير كشفت أن عنصرين من ضباط الحماية السرية للبيت الابيض لم يدفعا إيجار وحدتهما السكنية منذ وصول حيدر واريان إلى المبنى وعرضا عليهما الاقامة المجانية، وبرر الضابطان المستهدفان عدم دفعهما الايجار بتباهي لأنهما «حكومة» على حد تعبيرهما، وبالفعل حصلا على اقامة مجانية في وحدات فاخرة مكونة من عدة غرف ومزودة بأجهزة إلكترونية متطورة ومعدات واسلحة وطائرات درون بدون طيار وتليفزيونات وأجهزة حديثة، أما الاقامة في المجمع السكني فتصل قيمتها سنويًا إلى40 ألف دولار سنويا عن الشقة الواحدة كما تولى المتهمان مهمة  تمويل أسلوب حياة شديد الرفاهية والثراء للضباط ومنحهم العديد من الهدايا الثمينة، وكشفت التحقيقات أن أحد المتهمين وهو أريان طاهر زاده قدم سيارة فاخرة ادعى انها سيارة حكومية لزوجة احد ضباط الخدمة السرية.

 

اختراق أمني

كشفت الصحف الامريكية أن المتهمين منتحلي صفة العملاء الفيدراليين عرضا على احد رجال الخدمة السرية اسلحة وبندقيات بآلاف الدولارات، وفي المقابل ضَمن المتهمان أن يجمعا اكبر قدر ممكن من المعلومات السرية حول خطط حماية البيت الابيض وتحركات أفراده اثناء لقاءاتهما بجيرانهما وطوال جلسات السمر والاسترخاء على حمام السباحة المميز بسطح المجمع السكني وخلال دعواتهم المتكررة لحفلات العشاء الفاخرة.


 نجح مخطط المتهمين وازداد نفوذهما فى المجمع السكني خاصة بعد كشفهما عن مهمتهما الامنية المزيفة حين  زعما انهما يعملان لصالح الحكومة ومكلفان بإجراء تحقيقات سرية متعلقة بأعمال العنف والشغب في مبنى الكابيتول بالولايات المتحدة في 6 يناير2021، واكدا لسكان المجمع أن لديهما نظام مراقبة بالفيديو في أجزاء مختلفة من المجمع بالإضافة إلى إمكانية الوصول في أي وقت إلى هواتف السكان، وبالطبع تعاونت إدارة المبنى مع الضابطين المزيفين  لينجحا في الوصول إلى كاميرات المراقبة والأكواد الخاصة بجميع مداخل المبنى.

 

استقالات ومحاكمات

انتهى مخطط المتهمين بعد عام ونصف من الخداع وبمجرد إلقاء القبض عليهما تولى عناصر المكتب الفيدرالي عملية تفتيش وكشف محتويات شقة المتهمين لتوصف بالوحدة السكنية المأهولة بالاسلحة النارية والبنادق الاوتوماتيكية بالكامل وكذلك البندقيات الهوائية المستخدمة في اختبار المجندين حول ردود أفعالهم ومدى تحملهم للآلام، واحتوت ايضا على ملفات سرية تحمل معلومات عن المقيمين في المبنى ومنهم العديد من العملاء الفيدراليين الحقيقيين وضباط عاملين فى البيت الأبيض وكذلك معلومات حول مساعدين ومستشارين في الكونجرس.

 


قامت السلطات الامريكية باستبعاد أربعة من عناصر الخدمة السرية ممن تم اختراقهم ومنحتهم السلطات إجازة إدارية مفتوحة في انتظار المزيد من التحقيق، ويمثل المتهمان أريان طاهر زاده وحيدر علي أمام المحكمة الاتحادية في واشنطن ليواجها اتهامات بالتآمر وانتحال صفة ضابطين فيدراليين والتعاون مع دول أجنبية وحيازتهما لتأشيرات باكستانية وإيرانية بالاضافة إلى رحلات خارجية متكررة، وقال المدعي العام خلال جلسة المحكمة؛ إن المتهم حيدر كشف للشهود عن صلاته بوكالة مخابرات اجنبية وتشمل قائمة الاتهامات ايضا حيازة واستخدام سلاح ناري ومحاولة إتلاف الأدلة وإعاقة التحقيقات بعد شعورهما بالشكوك المثارة حولهما.

اقرأ ايضا | اتهامات فيدرالية لضباط شرطة في أحداث الكابيتول