الأوقاف: السعي في قضاء حوائج الناس من أسباب البركة وزيادة الرزق

صورة موضوعية
صورة موضوعية

نظم ملتقي الفكر الإسلامي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ندوة جاءت بعنوان: "قضاء حوائج الناس"، حاضر فيها كل من: الدكتور محمد سلامة أستاذ قسم اللغة العربية بجامعة حلوان، والدكتور على الله الجمال إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، وقدم للملتقى الإعلامي تامر عقل المذيع بقناة النيل الثقافية.

وفي بداية كلمته، أكد الدكتور محمد سلامة أن رب العزة (جلّ وعلا ) أمرنا في القرآن الكريم بفعل الخير، والتعاون على البر، وشجّع أصحاب الإيمان على التعاون بشأنه، وكرّر الدعوة لفعل الخير بلفظ التعاون بين بني البشر، أمر الله بالتعاون في ميدان البر، ونهانا عن التعاون في ميدان الشر ، قال (عز وجل): "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "

وتابع سلامة: وللدلالة على أن فعل الخير لا يقل عنها في المنزلة والثواب، يقول الله (سبحانه وتعالى): " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " وجاء في الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) قالَ: " المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَة" ,

وأشار إلى أن السعي في قضاء حوائج الناس سبب للبركة وزيادة الرزق، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إنَّ للهِ أقواماً اختصَّهم بالنِّعمِ لمنافعِ العبادِ يُقرُّهم فيها ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحوّلها إلى غيرِهم" ورمضان شهر المواساة وقضاء حوائج المحتاجين، وشهر التعاون والتراحم، وإن من كرم الله تعالى على عباده أن جعل الساعي في قضاء حاجة أخيه المسلم في معيّته -جل جلاله- مؤيداً له، ومعيناً ومثيباً، وكفى به أجراً وفضلاً، فمن سعى في قضاء حوائج الناس على اختلاف مشاربهم وأجناسهم، قضى الله (جل وعلا) حوائجه وثبته على الصراط، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –(صلى الله عليه وسلم):"مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ". موضحًا أن السعي في قضاء حوائج الناس منزلة حث عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"إنِّي أُوتَى فأُسأَلُ ويُطلَبُ إليَّ الحاجةُ وأنتم عندي فاشفَعوا فلْتُؤجَروا ويقضي اللهُ على لسانِ نبيِّه ما أحَبَّ أو ما شاء".

ومن جانبه، أكد الدكتور على الله الجمال، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ضرب لنا أروع الأمثلة في قضاء الحوائج ومنها: عن أَنَسِ بْن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ: " إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ". مشيرًا إلى أن النبي (صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) كان كريمًا، وكان لا يَرُدُّ سائلًا ما استطاعَ، وكان لا يَسألُه أحدٌ شَيئًا إلَّا أعطاهُ ففي الحَديثِ قال سَهْلُ بنُ سعدٍ السَّاعِديُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ امرأةً جاءَتْ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى الله علَيه وسلَّم بِبُردةٍ مَنسوجةٍ، فيها حاشيتُها، أي: بِكساءٍ مخطَّطٍ له طَرَفٌ يُسمَّى شَمْلةً؛ لأنَّه يُلتحَفُ به، وكان ذلك هديَّةً مِن المرأةِ نَسَجَتْها بيدَيها للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقَبِلَها منها؛ لأنَّه محتاجٌ إليها، ثمَّ لَبِسها، ثم خرَجَ إلى أصحابِه مُؤتَزِرًا بها قد جعَلَها إزارًا يغطِّي النِّصفَ الأسفَلَ مِن جسَدِه، فأُعْجِب بها رجُلٌ مِن الصَّحابةِ واستَحْسَنها، وطَلَبها مِن النبيِّ صلَّى الله علَيه وسلَّم لنفْسِه، فقال القَومُ له: ما أحْسَنتَ وما أصَبْتَ في طَلَبِك لها مع عِلمِك بحاجتِه صلَّى الله علَيه وسلَّم إلَيها! فقال الرجُلُ مُقْسِمًا: واللهِ ما سَألتُه لِألبَسَها، وإنَّما سألتُه لِتَكونَ كَفَني بعْدَ مَماتي، فكأنَّه رجَا بَرَكتَها حينَ لَبِسَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبالفعل كان هذا الثَّوبُ كَفنَه الَّذي دُفِن فيه كما قال" .

وقد علمنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء فقد دَخَلَ النبي (صلى الله عليه وسلم) علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ", موضحًا أن الشرع الحنيف حثنا على نفع الناس، وقضاء حوائجهم، والسعي إلى تفريج كرباتهم، وبذل الشفاعة الحسنة لهم، تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء الألفة، وزيادة في روابط الأخوة، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً " .

واختتمً حديثه بأن قضاء الحوائج لا يتوقف على المواساة بالمال بل إن من قضاء حوائج الناس المواساة بالكلمة الطيبة, و أن الناظر إلى كتاب الله (عز وجل) يجد أنه وضع لنا المنهج القويم في لبيان أجر من يسعى لقضاء حوائج الناس ففي الحديث عن ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أَنَّ نَفعَ النَّاسِ مِن أَعظَمِ الأَعمَالِ وَالقُرُبَاتِ، مِن حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي اللهُ عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَا شَاءَ".

اقرأ ايضا رئيس الشهر العقاري: وزير العدل قال لنا قضاء حوائج الناس تعادل قراءة القرآن في رمضان