سمعنا جميعا قصيدة أمير الشعر العربي أحمد شوقين التي تحولت لأغنية لعبقري الموسيقى العربية الموسيقار محمد عبد الوهاب بعنوان :أيها الراقدون تحت الثرى" التي تبكي من يسمعها بشأن ألم الفراق والحنين لمن يغيبه عنا الموت. إلا أن التكنولوجيا جاءت لتقلب الموازين.
كما نؤمن جميعا في شريعتنا الإسلاميه بأن إكرام الميت دفنه ، ولكن أصبح الاموات احياءا يسيرون بجانبنا.
هنا قد يتعجب القارئ من تلك المقدمه، ولكنها الحقيقه جاءت التكنولوجيا الحيويه لتعيد الحركه والتواجد للمتوفي فمنذ اشهر قليله تحول جسد العالم الانجليزي بيتر سكوت مورغان بعد موته إلى سايبورغ أو كائن سيبراني يعيش ويتحرك ويشارك في الحياه اليوميه.
فقد كان مورغان خبير روبوتات وقد اصيب بمرض عضال سينهي حياته وقد تفاجئ أنه امامه بضعه أشهر في الحياه علي اقصي تقدير، ولكنه رفض أن يكون محاصرا بداخل جسده المريض ، وقرر أن يوظف التكنولوجيا الحديثه التي يمتهنها في إطاله حياته - كما يعتقد هو- فتحول لشخص إلكتروني فخضع جسده لسلسله من العمليات واستبدل أجزاء من جسده إلي الالات فتم إيصاله بجهاز لتوصيل المغذيات مباشره إلي معدته وربط جهاز يصرف الفضلات من جسده ، كما تم فصل المرئ والقصبه الهوائية وتوصيل جهاز يرسل الهواء للقصبة بمعني اخر تم ايصال جسده بمعدات داخليه للحفاظ علي الجثه من التعفن والتحلل لتظل علي قيد الحياه. ويتم تخزين المعدات في انسان آلي علي كرسي متحرك يتكامل مع جسده.
إلا أن السؤال يأتي بشأن قدره الجسد علي التفاعل مع العالم الخارجي، فلم يترك العلماء المجال فكانوا أكثر حرصا علي بناء منظومه تساعد مورغان علي التعامل مع العالم الخارجي عبر صوره تم أنشاؤها بواسطه الكمبيوتر وتقنيه الصوت المركب بهدف التواصل مع العالم.
فموزغان يمثل أول إنسان سيبرناطيقي كامل عبر المزج بين مكونات عضويه وبيوميكاترونيه، ككائن حي بالاساس استطاع استعاده وظيفته وتعزيز قدراته.
وكان بدايه الدمج بين البشر والميكاترونكس عام ٢٠١٣ ولكن كانت علي نطاق أقل كتصميم ساق ذكيه كبديل عن الساق المبتوره أو ارتداء نظاره سايبورغ لتصحيح ادراك الالوان. وحصل السايبورغ علي جواز سفر موثق.
ورغم تلك الجهود إلا أن مورغان جاء ليمثل طفره في العلم في عالم ما بعد الإنسانيه فيسميه البعض بالبشر الجدد.
مما يطرح تساؤلات عديده تحتاج للتدبر مثل :
-اختفاء الموت الجسدي ونظره الدين لتلك الظاهره
- الهويه القانونيه للبشر الجدد هل هي نفس شخصيه الشخص الحقيقي وما يرتب عليه من حقوق سياسيه وقانونيه ام هو شخص جديد بهوية جديده.
هنا قد يعتقد القارئ أن تلك التقنيه بعيده عن عالمنا العربي والإسلامي خاصه في ظل ارتفاع سعرها، الا أن التجربه أثبتت أن كل تكنولوجيا حديثه تظهر مرتفعه الثمن ثم يقل سعرها وتنتشر، ولكننا قد نشهد تلك التقنيه بين العائلات الثريه التي قد تفقد أحد أبنائها خاصه إذا كان وحيد تلك العائله فقد شاهدنا افراح باهظه التكلفه لعائلات عربيه ثريه تخطت ميزانيه بعض الدول الفقيره، فهل تلك العائلات ستتجه لهذه التقنيه لتثلج جراحها.
فمع الوقت سنشهد المزيد والمزيد ولكن علينا أن نعي أن من يمتلك التكنولوجيا هو من يسعي ليتحكم في عالم ما بعد الإنسانية ويحرك البشر الجدد.
وختاما مع كل تلك الجهود ولكن الروح من أمر ربي وسرها عند الخالق عز وجل، وقد نسي هؤلاء العلماء أن المعرفه لا يملكها إلا الله عزوجل.. "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" صدق الله العظيم.
د. هبة جمال الدين
خبير الدراسات المستقبليه بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية
