الخبراء :ارتفاع الأسعار ساهم فى ترشيد إجبارى.. ونحتاج لزيادة الوعى

«هدر الطعام» أمام مجلس الشيوخ.. مشروع قانون لإعادة تدوير الفائض والاستفادة منه

د. رشاد عبده - أميرة صابر - د. وسام منير - د. حمدى عرفة
د. رشاد عبده - أميرة صابر - د. وسام منير - د. حمدى عرفة

خلال شهر رمضان تكثر التجمعات العائلية التى يصحبها اكتظاظ الموائد بكميات كبيرة من الأطعمة، مما ينتج عنه فائض يتم التخلص منه، ومن هنا تظهر مشكلة إهدار الطعام فى الشهر الكريم، ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن هناك نسبة من المواطنين متمسكة بهذه السلوكيات الخاطئة.

«الأخبار» تسلط الضوء على هذه الأزمة، وتناقش الخبراء والمسئولين لمعرفة الأسباب والوصول إلى حلول ..

يرتفع استهلاك المواطنين من الأطعمة بشكل كبير خلال شهر رمضان، وهو ما تؤكده وزارة التموين عندما أعلنت أن استهلاك المصريين خلال شهر رمضان يزيد بنسبة تصل إلى 50% عن باقى شهور السنة، وأن متوسط الاستهلاك الشهرى للمصريين فى الطعام يصل إلى 50 مليار جنيه شهريا، وفى شهر رمضان يصل إلى 75 أو 80 مليار جنيه .

 

مع تزايد هذه المشكلة وصل الأمر إلى مجلس النواب، حيث تقدمت النائبة أميرة صابر، عضو البرلمان عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بمشروع قانون لتنظيم مكافحة هدر الطعام، وتشجيع إعادة توزيعه وتدويره والتبرع به.


وأوضحت النائبة فى المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المقدم أنه يستهدف المساهمة فى إنشاء برنامج قومى لمكافحة هدر الطعام تشرف عليه الهيئة القومية لسلامة الغذاء، ووزارة التضامن بالشراكة مع المجتمع المدني، والاستفادة من عدد من التجارب الدولية فى هذا الشأن ومن أبرزها تجارب فرنسا وإيطاليا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن القانون يفرض عددا من الحوافز والغرامات، ولا يوجد به أى عقوبة سالبة للحرية عن قصد، لتشجيع مقدمى خدمات الطعام من بائعى التجزئة حتى أصحاب المطاعم للتبرع بالفائض الصالح للاستهلاك الآدمى بدلا من أن ينتهى به الحال فى القمامة.


وأكدت أنه وفقاً لمنظمة «الفاو» فإن نسبة الهدر فى مصر ٥٠ كيلو جرام للفرد الواحد، وهى نسبة كبيرة بالمقارنة بنسبة الفقر والتحديات المتعلقة بالأمن الغذائى والمائي.


ويضم مقترح القانون تعريفًا للغذاء باعتباره أى منتج أو مادة قابلة للاستهلاك الآدمي، سواء كانت مادة أولية أو خامًا أو نيئة، مصنعة كليًا، أو جزئيًا، أو شبه مصنعة، أو غير مصنعة، بما فى ذلك المشروبات والمياه المعبأة أو المضافة للغذاء، وأى مادة متضمنة للمياه، والعلكة.


ويستثنى من التعريف العلف، النباتات والمحاصيل قبل حصادها، والحيوانات والطيور الحية قبل دخولها المجازر، والكائنات البحرية وأسماك المزارع قبل صيدها، والمنتجات الدوائية ومستحضرات التجميل، والتبغ ومنتجاته، والمواد المخدرة،والمؤثرات العقلية والكحوليات.


وينص مشروع القانون على أن يحظر على مقدمى خدمات الطعام التخلص من الطعام غير المبيع، وكذا الطعام الصالح للاستهلاك الآدمى بالمخالفة لأحكام هذا القانون، والالتزام بإبرام اتفاقيات وشراكات مع بنوك الطعام ويعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، وتتعدد العقوبات بتعدد الجرائم، وللمحكمة أن تأمر بوقف نشاط مقدم خدمة الطعام أو بنك الطعام المخالف لأحكام المواد المشار إليها لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وتضاعف العقوبة فى حال العودة


ترشيد إجباري


فى هذا الصدد، يقول د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن زيادة استهلاك المواطنين للطعام فى رمضان وإهداره يأتى نتيجة سوء السلوكيات الغذائية والمفاهيم الاستهلاكية الخاطئة، حيث يصل استهلاك الطعام فى الشهر الكريم إلى 80 مليار جنيه وفقا للاحصائيات الرسمية وهو رقم ضخم، ونسبة الإهدار الكبيرة لها سلبيات اقتصادية.


ويتابع فى تصريحاته لـ»الأخبار» أن شهر رمضان يشتهر بالعزومات الكثيرة والزيارات الأسرية، وعندها نجد كمية غير طبيعية من أصناف الطعام نتيجة محاولة الحفاظ على الوجاهة الاجتماعية، ونتيجة لذلك يحدث هدر نسبة كبيرة من الطعام التى يتخلص منها الكثير فى المخلفات، وهو ما يحدث أزمة أيضاً لأنه لا يوجد استغلال أمثل للمخلفات العضوية مثلما يحدث فى دول مثل كوريا الجنوبية.


ويضيف رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الشهر الكريم يرتبط عند المواطنين بإعداد الطعام نظرا لتجمع الأسرة بالكامل خلال وقت الإفطار، فهو الشهر الوحيد فى العام الذى يحرص أفراد الأسرة على التجمع فيه، ومع كثرة الاستهلاك يأتى إهدار الطعام، لذلك فهى مشكلة مرتبطة بالعادات والسلوكيات.


ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار نتيجة الأحداث الاقتصادية العالمية ساهم فى ترشيد الاستهلاك بشكل إجبارى وهناك نسبة من الأسر ليست بالقليلة بدأت فى تصحيح هذه المفاهيم، إلا أن المشكلة لاتزال قائمة عند بعض فئات المجتمع، مؤكداً أن الحل لا يمكن فى سن قوانين جديدة، ولكن بالعمل على زيادة الوعى لمعالجة المفاهيم الخاطئة باستخدام رموز لها تأثيرها الإيجابى على المواطنين.


نقص الوعي


من جانبها تؤكد د. وسام منير، استشارى العلاقات الأسرية، أنه إذا كان إهدار الطعام يشكل أزمة كبيرة طوال العام فإن كميات هائلة من بقايا الطعام تزداد بشكل كبير خلال شهر رمضان، حيث يزداد استهلاك الطعام وإهداره بكميات كبيرة للغاية، حيث يجد حوالى ثلث الطعام المشترى خلال شهر رمضان وأحيانا نصفه طريقه إلى صناديق المخلفات ومكبات النفايات.


وتشير منير إلى أن ظاهرة إهدار الطعام فى رمضان من أشهر الظواهر المنتشرة فى مصر بل الوطن العربى بأكلمه، ويرجع ذلك لنقص الوعى لدى المواطنين فى كيفية الوقوف على الاحتياجات الأساسية من الطعام وكيفية استخدامها وتناولها واعدادها بالكميات المطلوبة، حيث يقوم الأشخاص فى الأعياد والمناسبات بالتباهى والتفاخر بإعداد الموائد المليئة بالطعام بكميات كبيرة، وللأسف يتم إهدارها بصورة أو بأخرى.


وتضيف أنه آن الأوان للقضاء على هذه الظاهرة المتفشية فى المجتمع، نظرا لأضرارها الجسيمة فى حق المجتمع وفى حق الأفراد، فشهر رمضان هو شهر الصيام والعبادات وليس شهر التباهى بالموائد دون مراعاة شعور الفقراء والمحتاجين لهذا الطعام، مؤكدة أنه يمكن القضاء على هذه الظاهرة وذلك من خلال إدراك بعض الأمور البسيطة التى من الممكن فعلها دون جهد أو تعب، منها التخطيط المسبق لشراء ما نحتاجه فقط من الطعام ، دون داع لشراء كميات كبيرة من الطعام لن يتم استخدمها حاليا، كذا استهلاك كميات قليلة من الطعام سواء فى البيت أو خارجة تكفى لاحتياجات الأسرة حتى لا يتم إهدار المتبقى من الطعام.


وتتابع منير، أن ربة المنزل يجب أن تكون على وعى بضرورة تخزين الطعام بشكل جيد فى الثلاجة حتى يحتفظ بفائدته ومذاقه الجيد ويمكن استخدامه عند الحاجة، فضلا عن التعامل مع فضلات الطعام بحكمة وذلك من خلال تجميدها بشكل صحى حتى يمكن استخدامها لاحقاً. واخيرا من الممكن التبرع أو إهداء الطعام المتبقى إلى الجيران أو الأقارب أو أشخاص يستحقونه بدلا من التخلص منه فى القمامة، ومن هنا يمكن التخلص من هذه الظاهرة السيئة فى صورة جميلة ومفيدة.


معدل الاستهلاك


ويعلق د. حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أن نسبة استهلاك الطعام فى مصر كبيرة، ووفقا للإحصائيات ٥٧ ٪ ، من إجمالى دخل المواطنين سنويا يُنفق على الطعام بمعدل ٦٠٥ مليار سنوياً، بواقع 50 مليار جنيه شهريًا على الأكل، ويرتفع لـ 80 مليار فى رمضان.


ويشير أن هناك دراسات تتوقع أنه فى أول ١٠ أيام من شهر رمضان يستهلك المواطنين ٤ مليار و٤٠٠ ألف رغيف، و١٥ ألف طن فول و١٧٠ ألف طن فول مدمس، و٤٧ ألف طن من الأسماك، مع العلم أن نسبة الطلب على الياميش تراجعت بنسبة ٣٥ % لارتفاع سعره، ويصل معدل استهلاك اللحوم ٣ أضعاف الشهور العادية، فضلاً عن زيادة استهلاك الأرز والزيت والسمن ٤٣ % عن باقى الشهور، وزيادة معدل الاستهلاك من الأسواق ٣٣%.. وترتفع استهلاك منتجات اللحوم والدواجن، بنسبة 50%.. مؤكدا أنه بالرغم من أن الأسرة المصرية تنفق ٥٧ ٪ ، من دخلها على الطعام، إلا أن ٣٩ ٪ ، من الطعام يذهب إلى سلة المهملات فى رمضان.


ويؤكد عرفة أن الحكومة تقوم بمجهودات كبيرة من خلال تخفيض السلع فى فى أكثر من ٣٩ ألف منفذ حكومى وخاص منها ٨ آلاف منفذ بالمجمعات الاستهلاكية بوزارة التموين، كما يتم ضخ عشرات الآلاف يوميا من اللحوم والأسماك ومستلزمات رمضان، وتظل محافظات الوجه البحرى الأكثر استهلاكا للطعام.


ويضيف أن هذه المشكلة مرتبطة بالسوكيات، وليست فقط فى مصر بل الدول العربية، حيث أن حجم الإنفاق الغذائى فى رمضان عربيا يرتفع بنسبة ٥٥٪ ، مقارنة بباقى شهور السنة، ويهدر الفرد فى العالم العربى متوسط ٢٤٠ كيلوجرام سنويا من الغذاء، و يزيد فى رمضان ليصل إلى ٣٣٠ كيلو جرام، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو».

إقرأ أيضاً|الأمم المتحدة: الحرب الأوكرانية قد ترفع أسعار الغذاء بنسبة 20%