إنها مصر

العاشر من رمضان

كرم جبر
كرم جبر

توقفت عجلة الزمن يوم 6 أكتوبر 2013 أمام إعلانات فى بعض الصحف اليومية، تهنئ الرئيس الإخوانى محمد مرسى وتصفه بأنه «قائد العبور» فى حرب العاشر من رمضان المجيدة، بينما صناع الانتصار العظيم غائبون عن ساحة الاحتفال الذى أقيم باستاد القاهرة، وفى السماء تخيم سحابة سوداء داكنة، تنذر بالغضب والثورة، وتشعل ناراً فى أعماق كل وطني، يبكى حزناً على محاولة سرقة انتصار وطنى بتبجح وفجاجة.


وكانت نقطة فاصلة صعدت بجماعة باغية إلى هاوية السقوط، وإنذار شديد اللهجة بأن هذا الوطن يواجه مخاطر السطو على تاريخه وحضارته وثقافته وقوته الخشنة والناعمة، فمن يسرق ملحمة شعب، لن يعز عليه أن يمحو هويته، وقرر الشعب أن يكون العبور الحقيقى هو اقتحام «خط الأخونة»، الأكثر خطورة من «خط بارليف».
حرب العاشر من رمضان أعادت سيناء إلى حضن الوطن، وقررت مصر أن تستعيد وطناً بأكمله، مصر التى استهانوا بها ولم يحسبوا غضبة شعبها، الذى لم ينم ساعة واحدة حتى استعاد أرضه، ولم يهدأ لحظة واحدة حتى استعاد وطنه، وكما رحل عدو غادر، يجب أن ينزاح عدو أكثر غدراً.
تحركت فى أحشاء الوطن نذر الثورة، وظلت إرادة النصر تعلو فى النفوس، وتوقظ حلم الخلاص، إنها مصر التى تجهلون سرها، يحرسها جيش قد عاهد الله أن يحمى عرينها، ولم يفهم لصوص النصر، أنهم اقتربوا من خط أحمر، هو جيش مصر.


لم يفهم لصوص الانتصار أن "سيارة السادات المكشوفة" التى ركبها مرسى متباهياً يوم 6 أكتوبر 2013 فى استاد القاهرة، هى "سيارة دفن الموتى" لشخصه وجماعته، حتى تحيا مصر وتخلد تاريخاً من صنع رجال، ضحوا بحياتهم ودمائهم من أجل الحرية والعزة والكرامة والكبرياء، ولن يفرطوا فى الأمانة التى أوكلها لهم الشعب.
فى الصف الأول كان يجلس قاتل السادات طارق الزمر، منتفخاً ومنتشياً، وحوله أهله وعشيرته يدقون الدفوف، إنها نهاية التاريخ عندما يسطو اللصوص على أكثر نقطة مضيئة فى حياة مصر، ويستبدلون السيارات المفخخة والسنج والجنازير التى يروعون بها الآمنين، بأوسمة ونياشين وهمية، ويغسلون أيديهم المخضبة بالدماء، بمياه قناة السويس التى شهدت أسطورة العبور.


النصر العظيم عاد إلينا مصرياً وطنياً محاطاً بأغانى النصر، ليقول لأبطاله الحقيقيين: كل انتصار وأنتم بخير، فنحن اليوم نعيش مرفوعى الرأس لسبب النصر العظيم الذى حققته القوات المسلحة.