ليلة لم تنم فيها القاهرة القديمة.. «الحامولي» صعد مئذنة الحسين

 الحامولي
الحامولي

وصف الشاعر خليل مطران ليلة من ليالي رمضان أحياها المطرب الكبير عبده الحامولي على مئذنة جامع الحسين فيقول: «اجتمعنا في  يوم من رمضان عند عبده الحامولي وبعد تناول الإفطار اقترح بعض الرفقة أن نتوجه إلى مسجد سيدنا الحسين وأن يصعد الحامولي مئذنة المسجد ويتشهد بعض التسابيح".

 

 

وهذه التسابيح جرت العادة ان تنشد في آواخر رمضان ويسمونها في الأقطار العربية بالتواحيش ومعناها توديع رمضان وبث ما لفراقه من الوحشة في النفوس، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في 1968.

 

اقرأ ايضا:بعد قرار منع «البقشيش».. ما هي الدول التي تمنع الإكرامية ويتعتبرونها إهانة


لم يتردد عبده الحامولي في الموافقة وما كدنا نصل حتى كان الخبر قد جال جولة البرق بين الجماهير في الحي كله فلم يحن وقت الآذان حتى كانت المقاهي وشرفات المنازل المجاورة والساحة الممتدة أمام المسجد تحتوي من الخلق ما لا يدرك البصر آخره.

 

 

وبدأ عبده إنشاده بصوت هادئ ينحدر إلى المسامع وفيه كل الوقار من خشية الله وكل الرجاء في فضل الله وفي مغفرة الله والجمهور في أثر كل وقفة من وقفاته يملأ الجو تهليلا وتكبيرا  وقد بدأ الحامولي انشاده بالبيتين:
يا من تحل بذكره   عقد النوائب والشدائد
يا من لديه الملتقى    وإليه أمر الخلق عائد

 


بيتان من هادئ الشعر ومن أشق ما يكون في التلحين ولكن ذلك المطرب العجيب تصرف في  إلقائها والترنم بهما تصرفا لا يقدر عليه الا من أوتي عبقرية مع صدق إيمانه .

 

 

وقد عقب على هذين البيتين بكثير غيرهما وكلها في معنى الاستقامة وقد مكث على هذا ساعة او نحوها وعند كل مقطع يقف عنده ترتفع في أثره الآهات من الصدور ولها دوي كدوي البحر الزاخر.

 

 

ذلك هو عجب الفن يعززه الإيمان ولقد خيل إلي في تلك الليلة أن للإيمان ضوءا كأعلى اللهب في الحريق منبسطا في اضطراب فوق رءوس تلك الجماهير وأن له حرارة ترتفع وتمتد خارجة من أعماق الافئدة يتكهرب بها الأثير إلى مدى بعيد في الفضاء المنير.

 


المصدر : مركز معلومات أخبار اليوم