المسلة المصرية بإسطنبول لؤلؤة تحتمس الثالث.. تجذب عشاق الحضارة المصرية  

المسلة المصرية بإسطنبول
المسلة المصرية بإسطنبول

بجوارالمسجد الأزرق، وفي منتصف المسافة التي تفصله عن مسجد آيا صوفيا، تقع المسلة المصرية، هذه المسلة التي بمجرد أن تنزل بساحتها يهفو قلبك نحوها فلا ترى غيرها، وتشعر حينها أنك بجوار معبد الكرنك، وأن معشوقتك التي سلبت عقلك وقلبك ها هي بين يديك، منصوبة بالصرح السابع من صروحه.. كم هي لحظات جميلة تلك التي تقضيها وأنت تتجول حولها وتتوقف مشدوها أمام جوانبها الأربعة؛ حتى تكاد عينيك أن تدمع، من فرط جمالها.

وعن تاريخ هذه المسلة يقول الباحث في الآثار المصرية د. حسين دقيل أنها تعود إلى عصر الملك تحتمس الثالث (1481-1425 ق.م) سادس حكام الأسرة الثامنة عشرة، وأعظم ملوكها المحاربين؛ فهو مؤسس أول إمبراطورية شهدها العالم، اشتهر بشخصيته القوية وعبقريته العسكرية الفذة؛ فاهتم بالجيش، وزوده بالفرسان والعربات الحربية، وقام بنحو ست عشرة حملة عسكرية على فلسطين وسوريا واستطاع خلالها أن يدعم نفوذه هناك، كما دعمه جنوبا في بلاد النوبة. 

وقد ظلّت المسلة في مكانها بمعبد الكرنك عدة قرون حتى نقلها ملك روما، قسطنطين الثاني (337-316م)، إلى الإسكندرية، تخليدا للذكرى العشرين لجلوسه على العرش، ثم نُقلت من الإسكندرية إلى القسطنطينية عام 390م، في عهد الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الأول (347- 395م). وهي من الجرانيت الأحمر، طولها الأصلي 30 مترا، غير إنها تعرّضت للضرر أثناء نقلها من مصر، فأصبح طولها 18.45 مترا، وكان وزنها الفعلي في البداية 380 طنا. ولا تزال سليمة، على الرغم من مرور أكثر من 3500 عام على إنشائها. 

تحمل جوانب المسلة الأربعة نقوشا هيروغليفية واضحة؛ تبدأ باسم الملك تحتمس الثالث، وتتحدث عن انتصاراته في معركة الفرات بسوريا، كما يظهر المعبود آمون وهو يقدم علامة الحياة (عنخ) للملك تحتمس الثالث، في حين نرى الملك يقدم القرابين للمعبود آمون. أما قاعدة المسلة؛ فبيزنطية، أنشئت في عصر ثيودوسيوس الأول، ونُقشت بمناظر تحمل صورة الإمبراطور وعائلته وجنوده، وهو يراقب الأنشطة الرياضية؛ كسباق الخيل والمصارعة. 

وظلت المسلة، على الرغم من كلّ الزلازل والاضطرابات التي تعرّضت لها إسطنبول على مدار 16 قرنا، ثابتة. وحولها ترى العازفين والمغنين يلتفون ليقدموا عروضهم أمام جموع السائحين الذين يفدون إليها من شتى بقاع الأرض.