فى الصميم

الكل فى مأزق.. وأمامهم مسودة اتفاق!

جلال عارف
جلال عارف

فى وقت تبدو فيه كل أطراف الحرب فى أوكرانيا وكأنها تستعد لصراع طويل، فإن الاتصالات العلنية والسرية بينها لا تنقطع لتفادى الأسوأ ورغم التصعيد فى المواقف فإن الاشارات على ارض الواقع تقول إن هناك تهدئة فى القتال الدائر، وأن روسيا تنفذ ما كانت قد أعلنته عن سحب قواتها من محيط العاصمة الأوكرانية "كييف" ومن عدد من المدن الكبرى، وأن ذلك يتوازى مع تأكيد أوكرانيا لقبولها مبدأ الحياد، وترجمة ذلك فى وثائق مكتوبة بعد أن تكرر مثل هذا الاعلان ثم العودة عنه عدة مرات.
هذه المرة تقدم أوكرانيا تصورها للحل فى اقتراح قدمه وفدها فى المباحثات مع روسيا وافقت فيه أوكرانيا على أن تكون محايدة ولا تمتلك أسحة نووية، وألا تنضم إلى تكتل عسكرى (المقصود حلف الناتو) وأن ترفض استضافة قواعد عسكرية.
هذه كلها كانت مطالب روسية أساسية، ولهذا كان من الطبيعى أن تصف روسيا المقترحات الاوكرانية بأنها إيجابية وأكثر واقعية حتى وإن ظل الخلاف على تفاصيل تلك البنود وأيضاً يبقى الخلاف على بنود أساسية مثل قضية شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا قبل ثمانى سنوات، وعلى الوضع فى اقليم دونباس حيث تقع الجمهوريتان الانفصاليتان اللتان اعترفت روسيا باستقالهما مع بداية الحرب.. تبقى نقاط الاختلاف، لكن تبقى الحقيقة هى أن الجانبين يتحدثان الآن عن "مسودة اتفاق" يجب العمل عليها  لإنهاء الحرب. وتبقى الحقيقية أيضاً أن المحادثات فى حقيقتها هى بين روسيا وأمريكا، وهو ما يعنى أن هناك مساحة من التعقل والبحث عن حل رغم ضراوة الصراع ولغة التصعيد فى الخطاب السياسى والإعلامى من الجانبين!
وبعيدا عن موقف "أوكرانيا" الضحية الأولى للحرب، فإن كل الأطراف تحاول أن تبدو فى صورة من يستعد لحرب طويلة، وتحاول أن تجمع ما تستطيع من أوراق الضغط لإنهاء هذه الجولة فى أسرع وقت، وفى أفضل وضع يمكن لها الوصول إليه.
الآن تفرض الحقائق نفسها.. كل الأوراق على طاولة التفاوض الأساسى بين أطراف الصراع، وكل الأطراف تعرف أنها لا تستطيع تحمل حرب طويلة وشاملة. أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن البترول والغاز، وروسيا لا تستطيع تحمل العقوبات ولا تستطيع أيضا تحمل خسارة أوروبا كشريك تجارى أهم. وأمريكا تعرف جيدا أنها لا تستطيع أن تمضى فى هذه الحرب أكثر من ذلك.
أمامنا الآن أطراف متعبة فى حرب كان يمكن تفاديها، ومسودة اتفاق يتم العمل عليها لوضع حد لهذه الحرب.. وهو ما سيحدث حتما مهما كانت العقبات، ليكتشف الجميع بعدها أن الكل خاسر!!