إنها مصر

اللهم بلغنا رمضان

كرم جبر
كرم جبر

"اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين"، ونحن فى أتم صحة وراحة البال، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأن يهل علينا الشهر الكريم بالأمن والإيمان والسلام، وأن يعيننا الله على الصيام والقيام وقراءة القرآن.


رمضان يعكس روح السماحة والمحبة والتعايش والسلام، وأحلى ما فيه البهجة والفرحة التى تدخل قلوب الصغار والكبار، وكلمة "كل سنة وأنت طيب"، وتبادل التهانى والدعاء، من المسلم والمسيحى وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، ممتلئا بحب الله وحبيب الله، عاشقاً لبلده الذى أضفى على الإسلام، صفاء القلوب ونقاء السريرة، والبعد عن كل صور التطرف والغلو.


رمضان فى مصر غير كل بلاد الدنيا، هو الزينات والأنوار التى تملأ الشوارع والمساجد، التى لا ينطفئ نورها واللمسات الإيمانية الهادئة، التى تجمع قلوب المصريين فى صلاة الفجر، والتواشيح التى تملأ فضاء الكون، وتعكس فناً مصرياً أصيلاً، يمزج بين حلاوة الإيمان، وروعة الدعاء الذى ينساب على الألسنة وينبع من القلوب.


فى رمضان تمتلئ المساجد بعد انقشاع كورونا، وفى صلاة الفجر يتذوق الصائم حلاوة الإيمان، المشفوع بكل مظاهر البهجة، ومصر هى الدولة الوحيدة فى الدنيا، التى لا ينام أهلها ليل نهار فى هذا الشهر الكريم، وما أجمل ساحات السيدة زينب والسيد البدوى وعبد الرحيم القنائى وغيرها، وتتجسد فرحة رمضان فى مسجد السيدة نفيسة بالذات، ربما لأنها ماتت فى شهر رمضان وهى صائمة، وربما لأن مسجدها يفوح بروائح مصرية إيمانية، وربما لأنها اختارت أن تدفن فى أرض مصر الطيبة، لتظل سيرتها العطرة تملأ الميدان.


مصر التسامح هى التى ترفض دعاوى التطرف والتشدد، ويرفض شعبها من يحرمون مظاهر البهجة، واستهجنت من يحرمون الفوانيس والزينات والطعام والشراب، فلا تقشف ولا تضييق على العباد، ولا يقتصر فعل الخير على الصوم والصلاة، وإنما يتسع بامتداد موائد الرحمن فى ملحمة للتكافل والمساواة، عندما يأكل الجميع من طبق واحد وطعام واحد، وألسنتهم تهمس بالدعاء "اللهم إنى لك صمت وعلى رزقك أفطرت".
رمضان فى مصر غير كل بلاد الدنيا، فى كل شيء حتى البرامج والمسلسلات، والبلد كله يعلن حالة الطوارئ القصوى، استعداداً لقدوم ضيف كريم، يستحق كل الحفاوة والتقدير والاحتفاء.. هكذا كان رمضان وسيظل إلى الأبد، فى مصر.. أم الدنيا.. وكل عام وأنتم بخير.