اختراع «آنا».. الوهم فى صور الإنستجرام!

مسلسل اختراع آنا
مسلسل اختراع آنا

يحيى وجدى

اختراع آنا”، هو مسلسل قصير من 9 حلقات تعرضه شبكة “نتفليكس” حاليا، أحداثه مأخوذة عن قصة حقيقية لفتاة في بداية العشرينات من عمرها تدعى “آنا ديلفي”، استطاعت أن تخدع مجتمع أغنياء “منهاتن” - حي المال والأعمال في نيوريوك والأشهر في العالم - بحضورها القوي على “إنستجرام”، وكادت تقترب من اقتناص مبلغ يتجاوز العشرين مليون دولار بإعتبارها فنانة ومقتنية لوحات ومستثمره وابنة ثري ألماني يخصص لها صندوقا إئتمانيا رأسماله يصل إلى 60 مليون يورو، وتسعى لتأسيس نادي عالمي للموضة والفنون يكون أعضاءه من الأثرياء.

“آنا ديلفي” في الحقيقة لم تكن كما قدمت نفسها، وإنما هي فتاة من أصل روسي، وأبنة أسرة عادية مكافحة، وأسمها الحقيقي “آنا سوروكينلكن”، وموهبتها الحقيقية كانت في جمع معلومات كثيرة وعميقة عن الفن وعن الموضة، موهبة استثنائية في صناعة صورة مغايرة لحقيقتها عبر السوشيال ميديا، وموهبة نادرة في إختراق مجتمع الأغنياء، ومن ثم تمتعت الفتاة الشابة طوال 4 سنوات بالإقامة في أغلى الفنادق، وارتدت أفخر الثياب من أشهر الماركات، حتى أنها استطاعت أن تستقل طائرة خاصة مستأجرة بتكلفة تبلغ 35 ألف دولار دون أن تدفع منها سنتا واحدا، وأن تقضي إجازة فاخرة في أرقى منتجعات المغرب بتكلفة تزيد على 60 ألف دولار، وورطت صديقة لها في دفع المبلغ!


في النهاية لم تنجح “آنا” في الحصول على القرض المليوني، وحوكمت فقط في عام 2019 بتهمة النصب على الفنادق والمحال التجارية، لكنها طوال محاكمتها كانت تؤكد أن خططها الإستثمارية كانت حقيقية وواقعية وأنها تستحق الأموال التي طلبتها!

تابعتُ المسلسل بالتوازي مع متابعة تحذيرات الكثيرين على “فيس بوك” من فتاة قدمت نفسها بإعتبارها مكافحة قادمة من الريف وتمتلك حلما بإقامة مصنع للمنتجات الخشبية، لكن مشكلات عابرة أعاقت عملها واحتاجت إلى سُلف، ومن خلال الصورة التي قدمتها لنفسها على السوشيال ميديا، نجحت في اقتراض أموالا ممن أرادوا مساعدة المكافحة الشابة وصدقوا خططها الإستثمارية ووعودها بالسداد، لكنها ومع حلول المواعيد نشرت على حساباتها مشكلات جديدة تعوقها، وهكذا، راحت تهاجم ضحاياها انطلاقا من شعور راسخ لديها بالإستحقاق، وأنها عقلية اقتصادية ناجحة يعوزها المال فقط، لكنها ستنطلق حتما وتنتصر على أكاذيب من أقرضوها أنفسهم!


أريد أن أقول مسلسل “اختراع آنا” عمل جميل ويستحق المشاهدة، وإن الحياة من حولنا وعلى السوشيال ميديا مليئة بالدراما الواقعية.