فى الصميم

التفاوض.. بالصواريخ!!

جلال عارف
جلال عارف

لأول مرة منذ اندلاع الحرب فى أوكرانيا، تعلن روسيا عن استخدام صواريخ أسرع من الصوت فى تدمير أهداف عسكرية.. قالت وزارة الدفاع الروسية إنها دمرت مستودعاً كبيراً للصواريخ وذخائر الطائرات باستخدام صواريخ من نوع "كينجال" الأسرع من الصوت خمس مرات، والقادر على إصابة أهدافه بدقة بالغة على بعد ألفى كيلو متر.


تطور مهم فى الحرب التى تجرى منذ ثلاثة أسابيع حرصت روسيا على إعلانه فور وقوعه. لا تبدو الضرورة العسكرية هى الحاكمة فى هذا التطور، وتدمير مستودع أسلحة هدف صغير "من الناحية العسكرية" أمام هذا السلاح الخطير. لكن يبدو أن الصواريخ الروسية هنا كانت تحمل من الرسائل السياسية والاستراتيجية بأكثر مما كانت تحمل من المتفجرات!
يأتى الإعلان عن استخدام هذه الصواريخ بعد ساعات من مباحثات الرئيسين الأمريكى والصينى وما تضمنته من أحاديث أمريكية عن مساعدات عسكرية واقتصادية من الصين لروسيا. تريد موسكو هنا أن تقول إنها ليست بحاجة إلى سلاح فى هذه الحرب، وإن ما لديها من سلاح لم تستخدمه بعد أكبر من أى قدرة عسكرية تواجهها فى ساحة القتال.
وتريد روسيا أيضاً أن تؤكد جدية تحذيراتها بشأن إمدادات السلاح إلى أوكرانيا. فبعد أن ضربت القاعدة العسكرية التى يعمل بها مدربون عسكريون وجنود أجانب بالقرب من الحدود البولندية. ها هى تضرب مستودعاً مهماً تحت الأرض للسلاح، مع التأكيد مرة أخرى من القيادات الروسية على أن الشحنات العسكرية التى ترسل لأوكرانيا ستكون أهدافاً مشروعة للهجمات الروسية.


وتريد روسيا طمأنة الرأى العام لديها، والرد على ما قيل من أسباب لعدم حسم المعركة على الأرض حتى الآن. تريد أن تقول إن صواريخها قادرة على الحسم السريع لكن الثمن سيكون فادحاً. لكن الأهم بالطبع هو أن الرسائل الروسية هنا تتجاوز أوكرانيا إلى ما تعتبرهم الخصوم الحقيقيين فى هذه الحرب "أى أمريكا ودول الناتو" لتقول إن عليهم أن يتحسبوا لردود فعلها على حربهم الاقتصادية ودعمهم لاستمرار القتال فى أوكرانيا مع مخاطر حرب أوسع تذكر بها الصواريخ الأسرع من الصوت القادرة على الافلات من كل أنظمة الدفاع الجوى!!


لافت فى محادثات الرئيسين الأمريكى والصينى أول أمس، دعوة الصين لأمريكا وحلف "الناتو" للدخول فى تفاوض جاد لحل "جوهر" الأزمة وتبديد المخاوف الأمنية لكل من روسيا وأوكرانيا. نرجو أن تكون الصواريخ الأسرع من الصوت حافزاً جديداً لهذا التفاوض، لا أن تكون بديلاً عنه!!