فوق الشوك

رسائل جلال دويدار لشباب الصحفيين

شريف رياض
شريف رياض

وأنا أمسك بالقلم لأكتب عن أستاذنا ومعلمنا الراحل الكاتب الكبير جلال دويدار رأيت أن آخذ منحى آخر غير الحديث عن شخصيته وصفاته وعلاقتى به طوال 47 عاما.. رأيت أن أستعرض أهم ما جاء فى كتابه «حكايتى مع صاحبة الجلالة» ، الذى أعده خلال الشهور الأخيرة وصدر قبل وفاته بأيام وكأنه كان يودعنا برسائل نصح لشباب الصحفيين كشفت متى بدأ عشقه للصحافة وكيف اقتحم بلاطها من بوابة «أخبار اليوم»، التى تدرج فيها من محرر تحت التمرين حتى أصبح رئيسا للتحرير نذكره دائما بكل خير لأنه لم يكن أبدا مجرد رقم فى قائمة رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على رئاسة تحرير معشوقته «الأخبار» بل ترك أثرا كبيرا وسيرة طيبة سجلت اسمه بحروف من نور فى تاريخ صاحبة الجلالة.

قدرت له ما جاء فى مقدمة الكتاب حينما أرجع الفضل لإقدامه على تسجيل مسيرته الصحفية الممتدة لما يقرب من 65 عاما إلى ابنه - هكذا وصفه - الصحفى المتألق ياسر رزق الذى شجعه على هذه الخطوة وتشاء الأقدار أن يسبقه إلى دار الحق بـ23 يوما بعد أن ودعنا بكتابه «سنوات الخماسين».

فى المقدمة أكد جلال دويدار التزامه طوال مسيرته الصحفية بقيم احترام أساتذته مصطفى وعلى أمين وجلال الدين الحمامصى وموسى صبرى وأحمد زين وسعيد سنبل آخر رئيس تحرير لـ«الأخبار» قبل أن يتولى هو هذه المسئولية عام 1992 ولمدة 13 عاما.

الرسالة الأهم لشباب الصحفيين لخصها فى الإخلاص والشفافية والتفانى والبذل والعطاء والمصداقية وتقبل المعاناة والاجتهاد والانضباط والعدالة وحسن التعامل والانتماء والولاء لمهنة الصحافة ولأخبار اليوم، هذه المبادئ- بالإضافة إلى أدائه- أكسبته ثقة كل من تعامل معهم على جميع المستويات الرسمية والمهنية.

عشقه للصحافة بدأ وهو طالب بالمدرسة الابتدائية من خلال مواظبته على قراءة الصحف والمجلات وشجعه والده على ذلك وظل يحلم أن يصبح صحفيا.. وعندما التحق بالمدرسة الثانوية بدأ يكتب فى الباب المخصص للقراء بمجلة «الاثنين» وفى الثانوية العامة وأثناء العودة من رحلة مدرسية لأسوان تعطل القطار بسبب حادث لقطار آخر، فأسرع إلى مكان الحادث وقام بتصوير خروج القطار عن القضبان وجمع المعلومات اللازمة وتوجه بها فور وصوله إلى «أخبار اليوم» واستقبله سكرتير التحرير عثمان لطفى الذى فحص المعلومات والصور التى قدمها وتم نشرها فى اليوم التالى ففرح أشد الفرح.. ومرت الأيام حتى أتيحت له فرصة التدريب ثم العمل فى «الأخبار» والتدرج فى المناصب التحريرية بها حتى أصبح رئيسا للتحرير.

وطوال الفترة التى قضاها مديرا تنفيذيا للتحرير ثم رئيسا للتحرير بالإنابة ثم رئيسا للتحرير أكد جلال دويدار حرصه أن يكون عادلا ومنصفا فى عمله وكان الانتماء والولاء لـ«الأخبار» والبذل والعطاء لنهضتها وتقدمها هو معيار تعامله والحكم على أداء الصحفيين بلا استثناء.. ومن بين المبادئ التى تبناها التفرقة فى المعاملة، بين الصحفى الذى اختار السفر للعمل بالخارج والصحفى الذى فضل البقاء عضوا عاملا فى أسرة تحرير «الأخبار» وكان له موقف حاسم من الصحفيين الذين يعملون بصورة سرية فى الصحف الخاصة المنافسة وحرص على مراعاة ذلك فى أى علاوات أو امتيازات مالية.

أكد دويدار أيضا أن الطريق إلى المناصب الصحفية ليس سهلا ولا مفروشا بالورود لكنه حافل بالصعوبات ويتطلب البذل والعطاء والاجتهاد والحرص على تحقيق التفوق والانفرادات الصحفية المتميزة.. رحم الله أستاذنا جلال دويدار.