عاجل

عبير حمدي تكتب:عمتي والحرب 

عبير حمدي
عبير حمدي

 منذ الغزو الروسي لأوكرانيا والأسعار في ارتفاع مستمر، وللموضوعية زيادة أسعار بعض السلع المستوردة، أو التي تحتاج إلى مستلزمات إنتاج من الخارج طبيعي، ولا يندرج تحت بند جشع التجار، لكن ما يثير الدهشه،  ارتفاع أسعار سلع ومنتجات صنع أو زرع بمصر بنسبة 100% .

وحيث أننا نتبع نظام الاقتصاد الحر، الذي  يعتمد على العرض والطلب، ودور جهات الرقابة التموينية، وحماية المستهلك يتوقف عند متابعة الأسواق، للتأكد من جودة وصلاحية المنتجات، وتدوين الأسعار على السلعة، والتصدي للاحتكار واخفاء السلع لضمان إتاحتها بالأسواق، تصبح الكرة هنا في ملعب المواطن .

وهنا اتذكر عمتي رحمها الله، التي علمتني سياسة الترشيد والاستغناء إذا لزم الأمر، لم أستطع تفسير ما تفعله أثناء طفولتي، كنت أتسلل دائما من شقتنا إليها في الطابق الثالث، لمشاركتها استماع برنامجها المفضل عبر الاثير ( إلى ربات البيوت) ثم يأتي دورها لمشاركتي الاستماع( لابلة فضيلة).

كان سلوك عمتي المتزن والرشيد كفيل بأن يرسخ بداخلي قيم ومبادئ لم أكن لاتعلمها بقراءة مئات الكتب، ساعدتني على تجاوز مصاعب الحياة، واليقين بأن المنح تأتي دائما من رحم المحن .

كانت عمتي إذا اشترت سلعة، تشتري بقدر ما تحتاج دون زيادة، وإذا أعدت طعام تحرص أن يكون شهي مغذي دون أن يكون مرتفع التكاليف، وإذا تناولت الطعام لا تفرط وكأنها عارضة أزياء تحرص على رشاقتها، وإذا توضأت كانت تفتح سىرسوب من الماء، رغم أنها لم تكن معنية بدفع الفاتورة.

 كانت هذه التصرفات تجعلني أتساءل كثيرا بيني وبين نفسي لماذا عمتي بخيلة ؟ رغم أنها ليست فقيرة، وعرفت الإجابة على السؤال الذي كثيرا ما  قفز بذهني يلاحقني، وكنت أخجل أن أطرحه وكتمته بداخلي، حتي علمت الإجابة عندما كبرت ، كانت عمتي رشيدة تعرف كيف تمارس سياسة الاستغناء التي تزيد من صلابتها وقدرتها على مواجهة الحياة .

وملخص القول إن السوق يخضع للعرض والطلب، فإذا انخفض الطلب على السلع، زاد حجم المعروض منها ،وما يترتب عليه انخفاض في الأسعار، لذلك اتخذ من سلوك عمتي رحمها الله نهج وأسلوب حياة، اشتري بقدر احتياجي ، استبدل السلع التي يرتفع سعرها، ببديل أقل سعرا .