مفاجآت مثيرة في أشهر قضية إتجار بالبشر في العالم

الامير اندرو
الامير اندرو

دينا جلال

تحولت أشهر قضية إتجار بالبشر فى العالم إلى فصول من الدراما الصادمة، يحمل كل منها ذروة أحداث ومفاجآت غير متوقعة، بدأت أحداثها رسميًا وقانونيًا منذ ثلاث سنوات تقريبًا في الولايات المتحدة الأمريكية بناءً على جنسية وإقامة المتهم الرئيسي فى القضية وهو تاجر القاصرات الامريكي «جيفري إيبستين» وانتقلت الاحداث سريعًا من بلد لأخرى لتفتح ملفات عديدة لا تقتصر فقط على تنوع هوية وجنسية المتورطين فى القضية وإنما تكشف عن طرق مشاهير واثرياء العالم في الخروج من مأزق الفضيحة والمثول امام العدالة.

تسوية مالية محرجة للعائلة الملكية في بريطانيا وانتحار متهم ثان في القضية أثناء حبسه، سيطرت تلك العناوين على الصحف العالمية على مدار الايام الماضية ونبدأها من بريطانيا حيث وضع الامير اندرو عائلته الملكية وتحديدًا والدته الملكة اليزابيث الثانية في مأزق حرج بسبب الدعوى القضائية التي أقامتها اشهر ضحية لشبكة جيفري ايبستين، الأمريكية فيرجينيا جيوفر التي كشفت عن استغلالها وإجبارها على لقاء الامير اندرو ثلاث مرات والاعتداء عليها وهى قاصر سنة 2001 حيث لم تكمل عامها الثامن عشر، وأصرت فيرجينيا على رفع دعوى مدنية امام محكمة بنيويورك.

 تصاعدت الاحداث الشهر الماضي حين طلب محامي أندرو إلغاء القضية إلا أن القاضي اصر على رفض طلب رد الدعوى المدنية بشكل قاطع مؤكدًا انه طلب مرفوض من جميع النواحي، في تلك اللحظة قرر القصر الملكي التخلي عن الامير باتخاذ سلسلة قرارات لتجريد الامير من كافة الألقاب العسكرية والملكية ذات الصفة الرسمية، وأشار البيان الملكي إلى أن دوق يورك لن يتولى أى منصب عام وسيدافع عن نفسه في هذه القضية كمواطن عادي دون أن يتلقى تمويلا من القصر الملكي لتحمل أى رسوم للمحاكمة.

صفقة الأمير

انتهى دور القصر الملكي عند هذا الحد ولكن لم تنته خطط الامير اندرو للهروب من المثول للعدالة عبر صفقة غير قانونية انكشفت تفاصيلها لتؤكد؛ أن الامير لم تنقطع علاقته بالقصر الملكي بل كشفت الصحف عن تردده لزيارة الملكة فى قلعة وندسور سرًا كل ليلة لمدة اسبوع لمناقشة تفاصيل خروجه من مأزق المحاكمة، وكشفت الصحف رغبة الامير فى الابتعاد عن المصورين فى النهار بعد تحذيرات الامير تشارلز بالتوقف عن التقاط صور له أثناء زيارته للملكة وهو مبتسم حتى لا يواجه المزيد من الغضب الشعبي والانتقادات نحوه.

انتهت الزيارات السرية بالكشف عن إتمام صفقة او تسوية مادية مع فيرجينيا جيوفر حصلت فيها على 12 مليون جنيه استرليني مقابل الصمت وانهاء القضية ضده  للتهرب من المثول امام القضاء الامريكي، واعتقد الجميع أن الامور ستهدأ باعتذار أندرو للملكة وبناته لإلحاقه الضرر للنظام الملكي بأكمله، ولكن لاحقته موجة من الانتقادات والتساؤلات بسبب تعهداته السابقة بمواجهة مزاعم واتهامات فيرجينيا ضده واستجابته للمثول امام هيئة المحلفين مثل أى مواطن عادي، وتساءل منتقدوه عبر الصحف عن مصادر اموال الامير التي منحها لفيرجينيا وكذلك دور الملكة نحو تمويل ابنها «المفضل» كما تصفه الصحف وحول ما إذا أسهمت في دفع فاتورة اخطائه وتجاوزاته الاخلاقية ومنها التبرع  بالملايين ضمن صفقته لجمعية روبرتس الخيرية التي أنشأتها لمساعدة ضحايا الإتجار والاستغلال الجنسي.

انتحار جديد

لم تنته أزمة صفقة الامير حتى ثارت قضية أخرى انتقلت احداثها بشكل مفاجئ إلى فرنسا لتشهد حادث انتحار متهم ثان فى نفس القضية وهو جان لوك برونيل -76 سنة- صديق جيفري ابستين أو مموله بالقاصرات الذي تورط معه طوال حياته لتتماثل نهايتهما بالانتحار فى الزنزانة، وكشفت الصحف الانجليزية عن تخلص برونيل من حياته خوفًا من المثول للعدالة ولم تتوقف النظريات عن طرح إحتمالات تشير الى تعرضه للقتل خوفًا من اقتراب موعد محاكمته والإفصاح بالمزيد من الاسرار حول مشاهير عصابة ايبستين.

واجه برونيل اتهامات بالاعتداء على فتيات قاصرات تتراوح أعمارهن بين 15 و 18 عامًا بالاضافة إلى الإتجار بعشرات الفتيات، وكشفت فيرجينيا جيوفر عن شهادتها لتؤكد لقاءها ببرونيل عدة مرات وعمرها ما بين 16 و19 سنة، وتشير التحقيقات إلى قيام برونيل بالإتجار في أكثر من ألف فتاة وامرأة قام بحثهن على السفر إلى مقرات مختلفة تحت إدارة جيفري ايبستين لإمداد زبائنه بالفتيات القاصرات، ولم تبتعد علاقة برونيل عن الامير اندرو ايضا حين كشف المحققون الفرنسيون عن رغبتهم فى استجواب الامير من قبل بسبب صلته المشتركة ببرونيل وجيفري ايبستين، وكشف «ريمي هيتز» المدعي العام في باريس؛ أن برونيل مشتبه به فى تسهيل نقل وإيواء الفتيات بالنيابة عن جيفري إيبستين لمساعدته فى إدارة شبكته، كما جاء في أوراق المحكمة أن برونيل اخفى جرائمه وراء عرض وظائف عارضات أزياء على فتيات قاصرات تبدأ أعمارهن من 12 سنة، واصطحبهن إلى الولايات المتحدة لدعم شبكة جيفري ابستين، وألقت الشرطة الفرنسية القبض على برونيل في مطار شارل ديجول في باريس اثناء محاولته الهرب إلى السنغال بإفريقيا منذ ديسمبر 2020 بعد اتهامه بالاعتداء على قاصر لتنكشف فضائحه وتورطه مع ايبستين، ويسمح القانون الفرنسي بمحاكمة مواطنيه على جرائم ارتكبوها في الخارج، وكذلك يسمح بمحاكمة المتهمين فى قضايا الاغتصاب التي مر عليها 20 أو 30 سنة في حالة إلحاق الأذى بالأطفال والقصر.

نهاية واحدة

اختار المتهم برونيل نفس مصير صديقه جيفري ايبستين الذي عُثر عليه مشنوقا في سجن امريكي بمنهاتن في أغسطس 2019 في حادث غامض حيث رجح البعض وقتها انه تعرض للقتل على يد شريكه في السجن أو احد المتسللين للتخلص منه خوفا من الإدلاء بالمزيد عن أسرار عملائه وزبائنه، ولفت حادث انتحار برونيل الانظار نحو تفاصيل زنزانته بسجن «لا سنتيه» بباريس الذي يشتهر بضمه أخطر السجناء حيث يتسع لأكثر من ألف زنزانة تضم اشهر السجناء فى فرنسا واكثرهم أهمية وخطورة.

أكدت التحقيقات؛ أن المتهم كان يتواجد بمفرده فى الزنزانة وعثر حرس السجن في دوريتهم الروتينية على جثته معلقة ليشيروا إلى عدم توقعهم تلك النهاية على الإطلاق بسبب تحسن حالته النفسية والجسدية مؤخرًا بالرغم من محاولاته الانتحار فى السابق وهو ما دفع حرس السجن للمرور على زنزانته 6 مرات يوميا للاطمئنان على حياته بعد وضعه في زنزانة مخصصة للسجناء المستضعفين أو من يفكرون فى الانتحار، ولم تمنع تلك الإجراءات برونيل من مشهد النهاية وهو مشنوق فى نافذة زنزانته لتتوالى التساؤلات حول دور كاميرات المراقبة إلا أن تواجد الكاميرات يقتصر على أروقة ومداخل السجون حيث لا تخضع اغلب الزنزانات للمراقبة بالفيديو لضمان الخصوصية وعدم انتهاك التشريعات الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان، ونظرًا لحساسية القضية قررت السلطات الفرنسية فتح تحقيق رسمي فى الوفاة عبر فحص ضباط الطب الشرعي الزنزانة وكذلك إجراء تشريح للجثة لتحديد السبب الدقيق للوفاة.

مخاوف سجينة

ننتقل إلى زنزانة أخرى أو متهمة شهيرة في نفس القضية؛ وهى البريطانية جيسلين ماكسويل 65 سنة التي تحتجز داخل مركز متروبوليتان الامريكي الاصلاحي،  وتجري محاكمتها بتهمة مساعدة جيفري ايبستين وتجنيد القاصرات واستغلالهن، وطالب المدعون الفيدراليون تقديمها إلى العدالة لتلقي السلطات القبض عليها بعد مقتل ايبستين في زنزانته، وبسبب الاحداث الاخيرة كشفت عائلة ماكسويل عن صدمتهم من حادث قتل ثان في سجن فرنسي شديد الحراسة ليعرب شقيقها عن صدمته وخوفه من إلحاق أى ضرر بشقيقته مشيرًا إلى ظروف السجن القاسية التي تعاني منها ماكسويل في مركز سئ السمعة وصفته بالجحيم الحقيقي بسبب سوء التغذية وحجب ضوء الشمس عنها، بالإضافة إلى شكواها من تعرضها للاعتداء والإيذاء الدائم بإخضاعها قيد المراقبة طوال الوقت خوفًا من احتمال انتحارها حيث يوقظها حرس السجن  كل 15 دقيقة في الليل ليصفه شقيقها بوضع غير انساني وانتهاك كامل لحقوق السجناء وحقوق الإنسان واستنكر ما يحدث لشقيقته متسائلا عن اسباب الإهمال الذي دفع السجينين ابستين وبرونيل للانتحار في سجنين شديدي الحراسة فى امريكا وفرنسا دون خضوعهما لنفس المراقبة التي تعاني منها شقيقته ماكسويل.