فعلاً.. «مصر بتتكلم حرفى»

الصناعات اليدوية
الصناعات اليدوية

آية فؤاد

تحرص الحكومة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى على تشجيع المنتج المحلى والصناعات التراثية، وفتح أسواق جديدة لها من خلال معرض "ديارنا" الذى يقام سنويًا لإتاحة الفرصة لصناع التراث الحرفى والصناعات اليدوية لعرض منتجاتهم، وتقام نسخة المعرض الحالية تحت شعار "مصر بتتكلم حرفي" لدعم أكثر من 350 عارضاً من جميع أنحاء الجمهورية، وذلك بالشراكة الاستراتيجية مع بنك الإسكندرية، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والشركة المصرية للاتصالات.

يعد معرض "ديارنا" من أهم وأقدم المعارض التى تقام لدعم الحرف اليدوية والتراثية، حيث تقام فعاليات المعرض بـ"كايرو فستيفال سيتى مول" بالقاهرة الجديدة على مساحة 3500 متر مربع.. وقد قامت "آخرساعة" بجولة داخل المعرض الذى يشارك به عدد من الجمعيات الصديقة للبيئة فى إطار استعداد مصر لتنظيم مؤتمر التغير المناخى بشرم الشيخ.

ومن الجمعيات المشاركة بالمعرض "جمعية حماية البيئة"، حيث أوضحت عايدة بولس مسئولة المبيعات أنها تعد إحدى الجمعيات الصديقة للبيئة المشاركة بالمعرض، وهى تهتم بتصنيع المنتجات من المخلفات بعد إعادة تدويرها لتحويلها لإبداعات من الأقمشة، بجانب منتجات من بواقى الزجاج وعلب المشروبات الغازية الفارغة، وأشارت إلى أن المعرض يساعد على نشر فكرة إعادة التدوير وشرح المنتجات للجمهور وكيفية عملها، مؤكدة أن هذه الثقافة أصبحت منتشرة أكثر من قبل بين المصريات، بعدما كانت تقتصر على الأجانب فقط، كخطوة جيدة للحفاظ على البيئة.

وتشارك المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة للمرة الثانية على التوالى بالمعرض، بأكثر من 30 لاجئة من جنسيات مختلفة من بينهم سوريا والسودان وجنوب السودان وإريتريا، ليعرضن منتجاتهن اليدوية التى تربطهن بثقافة بلادهن وتوفر لهن مصدر رزق فى مصر.

عوضية فهمي، لاجئة سودانية تبلغ من العمر 45 عامًا، وتشارك فى معرض ديارنا للمرة الأولى. أتت إلى القاهرة عام 2005 بعدما أصبحت الحياة فى السودان خطرا عليها وعلى أولادها الثلاثة، فاضطرت للجوء إلى مصر بحثًا عن الأمان ومستقبل مستقر لأطفالها. وتعرض عوضية منتجات يدوية من الجلد والكروشيه مصنوعة بدقة شديدة وروح سودانية مميزة.

تقول عوضية: "كنت بحب المنتجات اليدوية من زمان وتعلمتها من 3 سنين لتكون مصدر دخل لى ولأسرتي"، حيث تصنع حقائب يد وميداليات وأكسسوارات مختلفة من الجلود. وتضيف: "أنا سعيدة بمشاركتى فى معرض ديارنا، لأن المعارض فرصتى الوحيدة لأن تظه منتجاتى وتُباع لأننى لا أملك محلا خاصا بي".

كما يحتفى المعرض بالثقافة والفنون النوبية كضيف شرف، وهو ما حدثتنا عنه كريمة بكار من محافظة أسوان، ورئيس مجلس إدارة جمعية بنت النيل لتنمية المجتمع: "نشترك فى المعارض التى تنظمها الدولة وخاصة معرض ديارنا منذ أكثر من 18 عاما ضمن الأسر المنتجة، وفى هذه الدورة تشارك النوبة كضيف شرف، وهو ما نعتبره تكريما ومصدر سعادة لنا لأنه كان مطلبا من أهالى أسوان للرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء زيارته الأخيرة لنا، وبالفعل تم تلبية طلبنا مع أول نسخة للمعرض.

تابعت كريمة: "أشارك فى المعرض بمشغولات يدوية أصنعها من وحى البيئة والتراث النوبى وتوظيفها من خلال شغل الخوص، والخرز الذى نصنع منه الأكسسوارات المختلفة، والكروشيه لصنع المفروشات، والحقائب، والسجاد"، وأوضحت أنها لا تهتم بالمشاركة فى المعرض من أجل عرض منتجاتها فقط، ولكن لإحياء التراث النوبى من جديد وتعريف الجمهور به.

فيما تقول روحية يوسف، إحدى المشاركات من النوبة وهى تشير إلى منتجاتها التى تصنعها من الخوص: "شاركت فى دورات المعرض الأعوام السابقة ضمن الأسر المنتجة، حيث أهوى صناعة المنتجات المختلفة من خوص وجريد النخل منذ كنت فتاة فى سن الـ16، وأخذت تطوير الصناعة على عاتقي، حتى أدخلت الخوص فى صناعة الحقائب، والمزهريات".

وأكدت أن المعرض فى كل عام جديد يصبح أكثر تطوراً، ويدعم المبدعين من النوبة وحرفهم المختلفة ويسهم فى توفير الفرص لعرض منتجاتهم، مشيرة إلى أن المعرض يشكل فارقاً كبيراً معها فى تسويق أعمالها ووجود زبائن ومتابعين لها من جميع المحافظات.

فى سياق مواز، يولى المعرض اهتماماً خاصاً بالفنانين من ذوى الهمم، ويخصص مساحات عرض لهم تشمل أكثر من 40 عارضاً من مؤسسات اجتماعية، ومنظمات غير حكومية، ومن هؤلاء محمد ورضوى، اللذين كانا يجلسان بجانب يافطة تحمل اسم جمعية "يونيفاى إيجيبت للدمج المجتمعي" فخورين بعرض منتجات من صنع أيديهم بالتعاون مع زملائهم، وتنوعت المنتجات ما بين مصنوعات جلدية، وأكسسوارات، ومكرميات، وعبَّرت رضوى عن سعادتها للاشتراك فى المعرض وإعجاب الزوار بمنتجاتهم.

فيما قالت عبير عبدالفتاح، الأخصائية الاجتماعية بالجمعية: "يقوم أولادنا من ذوى الهمم بعرض منتجاتهم بمعرض ديارنا، والتى يتدربون عليها من خلال ورش التدريب والتأهيل المهنى بالجمعية، وذلك لدعم مواهبهم وتأكيداً على دورهم بالمجتمع، كما أن العائد من المعرض يعود مرة أخرى إليهم لإعطائهم الشعور بالمسئولية. وأكدت أنها ليست المرة الأولى التى يشارك فيها ذوو الهمم بالمعرض، ولكن هناك اهتمام خاص بهم هذا العام كأشخاص مبدعين.

كما يقام على هامش المعرض عددٌ من الورش لتعليم الحرف اليدوية من خلال بعض الجمعيات الأهلية، ومن أهمها جمعية "حرف أهل مصر" من أجل تعليم المشاركين مجموعة من الفنون المختلفة، ومنها الزخرفة، والمكرمية، والتزيين، والنحاس، والفسيفساء، والجلد، الأكسسوارات، والتطريز، والشموع" بالإضافة إلى تخصيص مكان للورش اليدوية للأطفال.

وأثناء جولتنا وجدنا أكثر من 30 سيدة جلسن يتعلمن أساسيات فن المكرمية ضمن مبادرة بنك الإسكندرية لتطوير الحرف اليدوية بالتعاون مع المعرض لإقامة الورش على هامشه لتعليم الحرف المختلفة، وفى هذا السياق أوضحت ولاء وجدي، مدربة حرف يدوية، أن الورشة تقام يومياً بالمعرض وتهتم بتعليم أساسيات الحرف للمتدربين وترعى الورشة فى كل يوم حرفة مختلفة.

كما يدعم المعرض الجمعيات المهتمة بمرضى السرطان ومن بينها "جمعية عطاء"، حيث تقول نرمين طارق مسئول إدارى بالجمعية: "نشارك لأول مرة فى معرض ديارنا بمنتجات من صنع محاربات السرطان، ليعود العائد لهن فى النهاية كنوع من الدعم المادى والمعنوى لهن، كما أن لدينا 400 محاربة للسرطان يعملن بمشاغل التطريز، والخياطة، والكروشية، ويمثل معرض ديارنا فرصة لتسويق منتجاتهن.

وأكدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، أن معرض ديارنا يمثل قيمة اقتصادية وتراثية للوزارة منذ انطلاقه لأول مرة عام 1964 نظرًا لدوره الهام فى دعم الصناعات الحرفية الوطنية عن طريق الترويج للمنتجات التى يتم تصنيعها من قبل الحرفيين ومئات الآلاف للأسر المنتجة على مستوى محافظات مصر، موضحة أن المعرض يقام فى مختلف المحافظات، إلا أن النسخة المقامة بالقاهرة كل عام تعد الأكبر، وذلك لاستضافتها عددًا كبيرًا من العارضين.

ومن الصناعات الحرفية التى يدعمها المعرض لإعادة إحيائها مرة أخرى، صناعة السجاد، والخزف، والنحاس، والأرابيسك، وغيرها من الفنون العربية الأصيلة. حيث يقول طلعت أرابيسك، أحد المشاركين: "بعد اندثار هذا الفن وإهماله، ساهمت المعارض بشكل كبير فى رجوعه مرة أخرى، وتذكير الناس بفن الأرابيسك وهو من الفنون الأصيلة التى تميزت بها الحضارة الإسلامية، فهو فن عتيق له محبوه، كما أننا قمنا بتطويره ليتناسب مع الأذواق الحالية، ومن دخول فن الأرابيسك فى الأثاث والشبابيك، أصبح يستخدم فى الأغراض البسيطة التى نستعملها فى حياتنا اليومية كأدوات المطبخ والديكور".

يذكر أن وزارة التضامن الاجتماعى قررت مضاعفة إقامة المعارض على مستوى الجمهورية هذا العام مع مضاعفة عدد العارضين، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية، ومن المقرر إقامة 20 معرضاً خلال هذا العام، حيث ترفع الوزارة دائماً شعار "التمكين الاقتصادي" ودائماً تقدم يد العون للعارضين من خلال الإقراض "متناهى الصغر" من خلال التعاون مع كليات الفنون الجميلة والتربية النوعية. كما تعمل على تطوير منتجاتهم، عبر رفع مهارات العاملين من خلال 420 مركز أسر منتجة و71 مركز تكوين مهنيا، كما أنها تتوسع حالياً فى التدريب على مهارات إدارة المشروعات ومجال التسويق.