الابتزاز الإلكتروني.. الضحـايا يطاردون المجرمين

الابتزاز الإلكتروني
الابتزاز الإلكتروني

حبيبة جمال 

من الجرائم السخيفة التي انتشرت خلال الفترة الماضية، جرائم الابتزاز الإلكتروني والتحرش، والتي وصلت في بعض الحالات إلى إقدام الضحية على الانتحار خوفًا من الفضيحة والعار الذي سيلاحق أسرتها على يد شخص معدوم الضمير والأخلاق.. لكن النقطة الإيجابية في الموضوع والمبشرة بالخير هي زيادة معدلات الوعي لدى الفتيات وأسرهن، في الوقوف ضد هؤلاء الأشرار وتحرير محاضر ضد هؤلاء المبتزين، وعدم استسلام الضحية لشبح الفضيحة والأقاويل الساذجة من عينة إن البنت هي التي تتعرض للوم دائما، أو «هي اللي غلطانة».. نستعرض في السطور التالية ثمان وقائع لم تستسلم فيها الضحية لهذه الأقاويل الفاسدة التي بسببها ننقذ الجاني ونعاقب الضحية، ولكن إصرار هؤلاء وغيرهن من الفتيات على الحصول على حقوقهن بالقانون كشف المبتزين، تلك الجريمة التي تتم بضغطة زر واحدة.
 

حكاية بنت اسمها «رحيق»

بالتأكيد جميعنا قرأ وسمع عن بسنت خالد، ضحية الابتزاز الإلكتروني والتي قررت إنهاء حياتها بعدما تعرضت للتنمر من الجميع، اليوم كنا على وشك أن تكون هناك ضحية أخرى، لولا والدها الذي تعلم الدرس جيدا من قصة بسنت، وقرر الوقوف بجانب ابنته خوفا من أن يفقدها للأبد، بعدما أدرك أنها بريئة وأن الموضوع خارج عن إرادتها، فكان الداعم لها. 

بطلة القصة هي «رحيق»، طالبة بالصف الثالث الإعدادي، تعيش مع أسرتها في إحدى قرى مركز شبين الكوم، بمحافظة المنوفية، منذ عدة شهور وجدت رحيق من يراسلها ويحاول ابتزازها لإقامة علاقة جنسية معه، وفي كل مرة ترفض، كان المبتز ينشر صورا مفبركة لها على صفحات الفيس بوك من خلال حسابات وهمية، ليس هذا فقط وإنما كان هذا الشخص يشيع بين شباب قريتها أنها صديقته، عاشت المسكينة معاناة كبيرة، وكانت كلمات المحيطين بها وصديقاتها كالسهام التي تمزق قلبها، كل يوم تعود من المدرسة وتدخل غرفتها تبكي وحدها، حتى لاحظ الأب، وعندما تكلم معها أخبرته بكل شيء، فخرج الأب يستغيث من خلال فيديو على الفيس بوك، يحكي فيه تفاصيل ما تعرضت له ابنته، وقال نصا: «خايف يحصل لبنتي نفس اللي حصل لبسنت خالد ربنا يرحمها، بنتي في ثالثة إعدادي ومش معاها تليفون، بس في شاب عامل أكونت باسمها وبيكلم به ولاد القرية كلام مش كويس من شهور، صحاب بنتي والناس في الشارع بيتنمروا عليها ويشتموها وفاكرين الأكونت بتاعها، بنتي بتخاف تطلع من البيت وطول الوقت قافلة على نفسها وبتعيط»، وطالب الأب في نهاية الفيديو أن يتم القبض على المبتز ويأخذ عقابه قبل أن يفقد ابنته مثل بسنت، على الفور أمر اللواء سالم الدميني، مدير أمن المنوفية بتشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الواقعة، وتمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية المتهم، والكارثة أنه طفل لم يتعد عمره الـ١٥ عاما، تم القبض عليه؛ ولكن كانت المفاجأة أن هذا المتهم عائلته تربطه علاقة نسب بعائلة الفتاة، وتدخل أهالي القرية للتصالح، خاصة وأنه طفل لم يدرك ما فعله، بالفعل ذهب الأب وتنازل عن البلاغ.. ولكن على أية حال يكفي أن الأب وابنته رغم صغر سنها أصرت على مواجهة هذا المبتز،فكان الأب سندا لابنته ولم يتركها وحدها وسط مخاوفها. 

أماني تواجه الحساب الوهمي
أما هذه الواقعة فدارت أحداثها في محافظة الشرقية، ضحية جديدة من ضحايا الابتزاز الإلكتروني وهي الطالبة أماني. 
أماني، فتاة تبلغ من العمر ٢٢ عاما، حاصلة على بكالوريوس تجارة، كانت حياتها هادئة جدا حتى حدثت المفاجأة التي قلبت حياتها رأسا على عقب، وحولت الهدوء إلى صخب، حيث فوجئت بوجود حساب وهمي باسمها وصورتها يستغل اسمها وينشر عبارات مسيئة وخادشة للحياء، حتى قررت اماني عدم الاستسلام و إبلاغ قسم الشرطة، وتوصلت التحريات الفنية لرجال وحدة مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات إلى تحديد هوية المتهمة، التي تبين أنها تُدعى «ياسمين أ. م»، مُقيمة بنطاق قسم أول شرطة الزقازيق، جرى ضبطها وبمواجهتها أقرت بصحة الإتهام وما أسفرت عنه التحريات، وبالعرض على جهات التحقيق أمرت بإحالة أوراق القضية إلى المحاكمة الجنائية.
وقالت أماني: «فوجئت منذ شهر ونصف بحساب على موقع فيسبوك باسمي، وهو ما دفعني لنشر تعليق عبر حسابي الرسمي، بأن الحساب مفبرك، ودعوت صديقاتي وأقاربي لحظره».


واستكملت قائلة: «بدأت في التفكير بالتوجه لمباحث الإنترنت، وتحرير محضر بالواقعة، لأن هذا الحساب الوهمي كان يشوه صورتي، ووجدت دعمًا كبيرًا من والدي وأشقائي، وخلال شهر ديسمبر الماضي، تم تحرير محضر بالواقعة، حتى علمت بأن المباحث حددت هوية المبتز وتم القبض عليها، واليوم تمت إحالتها للمحاكمة الجنائية وهذا جعلني أكثر سعادة ولن اترك حقي».

 

فتاة 15 مايو

أما هذه الواقعة فدارت أحداثها في مدينة 15 مايو، حيث كانت «أ»، وهي فتاة تبلغ من العمر 15 عاما، مرتبطة عاطفيا بطالب يكبرها بعامين، كانا يتحدثان يوميا عبر الهاتف ومن خلال الفيس بوك، حتى قرر هذا الشاب أن يلتقي بها داخل شقة، وعندما أبلغها بما يدور داخل عقله، قابلت طلبه بالقبول واتفقا على الموعد، ولكن بمجرد دخولها الشقة وجدت اثنين من أصدقائه معه، وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة جردوها من ملابسها وصوروها عارية حتى يبتزوها من أجل الحصول على المال أو ممارسة الرزيلة، ولكن عندما تمكنت الفتاة من الهروب من الشقة، جلست على أقرب رصيف لها، وأخذت تعاتب نفسها، هي تعلم جيدا أنها أخطأت عندما ذهبت لشقة شاب يجلس وحده، لكنها قررت ألا تتمادى في خطئها بالكتمان؛ انطلقت تبلغ الشرطة بما حدث معها حتى لا تكون فريسة سهلة لهم، يفعلون فيها كما يشاءون، ذهبت لقسم شرطة 15 مايو وأبلغت رجال المباحث بالقصة، هدأوا من روعها ووعدوها بنهاية هذه القصة في خلال ساعات قليلة إن لم يكن دقائق معدودة، وبالفعل تمكن رجال المباحث من القبض على المتهمين الثلاثة بعد نصب فخ لهم، وتم حبسهم ٤ أيام على ذمة التحقيق.

«روما أخدت حقها بالقانون»

روما، فتاة جامعية تعيش بمحافظة المنيا، تعرضت لأبشع موقف ممكن أن تتعرض له فتاة؛كانت الفتاة تسير بالشارع بالقرب من بيتها في هدوء وفجأة تجد من يلامس جسدها، لك أن تتخيل المشهد وحالة الرعب والخوف التي شعرت بها، ورغم ذلك كانت شجاعة وقررت أخذ حقها بالقانون، حتى تمكنت من اقتياد هذا الشخص الخالي من الأخلاق لقسم الشرطة وهناك تحرر محضر بالواقعة، روما لم تكتفِ بذلك بل نشرت ما حدث معها عبر صفحتها الشخصية على الفيس بوك ليكون عبرة لمن يفكر أن يفعل مثله تقدم نصيحة لكل فتاة بعدم السكوت، روما حكت تفاصيل الواقعة، ولكن قبل أن تسرد التفاصيل قدمت نصيحة وقالت: «محتاجة قبل ما احكي أي حاجة أن كل بنت تاخد حقها ومتسكتش مهما حصل ومتخافش»، ثم بدأت تحكي ما حدث معها بالتفصيل: «الساعة ستة ونصف مساء، كنت ماشية في شارع جنب بيتي، وحسيت بعجلة جاية خلفي وكنت حاسة إنها قريبة مني، جريت عشان امشي على جنب، لقيت الشخص المريض اللي على العجلة جنبي ومسكني من منطقة حساسة بجسمي، ورغم الرعب والفزع من المشهد الذي لم يتعد الثواني إلا أني زعقت وجريت وراه ومن ستر ربنا لقيت حد كان قريب منه وطلبت منه يوقعه وفعلا وقعه على تاكسي والناس اتلمت وأخذته على بندر المنيا وعملتله محضر». 

وأكدت روما للمرة الثانية على نصيحتها لكل فتاة تتعرض لمثل هذا الموقف، وقالت: «متسكتيش وخدي حقك وأوعي تخافي.. وأوعي تتكسفي.. ده حقك وهيفضل حقك مهما حصل». 

بعدما نشرت روما ما حدث معها عبر صفحتها الشخصية على الفيس بوك، كانت ردود الأفعال متناقضة تماما، هناك من شجعها على موقفها، وهناك من وجه لها اللوم بأنها نشرت صورته وتسببت في فضحه وفضح أسرته، لكن بالتأكيد هذا الشخص إذا كان يخاف على سمعته وسمعة أسرته، فلن يفكر أن يفعل ما فعله مع فتاة تسير بكل هدوء وآمان وحدها بالشارع. 

رانيا.. وسائق الميكروباص
تفاصيل تلك القصة تعود لشهر نوفمبر الماضي، بالتأكيد كثير منا سمع عنها أو قرأ تفاصيلها، ومع ذلك سنسرد تفاصيلها للمرة الثانية، ليس من باب التكرار ولكن من باب التشجيع على عدم السكوت، خصوصًا أن المتحرش تمت إحالته للمحاكمة، بالرغم من بشاعة القصة إلا أن بطلة الحكاية كانت شجاعة لأقصى درجة رغم تعرضها للتهديد، إلا أنها كملت في قضيتها فلا حق يضيع وراءه مطالب. 

بطلة القصة هي رانيا، طالبة جامعية، نشرت منشورًا لها على صفحتها الشخصية تسرد فيه تفاصيل الواقعة، وقالت: «أنا حرفيًا بكتب وأنا منهارة ومكنتش متخيلة إن ممكن أتعرض للموقف ده، مش عارفة أوصفلكم احساس الخوف والتعب النفسي والجسدي اللي أنا فيه». 

واستكملت: «أنا كنت راكبة ميكروباص التجمع من موقف الحصري ماكنش فيه غير مكانين جنب السواق، وأنا ركبت وبنت جنبي، وفي نص الطريق حاسة بحاجة على رجلي وأنا مش عاوزه اعمل شوشرة عشان مظلمهوش، فتراجعت للخلف وهو مصمم لحد ما طلعت تليفوني وصورته، على الأقل عشان اخد حقي قانوني، ايده ماكنتش ثابتة، هو طبعا عاوز يلمس أي حتة وخلاص، ولما كل الناس نزلت قولت انزل، ولسه باخد شنطتي لاحظ أن الكاميرا مفتوحة شد ايدي وقالي تعالي معايا يا تجيبي التليفون، فضلت أقاوم ونطيت من العربية وأول ما نزلت صورته وصورت العربية وعملت محضر بقسم التجمع». 

هذه هي تفاصيل الواقعة كما سردتها رانيا، اعتقد أن من سيقرأها سيشعر بمدى الألم والرعب التي عاشت تفاصيلهما، لم يمر سوى ساعات قليلة حتى تم القبض على السائق ورغم التهديدات التي تلقتها رانيا للتنازل إلا أنها رفضت أن تتنازل عن مبدأها وهو فضح المتحرش؛ تم إحالة المتهم للجنايات للمحاكمة، بالبحث عن قصة رانيا، وجدنا أنه كان هناك دعم قوي جدا من والدها وأسرتها، من هنا استمدت رانيا القوة والشجاعة إنها تكمل مشوارها. 

سنة سجنًا لـ "تاجر السمك" المبتز 

هذه القضية ليست واقعة نسرد تفاصيلها من البداية، لكنها نهاية لقضية ابتزاز ارتكبها تاجر سمك في حق فتاة في العشرينيات من العمر؛ فبعدما هددها بلا نخوة أو ضمير، قررت تلك الفتاة عدم السكوت عن حقها وأبلغت المباحث، وها هو اليوم تأخذ حقها بالقانون، حيث أمر المستشار شريف محمد قورة رئيس محكمة جنايات كفر الشيخ "الدائرة الثانية"، حضوريًا بمعاقبة تاجر أسماك، يقيم بمنطقة قسم ثان كفر الشيخ، بالحبس عام مع الشغل، وذلك بتهمة استيلائه على صور عارية خاصة لسيدة، وتهديده إياها بنشرها إذا لم يحصل على مقابل مالي، والزمته المحكمة بالمصاريف الجنائية، وإحالة دعوى التعويض إلى المحكمة المدنية المختصة. 

ترجع تفاصيل تلك الواقعة لشهر إبريل من عام ٢٠٢١م، حيث استغل تاجر أسماك يدعى أحمد معرفته بالتكنولوجيا وقرر اختراق هاتف فتاة تقيم بنفس المنطقة التي يعيش فيها، وحصل منه على صور خاصة بها، ثم بعدها أنشأ حسابًا وهميًا لابتزازها، حيث أرسل لها عدة رسائل مطالبا إياها بدفع نصف مليون جنيه مقابل عدم نشر صورها، لم يكن أمام تلك الفتاة المسكينة حلا سوى الذهاب لقسم الشرطة والإبلاغ عن ما تتعرض له، بالفعل تشكل فريق بحث وتوصلت تحرياته لصحة الواقعة، كما تم تحديد هوية المبتز، ونجحت الأجهزة الأمنية في القبض عليه وإحالته للمحكمة، والتي أسدلت الستار عنها بحبسه لمدة عام. 
 

كمين على الطريق الزراعي

الحقيقة أن الوعي لم يقتصر فقط على البنات التي تتعرض للتحرش أو للابتزاز، وإنما امتد أيضا ليشمل زوج شهم استمع لزوجته بصدر رحب وأنقذ زوجته وحياتهما الزوجية من الفضيحة والانهيار، ولأنها حالة نادرة لهذا الزوج كان لابد من نشرها حتى لا يخاف أي شخص من ابتزاز شخص بلا أخلاق، وألا يستسلم لجرائمه التي حتمًا سوف تنكشف إن عاجلا أو آجلا.
الحكاية بدأت مع شيماء «اسم مستعار»، صاحبة العشرين عاما، والتي تزوجت منذ ثلاثة أشهر في إحدى قرى بلطيم، بمحافظة كفر الشيخ، كانت الزوجة تعيش حياة زوجية هادئة مطمئنة، ولكن في لحظة كادت أن تنقلب حياتها وتتحول لفضيحة لولا شجاعتها وشهامة زوجها.
في أحد الأيام تلقت شيماء رسالة عبارة عن رابط على الواتساب، وبمجرد دخولها عليه تمكن أحد الأشخاص من الوصول لصورها الخاصة وكل ما تحمله على هاتفها، ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى تلقت رسالة أخرى بصورها وفيديو إباحي يظهر فيه وجهها وجسد فتاة أخرى، وفي النهاية رسالة ابتزاز، طالبا دفع ١٢ ألف جنيه حتى لا ينشر هذا الفيديو على صفحات الفيس بوك، جلست شيماء وحدها لا تعرف ماذا تفعل، انهارت من البكاء، بين لحظة والأخرى تنظر للفيديو وتكاد أن تفقد عقلها، تقاذفتها كل السيناريوهات المحتملة من فضيحة أو انفصال عن زوجها رغم أنها بريئة، لكن من سيصدقها، وبهدوء شديد اتخذت قرارها ولم تجد أمامها حلا سوى أن تبلغ زوجها بما حدث معها، جن جنون الزوج ولكنه بحكمة شديدة وثقة في زوجته وقف بجانبها، وقرر الاثنان عدم الاستسلام وإبلاغ الشرطة.
بالفعل توجها للرائد عمرو فتح الله رئيس مباحث البرلس وأخبراه بكل شيء، وتحرر محضر بذلك وتم إخطار اللواء أشرف صلاح درويش مدير أمن كفر الشيخ، والذي قرر تشكيل فريق بحث للقبض على هذا المجهول المبتز، وتم الاتفاق مع المتهم عبر الرسائل بأنها ستدفع له المبلغ واتفقا على المقابلة بأحد الطرق الزراعية، وهناك كان رجال المباحث يقفون له بالمرصاد، ولكنه أرسل صديقه وتم القبض عليه وأرشد عن مكان المتهم الرئيسي، وألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه أيضا وتم حبسهما ٤ أيام على ذمة التحقيق.
في النهاية وخلاصة كل ما سبق نقول؛لا تجعلوا الخوف يسيطر عليكم، طالما أنتم على حق لا تخافوا، ولا تتركوا مجرما يفلت من العقاب.

رفضوا الزواج فأبتز البنات بصور مفبركة

معاناة جديدة ومأساة تعيشها عائلة بمحافظة الشرقية امتدت فصولها لعام كامل، على يد شخص بلا نخوة أو ضمير نشر صور ابنتيهم المفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس من باب الابتزاز المادي ولكن بدافع الانتقام بعدما رفضت العائلة طلب زواجه من إحداهما، مما جعل والد إحداهما يصرخ مستغيثا لإنقاذ ابنته وابنة أخيه قبل أن يحدث معهما نفس سيناريو بسنت خالد، ضحية الصور المفبركة بالغربية والتي تخلصت من حياتها في واقعة مشابهة.
الضحيتان هما منة الله، 19 سنة، طالبة بالفرقة الأولى كلية التمريض جامعة الزقازيق، وابنة عمها هاجر، 20 سنة، بالفرقة الثانية كلية آداب قسم علم نفس جامعة الزقايق، تعرضتا للابتزاز الإلكتروني على يد شخص معلوم الهوية بالنسبة لهم، وذلك بسبب رفض عائلة الفتاتين لطلب زواجه من إحداهما. 
وحسب كلام والد منة أن هذا الشخص كان يأتي إليهم لتصليح جهاز الكمبيوتر ويسرق من عليه الصور دون أن يعرفوا، وهو شخص على صلة قرابة معهم، ولم يخطر ببالهم أنه يضمر لهم الشر والأذى، فبعدما رفضوا طلبه بالزواج من هاجر في شهر فبراير العام الماضي أنشأ صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» باسم «هاجر.ي»، ونشر عليها صور الفتاتين بعد تركيبها على أجسام عارية، ومشاركتها على «جروبات» عديدة ووسط كم هائل من الأصدقاء.
بكل شجاعة تقدمت الأسرة ببلاغ إلى مباحث الانترنت، والتي توصلت لبيانات الشخص كاملة، وأحالت مذكرة الاتهام إلى نيابة القناطر الخيرية، حيث محل سكنه، ونظرا لبلاغات الأهالي للصفحة التي انشأها هذا الشاب تم غلقها في شهر نوفمبر، ولكنه لم يتراجع وعاود ليواصل اذيته وأنشأ صفحة أخرى باسم «كمال .م»، وراح يُكرر ما فعله من قبل، ما جعل الأسرة تتقدم ببلاغ آخر لمباحث الانترنت، الذين توصلوا بعد عمليات البحث والتحري الدقيقة لنفس بيانات الشخص السابق.
منة وهاجر، أصبحت حالتهما يرثى لها، يبكيان ليلا ونهارا، حتى الأب والجد أنهكمها المرض بسبب الحزن، وأصبحت مطالب تلك الأسرة البسيطة هو عودة حقهم.

د.رانيا يحيى: وعي الفتيات ازداد في مواجهة هؤلاء

بعدما حدث لبسنت خالد ضحية الصور المفبركة والتي أدت إلى إنهاء حياتها بعدما وجدت تنمر وخوض في عرضها وشرفها، طالبت رئيسة المجلس القومي للمرأة الدكتورة مايا مرسي بإقرار المزيد من التشريعات والقوانين التي تعاقب على ارتكاب الجرائم الإلكترونية، وشددت على ضرورة الوقوف يد بيد لمواجهة هذه الجرائم، لذلك تواصلنا مع الدكتورة رانيا يحي عضو المجلس القومي للمرأة لتحدثنا أكثر عن كيفية تدعيم المجلس للفتيات، فقالت: "هناك من استخدم التكنولوجيا بطريقة صحيحة وهناك من قرر استغلالها في ارتكاب الجرائم مثل فبركة الصور وابتزاز الفتيات، وعلى الرغم من أن هناك ضحايا كثيرات إلا أن هناك فتيات أصبح لديهن الوعي للمواجهة، فنحن نقدم حملات توعية مثل حملة لا للابتزاز، أيضا هناك رقم مختصر وخط ساخن نستقبل من خلاله الشكاوى وهو رقم ١٥١١٥، وبالفعل استقبلنا حالات كثيرة، فهناك مستشارين قانونين للرد على كافة الشكاوى وتوجيهها في الاتجاه المناسب لها".
وشددت د.رانيا؛ على أنه لا تهاون في جرائم الابتزاز الإلكتروني، واستكملت: "هناك إرادة قوية من الدولة للقضاء على ابتزاز الفتيات، فهناك حكم قضائي صدر خلال فترة وجيزة بخصوص إحدى قضايا الابتزاز، لذلك لابد من تطبيق القانون وتفعيله وأن يكون هناك أحكام ناجزة ورادعة لتجعل الشخص يفكر ألف مرة قبل أن يرتكب مثل هذه الجرائم النكراء".
واختتمت حديثها موجهة رسالة للفتيات والأهالي قائلة: "يجب أن نتعامل مع الواقع الذي نعيش فيه بكل جرأة، لذلك على كل فتاة تتعرض للابتزاز أن تصارح أهلها بكل شجاعة، ويجب على الأهالي احتواء بناتهن والوقوف بجوارهن وتشجيعهن على أخذ حقوقهن بالقانون".

د.إيمان عبد الله:  من الخوف إلى الحماية والمواجهة

بلا شك أن الفتيات صرن الآن أكثر وعيًا بخصوص جرائم الابتزاز الإلكتروني؛ تواصلنا مع الدكتورة إيمان عبدالله أستاذ علم النفس واستشاري العلاقات الأسرية، فقالت: "نحن نطلق على التحرش والاغتصاب جريمة، أيضًا الابتزاز الإلكتروني جريمة في حق الإنسانية وفي حق الكرامة والشرف، والابتزاز يكون بغرض الحصول على المال أو العلاقات غير الشرعية، فالخوف من المجتمع والناس والأهل جعل من الابتزاز الإلكتروني ضحايا كثيرين "انتحار وتحرش وقتل واغتصاب للحقوق"، لكن مع المعرفة ووقوع أكثر من قضية كانت نهايتها الانتحار أو القتل جعل الفتيات أكثر وعيا، فعندما تتعرض الفتاة للابتزاز تضع أمام عينيها جميع الاحتمالات إما المواجهة والإبلاغ أو الانتحار، إما أن يكون مصيرها مأساوي أو تثبت براءتها، فتجد نفسها منتصرة عندما تبلغ".
واستكملت قائلة: "بالتأكيد الفتيات لا يقبلن أن يكن ضحية لمثل هذا النوع من الابتزاز، وعيها ببرامج الفوتوشوب جعلها تستطيع كشف الحقيقة، أيضا امتلاكها لأدوات وأدلة تجعلها تكشف هوية المبتز، جعلها تنتصر في أن تقلب السحر على الساحر، وعيها جاء من خلال نشر قضايا الابتزاز والكشف عن الضحايا الذين فقدوا حياتهم خوفا من المواجهة، أيضا هناك صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تشجع الفتيات على عدم السكوت، فأصبحت البنت تحارب معتقدات خاطئة، وهي عدم الإبلاغ عشان الفضيحة، فأرادت محاربة الجهل وإثبات براءتها أمام الجميع، أيضا أدركت البنت أهمية وجود مباحث الإنترنت والخط الساخن للإبلاغ عند تعرضها للابتزاز، لذلك أنصح الفتيات بعدم الخوف والإبلاغ فورا عند تعرضهن لمثل هذا النوع من الابتزاز حتى لا تترك نفسها للاكتئاب وإنهاء حياتها بشكل مأساوي".