الكاتب اليوناني ديميتريس‭ ‬سوتاكيس‭:‬ اعبر عن افكاري بعيدا عن اطار المجتمع

الكاتب اليوناني ديميتريس‭ ‬سوتاكيس‭:‬ اعبر عن افكاري بعيدا عن اطار المجتمع
الكاتب اليوناني ديميتريس‭ ‬سوتاكيس‭:‬ اعبر عن افكاري بعيدا عن اطار المجتمع

حوار: عائشة‭ ‬المراغى

«‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬وأتعلّم‭ ‬لُغات‮» . ‬‭‬تلك‭ ‬هى‭ ‬الحياة‭ ‬المثالية‭ ‬التى‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬يعيشها‭ ‬الكاتب‭ ‬اليونانى‭ ‬ديميتريس‭ ‬سوتاكيس،‭ ‬ويسعى‭ ‬إليها‭.‬ ولا‭ ‬تستقيم‭ ‬بالطبع‭ ‬إلا‭ ‬بإضافة‭ ‬قدر‭ ‬وافٍ‭ ‬من‭ ‬النغمات،‭ ‬فولعه‭ ‬بالموسيقى‭ ‬أمرٌ‭ ‬لن‭ ‬يستغرق‭ ‬منك‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلًا‭ ‬لتكتشفه،‭ ‬يكفى‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬جُملة‭ ‬لحنية‭ ‬إلى‭ ‬مسامعه‭ ‬–‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬الكلمات‭ ‬–‭ ‬لتجده‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬يتفاعل‭ ‬معها‭ ‬ويرقص‭ ‬وفق‭ ‬إيقاعها؛‭ ‬دندنة‭ ‬هادئة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬مهرجانات‭ ‬صاخبة‭.‬
لا‭ ‬يدعو‭ ‬ذلك‭ ‬للاستغراب‭ ‬إطلاقًا،‭ ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬كانت‭ ‬عالمه‭ ‬الأوحد‭ ‬لما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬عمره،‭ ‬منذ‭ ‬تملَّك‭ ‬منه‭ ‬هواها‭ ‬فى‭ ‬صغره،‭ ‬ودرسها‭ ‬بمدينة‭ ‬لندن‭ ‬فى‭ ‬شبابه،‭ ‬ثم‭ ‬كوّن‭ ‬فِرقة‭ ‬واستهل‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬فيها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬لسيرتها‭ ‬الأولى‭ ‬كهواية،‭ ‬وتصبح‭ ‬رفيقًا‭ ‬لشغفه‭ ‬الأكبر؛‭ ‬التعبير‭ ‬باللغة‭. ‬
رغم‭ ‬ما‭ ‬توحى‭ ‬به‭ ‬مسيرته‭ ‬من‭ ‬ضجيج،‭ ‬إلا‭ ‬أنك‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بوجوده‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬الهدوء‭ ‬إذا‭ ‬تركتَه‭ ‬وحيدًا،‭ ‬ذلك‭ ‬الفِعل‭ ‬المحبب‭ ‬لقلبه‭ .‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تقترب‭ ‬منه‭ ‬تظهر‭ ‬روح‭ ‬طفولية‭ ‬مليئة‭ ‬بالمرح‭ ‬دون‭ ‬قيود،‭ ‬تتوارى أثناء ‬النقاش‭ ‬الجاد‭ ‬وراء‭ ‬ابتسامة‭ ‬خجلة‭ ‬ممزوجة‭ ‬بشىء‭ ‬من‭ ‬الشرود‭ ‬والألم،‭ ‬ويتجلى‭ ‬شخص‭ ‬متزن،‭ ‬يملك‭ ‬رؤية‭ ‬وفلسفة‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬الحياة،‭ ‬ويعبّر‭ ‬عما‭ ‬يمرّ‭ ‬بخاطره‭ ‬ببساطة‭ ‬دون‭ ‬حرص‭ ‬زائد‭ ‬فى‭ ‬انتقاء‭ ‬الكلمات،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدا‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬غير‭ ‬مقنع‭ ‬أحيانًا‭. ‬
تتسم‭ ‬روايات‭ ‬سوتاكيس،‭ ‬المولود‭ ‬فى‭ ‬أثينا‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬بالغرائبية،‭ ‬وتحيلك‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان،‭ ‬فتلك‭ ‬الأشياء‭ ‬غير‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬حضرة‭ ‬الذات؛‭ ‬مجرد‭ ‬تفاصيل‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬منها‭.‬ النفس‭ ‬البشرية‭ ‬هى‭ ‬البطل‭ ‬الأوحد‭ ‬لأعماله،‭ ‬ومن‭ ‬فرط‭ ‬اهتمامه‭ ‬بها‭ ‬قد‭ ‬تظنه‭ ‬دارسًا‭ ‬لعلم‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬قارئًا‭ ‬نهمًا‭ ‬فى‭ ‬المجال‭.‬

صدر له باليونانية عشر روايات، بدءًا من «المنزل» عام 1997، ثم بانتظام؛ كل عامين أو ثلاثة على الأكثر، روايات الباب الأخضر» 2002، «التناقض» 2005، «رجل الذُرة» 2007، «معجزة التنفس» 2009، «موت البشر» 2012، «قيامة مايكل جاكسون» 2014، «قصة سوبر ماركت» 2015، «آكل لحوم البشر الذى أكل رومانيًا» 2017.

و«الخادم العظيم» 2019. وخلال‭ ‬هذه‭ ‬المسيرة‭ ‬الروائية‭ ‬لم‭ ‬يتخلَ‭ ‬سوتاكيس‭ ‬عن‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬التى‭ ‬نشر‭ ‬منها‭ ‬مجموعة‭ ‬متكاملة‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬بعنوان «‭ ‬‮‬11‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬للحب‮»‬،‭ ‬تلاها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬المنفردة‭ ‬ضمن‭ ‬كُتب‭ ‬جماعية،‭ ‬منها : «الأسماء» ‬2008 (١٤ قصة)، «قصص تحت الأرض» ٢٠٠٨ (١٦ قصة تدور أحداثها فى المترو عبر ٢٧ محطة)، «علم الحيوان فى العالم العلوى والسفلى» ٢٠٠٩ (١٠ نصوص)، «كتاب الشر» ٢٠٠٩ (٢٢ كاتبًا يرسمون نماذج مختلفة للأشرار الجُدد؛ تشكّل نصوصهم فى النهاية صورة متكاملة للجحيم)، «غياب الحب» ٢٠١١ (١٢ قصة)، «كيوبيد ١٣» عام ٢٠١١ ( ١٣ قصة عن الحب من منظور ذكورى)، «فى ظل الملك» ٢٠١٧ ( ١٦قصة مستوحاة من أعمال ستيفن كينج). بالإضافة إلى كتاب «الصين المجهولة» عام ٢٠٠٨، ذلك البلد الذى شُغف بحضارته وسعى لمعرفة أسرارها عبر لغتها، حتى بات معلّمًا للصينية فى اليونان.


حصد‭ ‬ديميتريس‭ ‬سوتاكيس‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬الأوروبية‭ ‬المرموقة،‭ ‬جعلته‭ ‬من‭ ‬نُخبة‭ ‬الكتّاب‭ ‬الذين‭ ‬تسعى‭ ‬اللغات‭ ‬الأخرى‭ ‬لاقتناء‭ ‬أعمالهم،‭ ‬فتمت‭ ‬ترجمة‭ ‬كُتبه‭ ‬إلى‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإيطالية‭ ‬والصينية‭ ‬والدنماركية‭ ‬والهولندية‭ ‬والتركية‭ ‬والصربية،‭ ‬ومؤخرًا‭ ‬صدرت‭ ‬أولى‭ ‬ترجماته‭ ‬بالعربية‭ ‬لرواية ‭‬‮«‬قيامة‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‮»‬‭‬ عن‭ ‬دار‭ ‬صفصافة‭ ‬للنشر،‭ ‬بترجمة‭ ‬د‭. ‬خالد‭ ‬رءوف،‭ ‬رفيق‭ ‬ذلك‭ ‬الحوار،‭ ‬والناقل‭ ‬الأبرز‭ ‬للحضارة‭ ‬اليونانية‭ ‬المعاصرة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬مترجِم‭ ‬سوتاكيس‭ ‬إلى‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬ينتظر‭ ‬قريبًا‭ ‬صدور‭ ‬ترجمة ‭‬‮«‬معجزة‭ ‬التنفس»؛‭ ‬الرواية‭ ‬الأشهر‭ ‬لكاتبها،‭ ‬التى‭ ‬نال‭ ‬عنها‭ ‬جائزة‭ ‬أثينا‭ ‬للأدب،‭ ‬ورُشِح‭ ‬لجائزتى ‭‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‮»‬‭ ‬ للآداب‭ ‬و «جان‭ ‬مونيه‮»‬‭ ‬ فى‭ ‬فرنسا‭.‬


احترتُ‭ ‬بين‭ ‬الموسيقى‭ ‬وروايته‭ ‬العربية‭ ‬التى‭ ‬أحملها‭ ‬فى‭ ‬يدى‭ ‬حول‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬جاكسون‮»‬،‭ ‬بأيهما‭ ‬أبدأ‭ ‬حديثى،‭ ‬فكل‭ ‬منهما‭ ‬يقود‭ ‬للآخر،‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬قادنى‭ ‬سوتاكيس‭ ‬حين‭ ‬قرأتُ‭ ‬كتابه،‭ ‬فوجدتنى‭ ‬أبحث‭ ‬فى‭ ‬الإنترنت‭ ‬عن‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‭ ‬وأشاهد‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬أغنياته‭ ‬المصورة،‭ ‬رغم‭ ‬أننى‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬يومًا‭ ‬من‭ ‬جمهوره‭ ‬أو‭ ‬محبى‭ ‬موسيقاه‭.‬ لكن‭ ‬ما‭ ‬شغلنى‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر؛‭ ‬كيف‭ ‬قاوم‭ ‬ديميتريس‭ ‬سوتاكيس‭ ‬شغف‭ ‬الموسيقى‭ ‬الذى‭ ‬تملّكه‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وتحوَّل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬الصاخبة‭ ‬إلى‭ ‬السكينة‭ ‬والانعزال؟‭ ‬فسألته‭:‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬والعمل‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الموسيقى؛‭ ‬كيف‭ ‬ولجتَ‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الأدب؟


فى‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬غير‭ ‬واعِ‭ ‬تمامًا‭ ‬بفكرة‭ ‬التحول،‭ ‬أى‭ ‬لا‭ ‬يستيقط‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬مقررًا‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬شيئًا‭ ‬آخر‭.‬ بالنسبة‭ ‬لى؛‭ ‬كنتُ‭ ‬واثقًا‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬أننى‭ ‬سأعمل‭ ‬فى‭ ‬الفنون؛‭ ‬سواء‭ ‬لغة‭ ‬أو‭ ‬موسيقى‭ ‬أو‭ ‬رسم‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭.‬ الموسيقى‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬حلمًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬قضيتُ‭ ‬معه‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬والعمل،‭ ‬وبدأتُ‭ ‬فى‭ ‬تكوين‭ ‬مسيرة‭ ‬مهنية‭ ‬جيدة‭ ‬جدًا،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬شىء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مريحًا،‭ ‬أو‭ ‬لأقُل؛‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التعبير‭ ‬بشكل‭ ‬كاف‭. ‬ لا‭ ‬ينفى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا‭ ‬فى‭ ‬حياتى،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬احتياجًا‭ ‬وجوديًا.

‬ومع‭ ‬تقدمى‭ ‬فى‭ ‬العمر‭ ‬وممارستى‭ ‬للكتابة‭ ‬شعرتُ‭ ‬أننى‭ ‬وجدتُ‭ ‬بيتى،‭ ‬تلك‭ ‬هى‭ ‬الوسيلة‭ ‬المُثلى‭ ‬للتعبير‭ ‬عما‭ ‬أريد، ‭‬‮«‬البَدلة‮»‬‭ ‬الملائمة‭ ‬لى،‭ ‬بدون‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر‭ ‬الملازمين‭ ‬لمجال‭ ‬الموسيقى،‭ ‬لأنه‭ ‬تنافسى‭ ‬ويتطلب‭ ‬الظهور‭ ‬والتواجد‭ ‬باستمرار‭.‬ مع‭ ‬الأدب‭ ‬شعرتُ‭ ‬بأمان‭ ‬وارتياح‭ ‬كبيرين؛‭ ‬وفى‭ ‬انعزالى‭ ‬استطعتُ‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬ذاتى‭ ‬وأفكارى‭.‬


هل‭ ‬لذلك‭ ‬يعانى‭ ‬معظم‭ ‬أبطالك‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬والاكتئاب؟
من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأمر،‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالواقع‭. ‬لكنى‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬لستُ‭ ‬وحيدًا‭ ‬أو‭ ‬أعانى‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬بل‭ ‬أعيش‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعى‭ ‬وأقابل‭ ‬الناس،‭ ‬وأتشارك‭ ‬الحياة‭ ‬مع‭ ‬قطتين‭ ‬هما‭ ‬الأعز‭ ‬لقلبى‭.‬ ألجأ‭ ‬إلى‭ ‬العُزلة‭ ‬فقط‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الأفكار‭ ‬ورؤية‭ ‬المستقبل،‭ ‬إنها‭ ‬الملجأ‭ ‬الآمن‭ ‬لى‭.‬


هل‭ ‬كان‭ ‬لعائلتك‭ ‬دور‭ ‬فى‭ ‬تحديدك‭ ‬لاتجاهاتك‭ ‬أو‭ ‬تغييرها؟
عائلتى‭ ‬حاضرة‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬وتدعمنى،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬قادنى‭ ‬للفنون‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هو‭ ‬رغبتى‭ ‬الجامحة‭ ‬بألا‭ ‬أعيش‭ ‬حياة‭ ‬اعتيادية‭ ‬أو‭ ‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتميّز‭.‬ خلال‭ ‬فترة‭ ‬المراهقة‭ ‬كنتُ‭ ‬مؤمنًا‭ ‬بأن‭ ‬لدىَّ‭ ‬شيئًا‭ ‬مختلفًا،‭ ‬وهو‭ ‬إحساس‭ ‬وهمى‭ ‬يصيب‭ ‬معظم‭ ‬الفنانين‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬ما؛‭ ‬بأنهم‭ ‬متميزون‭ ‬وأفضل‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭.‬ فيما‭ ‬بعد‭ ‬أدركتُ‭ ‬أن‭ ‬هدفى‭ ‬الرئيسى‭ ‬أن‭ ‬أخرج‭ ‬عن‭ ‬قوالب‭ ‬الحياة‭ ‬الاعتيادية،‭ ‬وأن‭ ‬أعبِّر‭ ‬عن‭ ‬أفكارى‭ ‬كما‭ ‬أريد‭ ‬لا‭ ‬كما‭ ‬يقتضى‭ ‬الإطار‭ ‬المجتمعى،‭ ‬فمن‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬بشكل‭ ‬نمطى‭.‬


هذا‭ ‬واضح‭ ‬تمامًا،‭ ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬تنقلك‭ ‬بين‭ ‬الموسيقى‭ ‬والأدب؛‭ ‬صِرت‭ ‬معلمًا‭ ‬للغة‭ ‬الصينية‭.‬ كيف‭ ‬ومتى‭ ‬ظهرت؟
لطالما‭ ‬شعرتُ‭ ‬برهبة‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬الحضارة‭ ‬وعالمها‭ ‬غير‭ ‬المعروف،‭ ‬هيبتها‭ ‬أثارت‭ ‬إعجابى،‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬أخذ‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬يزداد،‭ ‬واختلطت‭ ‬معه‭ ‬رغبة‭ ‬فى‭ ‬معرفة‭ ‬الثقافة‭ ‬الصينية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اللغة‭ ‬عائقًا،‭ ‬فلجأتُ‭ ‬إلى‭ ‬تعلُّمها‭. ‬


تدرِس‭ ‬لغة‭ ‬وتتقنها‭ ‬لهذه‭ ‬الدرجة‭ ‬لكى‭ ‬تتعرف‭ ‬على‭ ‬حضارة‭ ‬دولة‭ .‬هذا‭ ‬يعنى‭ ‬أنك‭ ‬قد‭ ‬تدرس‭ ‬العربية‭ ‬لو‭ ‬رغبت‭ ‬فى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الحضارة‭ ‬المصرية؟
أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أستطيع‭ ‬فعل‭ ‬ذلك،‭ ‬سأكون‭ ‬سعيدًا‭ ‬جدًا‭ .‬فالحياة‭ ‬النموذجية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى،‭ ‬كما‭ ‬أتخيلها؛‭ ‬ألا‭ ‬أفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬سوى‭ ‬الكتابة‭ ‬وتعلُّم‭ ‬اللغات،‭ ‬ولذلك‭ ‬أتحدث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬لغة.‭ ‬لكن‭ ‬الصينية‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬عقلى‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬حاليًا‭ ‬كلغتى‭ ‬الأم،‭ ‬لأنى‭ ‬أتعامل‭ ‬معها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬بحكم‭ ‬عملى‭ ‬فى‭ ‬تدريسها‭ ‬باليونان‭. ‬


وما‭ ‬الذى‭ ‬يمنعك‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬لتلك‭ ‬الحياة‭ ‬النموذجية؟
الالتزامات‭.‬ لابد‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭.‬ لا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬حياتى‭ ‬ككاتب‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬وتحقق‭ ‬لى‭ ‬الاستقرار،‭ ‬لكن‭ ‬السوق‭ ‬فى‭ ‬اليونان‭ ‬عمومًا‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬هذه‭ ‬الرفاهية‭.‬
بالرغم من  ‬تعدد‭ ‬اللغات‭ ‬التى‭ ‬تتحدث‭ ‬بها،‭ ‬إلا‭ ‬أنك‭ ‬تحرص‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬الحديث‭ ‬باليونانية‭ ‬فى‭ ‬أغلب‭ ‬الأوقات،‭ ‬لا‭ ‬الإنجليزية‭ ‬–‭ ‬مثلًا‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الكثيرون‭.‬
لأننى‭ ‬أمثِّل‭ ‬اللغة‭ ‬اليونانية‭ ‬وأعتّز‭ ‬بها‭ ‬كثيرًا‭.‬ لا‭ ‬أدّعى‭ ‬أننى‭ ‬أمثِّل‭ ‬اليونان‭ ‬كدولة،‭ ‬ولا‭ ‬أحبذ‭ ‬فكرة‭ ‬الكتابة‭ ‬بأسماء‭ ‬الدول‭.‬ اللغة‭ ‬هى‭ ‬الأداة‭ ‬التى‭ ‬أعبِّر‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬أفكارى‭ ‬ونفسى،‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬البُعد‭ ‬أو‭ ‬التواصل‭ ‬الإنسانى‭.‬ ذلك‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬والغاية،‭ ‬لا‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬المكان‭ .‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬اليونانية‭ ‬لغة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وإحدى‭ ‬أهم‭ ‬اللغات‭ ‬فى‭ ‬العالم‭.‬

 


يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة‭ ‬قد‭ ‬أضرّ‭ ‬بالبلدان‭ ‬ذات‭ ‬الحضارة‭ ‬العريقة،‭ ‬واليونان‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭.‬ ما‭ ‬رأيك؟
الأمر‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬والزاوية‭ ‬التى‭ ‬نراه‭ ‬منها‭.‬ أنا‭ ‬أختار‭ ‬أن‭ ‬أنظر‭ ‬له‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابى؛‭ ‬لو‭ ‬فعلنا‭ ‬ذلك‭ ‬سنجد‭ ‬له‭ ‬مميزات‭ ‬كثيرة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يقودنا‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬إلى‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬نصر‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تقارب‭ ‬العالم‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬جعلنا‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬معالم‭ ‬وأماكن‭ ‬وبلاد‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعرفها،‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وليتوانيا‭ ‬وغيرهما‭.‬


رغم‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنك‭ ‬شخص‭ ‬مولع‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬وتطوراتها‭. ‬أليس‭ ‬كذلك؟
بلى‭.‬ ولذلك‭ ‬تجدين‭ ‬جميع‭ ‬أبطال‭ ‬رواياتى‭ ‬لا‭ ‬يتعاطون‭ ‬مع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬بأى‭ ‬شكل،‭ ‬لا‭ ‬هاتف‭ ‬ولا‭ ‬حاسب‭ ‬آلى‭.‬ لا‭ ‬يعنى هذا ‬أننى‭ ‬أكره‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬أو ‭‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬،‭ ‬فأنا‭ ‬أملك‭ ‬صفحة‭ ‬على ‭‬‮«‬فيسبوك‮» ‬‭‬وأتواصل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬جدًا‭ ‬مع‭ ‬القراء،‭ ‬لكنه‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعى‭ ‬لغرض‭ ‬معيّن‭. ‬


لا‭ ‬أريد‭ ‬تضخيم‭ ‬فكرة‭ ‬خطر‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل،‭ ‬لكنها‭ ‬بالفعل‭ ‬تجعلنا‭ ‬نعيش‭ ‬الوهم؛‭ ‬فحين‭ ‬نخلد‭ ‬للنوم‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم‭ ‬تكون‭ ‬محصلة‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬مجموعة‭ ‬إعجابات‭ ‬وتعليقات،‭ ‬بينما‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬بجانبهم‭ ‬فعليًا‭ ‬ولم‭ ‬يحدث‭ ‬تواصل‭ ‬حقيقى‭.‬ لذا‭ ‬لا‭ ‬أحبذ‭ ‬استخدامها‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وإنما‭ ‬لأغراض‭ ‬محددة‭ ‬تفرضها‭ ‬الظروف،‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬كورونا؛‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬حتميًا‭.‬


لم‭ ‬يصدر‭ ‬لك‭ ‬أى‭ ‬أعمال‭ ‬منذ‭ ‬انتشر‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ .‬هل‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أنك‭ ‬ممن‭ ‬تأثروا‭ ‬سلبيًا‭ ‬بالأمر؟
بالطبع‭ ‬تأثرت‭ ‬بالسلب‭.‬ خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الوضع‭ ‬كان‭ ‬غريبًا‭ ‬بعض‭ ‬الشىء‭ ‬بسبب‭ ‬الحظر‭.‬ فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأولى‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مرحًا‭ ‬والانطباع‭ ‬السائد‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يطول‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬شهور،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬سوء‭ ‬الأوضاع‭ ‬والموجة‭ ‬الثانية‭ ‬أصبح‭ ‬مخيفًا‭ ‬وسلبيًا‭.‬ لكننى‭ ‬لم‭ ‬أنقطع‭ ‬عن‭ ‬الكتابة،‭ ‬لأن‭ ‬نظام‭ ‬يومى‭ ‬لم‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرًا،‭ ‬فأنا‭ ‬أميل‭ ‬للعزلة‭ ‬وأحتاجها،‭ ‬وبشكل‭ ‬تلقائى‭ ‬أكتب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬


هل‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬لديك‭ ‬نصًا‭ ‬قد‭ ‬يصدر‭ ‬قريبًا؟
نعم‭.‬ ستصدر‭ ‬روايتى‭ ‬الجديدة ‭‬‮«‬نصف‭ ‬قلب‮» ‬‭‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭. ‬


هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخبرنى‭ ‬عنها‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل؟
تحكى‭ ‬قصة‭ ‬أسرة؛‭ ‬رجل‭ ‬وامرأة‭ ‬وابن،‭ ‬يعيشون‭ ‬حياة‭ ‬رتيبة‭ ‬جدًا،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬تعيسة‭.‬ تكمن‭ ‬أزمة‭ ‬الحكاية‭ ‬فى‭ ‬الزوج‭ ‬وماضيه‭ ‬المختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬حاضره،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬منشغلًا‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬بالرسم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬درس‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة،‭ ‬وخاض‭ ‬علاقة‭ ‬عشق‭ ‬قوية‭ ‬جدًا‭ ‬مع‭ ‬فتاة‭.‬ كانت‭ ‬حياته‭ ‬كلها‭ ‬سفر‭ ‬وحُب‭ ‬ورسم،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬تبدَّل‭ ‬بعدما‭ ‬تخلت‭ ‬عنه‭ ‬حبيبته،‭ ‬فانقطع‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعل‭ ‬ونسى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬ولجأ‭ ‬لهذه‭ ‬الحياة‭ ‬المملة‭ ‬تمامًا‭.‬


فى‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭ ‬يتصل‭ ‬به‭ ‬صديق‭ ‬ويطلب‭ ‬منه‭ ‬المجىء‭ ‬ليريه‭ ‬شيئًا،‭ ‬فيمرّ‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام،‭ ‬ويفاجأ‭ ‬به‭ ‬يعرض‭ ‬عليه‭ ‬صورًا.‭ ‬أثناء‭ ‬التنقل‭ ‬بينها‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬منها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭.‬ يبدأ‭ ‬فى‭ ‬التردد‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬الموجود‭ ‬بالصور‭ ‬ليتعرف‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬المماثِل‭ ‬له،‭ ‬يذهب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬يجده‭ ‬أمامه،‭ ‬يمسك‭ ‬به‭ ‬ليعرف‭ ‬من‭ ‬هو،‭ ‬فيجيبه ‭‬‮«‬أنا‭ ‬أنت‭.‬ فقط‭ ‬أستكمل‭ ‬حياتك‭ ‬التى‭ ‬تخليتَ‭ ‬عنها‭.‬ أعمل‭ ‬فى‭ ‬الرسم‭ ‬وأنظّم‭ ‬معارض‭ ‬للوحاتى،‭ ‬وأعيش‭ ‬حياة‭ ‬سعيدة‭ ‬مع‭ ‬الفتاة‭ ‬التى‭ ‬عشقتها،‭ ‬وأحقق‭ ‬كل‭ ‬أحلامى‭ ‬وطموحاتى‭ ‬التى‭ ‬خططتُ‭ ‬لها».‬


هل‭ ‬تقصد‭ ‬أنك‭ ‬اعتمدت‭ ‬فى‭ ‬روايتك‭ ‬على‭ ‬كلمة ‭ ‬‮«‬لو‮» ‬‭ ‬وانتصرتَ‭ ‬للاختيارات‭ ‬المتروكة‭ ‬فى‭ ‬الحياة؟
هذا‭ ‬بالضبط‭ ‬نواة‭ ‬الرواية‭. ‬وقد‭ ‬أوحت‭ ‬لى‭ ‬بفكرتها؛‭ ‬لقاءاتى‭ ‬مع‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬بلغوا‭ ‬نهاية‭ ‬مشوارهم‭ ‬وهم‭ ‬يقولون ‭‬‮«‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬لو‭ ‬فعلت‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬وكذا....».


لماذا‭ ‬أغلب‭ ‬أبطالك‭ ‬ممن‭ ‬يعانون‭ ‬يكونون‭ ‬أغنياء،‭ ‬وكأن‭ ‬الثراء‭ ‬أحد‭ ‬مسببات‭ ‬الاكتئاب‭ ‬والوحدة؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬تعبيرًا‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬موقفك‭ ‬من‭ ‬الرأسمالية؟
هذا‭ ‬ليس‭ ‬بعيدًا‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬أفكارى‭.‬ لكن‭ ‬أبطالى‭ ‬عمومًا‭ ‬إما‭ ‬أثرياء‭ ‬يملكون‭ ‬أموالًا‭ ‬كثيرة‭ ‬جدًا‭ ‬أو‭ ‬معدَمين‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬شيئًا‭.‬ وبالتالى‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يقصد‭ ‬تحديدًا‭ ‬الرأسمالية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستغلال‭ ‬الإنسان‭ ‬للآخر‭ ‬عندما‭ ‬يمتلك‭ ‬سُلطة‭.‬ ففى‭ ‬روايتى‭ ‬الأخيرة ‭‬‮«‬معجزة‭ ‬التنفس‮» ‬‭‬البطل‭ ‬يحاول‭ ‬فرض‭ ‬سُلطته‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬واستغلالهم،‭ ‬ليس‭ ‬شرطًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المتحكم‭ ‬هو‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬العلاقات‭ ‬الشخصية‭ ‬أيضًا،‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬جلادًا‭ ‬ويمارس‭ ‬قسوة‭ ‬على‭ ‬الآخر‭.‬

هؤلاء‭ ‬البشر‭ ‬هم‭ ‬أحد‭ ‬خطرين‭ ‬يواجههما‭ ‬شخصيات‭ ‬رواياتك‭ ‬دائمًا،‭ ‬والآخر‭ ‬هو‭ ‬خطر‭ ‬الطبيعة‭ .‬أيهما‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬فى‭ ‬رأيك؟
هذا‭ ‬صحيح‭ ‬تمامًا‭.‬ لكن‭ ‬الخطر‭ ‬الإنسانى‭ ‬ليس‭ ‬كبيرًا‭ ‬لأن‭ ‬شخصياتى‭ ‬تشبه‭ ‬الأطفال‭ ‬بشكل‭ ‬ما،‭ ‬وإنما‭ ‬الذات‭ ‬هى‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭.   ‬فبطل‭ ‬روايتى‭ ‬الأخيرة‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬قُلت‭ ‬–‭ ‬يمارس‭ ‬سُلطة‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬لكن‭ ‬أساس‭ ‬الخطر‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬داخله‭.‬ أبطالى‭ ‬غالبًا‭ ‬يكونون‭ ‬متورطين‭ ‬فى‭ ‬ذواتهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير؛‭ ‬يضطرهم‭ ‬المجتمع‭ ‬وما‭ ‬يتعرضون‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أذى،‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬لذواتهم‭ ‬والغوص‭ ‬فيها،‭ ‬فلا‭ ‬يستطيعون‭ ‬الصعود‭ ‬مجددًا‭.‬


إلى‭ ‬جانب‭ ‬معاناة‭ ‬أبطالك‭ ‬من‭ ‬الوحدة؛‭ ‬يبدو‭ ‬غياب‭ ‬المرأة‭ ‬سمة‭ ‬أخرى‭ ‬لرواياتك،‭ ‬أو‭ ‬لنقُل‭ ‬تهميشها‭ . ‬لماذا؟
الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬المهمَّشة، بل ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬الهامش،‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬البطل‭ ‬نفسه‭. ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بجنس‭ ‬الشخصيات،‭ ‬وإنما‭ ‬بالعالم‭ ‬الداخلى‭ ‬للفرد‭ ‬وتعاطيه‭ ‬مع‭ ‬ذاته‭.‬ هناك‭ ‬كُتَّاب‭ ‬تشعرين‭ ‬بذكوريتهم‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬الأولى‭ ‬للعمل،‭ ‬وكذلك‭ ‬كاتبات‭ ‬تفوح‭ ‬أعمالهم‭ ‬بعطر‭ ‬الأنثوية‭ ‬بمجرد‭ ‬فتحها‭ .‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يشغلنى،‭ ‬لأن‭ ‬هموم‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسها‭ ‬للجنسين‭.‬ ما‭ ‬يشغلنى‭ ‬هو‭ ‬الورطة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لأنها‭ ‬تمسنا‭ ‬جميعًا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التساؤلات‭ ‬الكثيرة‭ ‬التى‭ ‬يطرحها‭ ‬الأبطال‭.‬


اهتمامك‭ ‬بالذات‭ ‬البشرية‭ ‬يوحى‭ ‬بأنك‭ ‬قارئ‭ ‬نهم‭ ‬فى‭ ‬علم‭ ‬النفس،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬صحيح؟
ليس‭ ‬كثيرًا،‭ ‬فقراءاتى‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬الأدب،‭ ‬والروايات بصفة ‬خاصة،‭ ‬فيما‭ ‬عدا‭ ‬التاريخية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬منها‭ ‬أعمالا‭ ‬عظيمة،‭ ‬لكنى‭ ‬لا‭ ‬أميل‭ ‬إليها‭.‬


إلام‭ ‬تميل‭ ‬إذن؟
إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬الروسية،‭ ‬وكتابات‭ ‬وسط‭ ‬أوروبا،‭ ‬والشِعر‭.‬ فقد‭ ‬بدأتُ‭ ‬منذ‭ ‬صغرى‭ ‬القراءة‭ ‬–‭ ‬كالغالبية‭ ‬–‭ ‬للكُتّاب‭ ‬الكبار‭ ‬مثل‭ ‬كافكا‭ ‬وتشيكوف‭ ‬وغيرهما،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬السنوات‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لدىّ‭ ‬كاتب‭ ‬مفضل،‭ ‬وإنما‭ ‬كُتب‭ ‬مفضلة،‭ ‬لأن‭ ‬المنتج‭ ‬الكامل‭ ‬لأى‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يعجبنا‭ ‬كله‭.‬


فى‭ ‬عملك‭ ‬المترجم‭ ‬الأول‭ ‬للعربية؛‭ ‬لماذا‭ ‬اخترت‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‭ ‬لا‭ ‬فرانك‭ ‬سيناترا‭ ‬مثلًا‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬موسيقية‭ ‬من‭ ‬مشاهير‭ ‬اليونان‭ ‬الكثيرين؟
لأنه‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‭.‬ شخصية‭ ‬عالمية‭ ‬ومحبوبة،‭ ‬وبالتالى‭ ‬ستكون‭ ‬لافتة‭ ‬للنظر‭ ‬عند‭ ‬ظهورها‭ ‬فى‭ ‬الرواية‭.‬


لكن‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬اختياره،‭ ‬بل‭ ‬–‭ ‬أيضًا‭ ‬–‭ ‬الطريقة‭ ‬التى‭ ‬انتحر‭ ‬بها‭ ‬بطل‭ ‬الرواية،‭ ‬هى‭ ‬نفسها‭ ‬التى‭ ‬أثيرت‭ ‬فى‭ ‬واقعة‭ ‬وفاة‭ ‬مايكل‭ ‬جاكسون‭ ‬وجعلت‭ ‬البعض‭ ‬يرجِّح‭ ‬انتحاره،‭ ‬وكأنك‭ ‬تنتصر‭ ‬لتلك‭ ‬الرؤية‭ .‬هل‭ ‬هذه‭ ‬صُدفة؟‭ ‬
لم‭ ‬أنتبه‭ ‬أبدًا‭ ‬لذلك‭.‬ حقًا‭.‬ هذه‭ ‬قراءة‭ ‬مفاجِئة‭ ‬لى‭.‬ كما‭ ‬أن‭ ‬الانتحار‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬يتبعها‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬10‭ ‬منتحرين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬


هل‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أنك‭ ‬تترك‭ ‬قلمك‭ ‬للخيال‭ ‬تمامًا ولا تحرص على ‬البحث‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬رواياتك؟
يمكن‭ ‬قول‭ ‬ذلك،‭ ‬فطبيعتى‭ ‬تنجذب‭ ‬إلى‭ ‬الخيال‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬بالطبع،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أنتبه‭.‬ عندما‭ ‬أشرع‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭ ‬لا‭ ‬أفكر‭ ‬أو‭ ‬أنشغل‭ ‬بشىء‭ ‬آخر‭.‬ دعينى‭ ‬أقص‭ ‬عليكِ‭ ‬موقفًا‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات؛‭ ‬كنتُ‭ ‬مدعوًا‭ ‬لمؤتمر‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬4‭ ‬كُتَّاب‭ ‬آخرين،‭ ‬محوره‭ ‬الرئيسى‭ ‬هو‭ ‬القصة‭ ‬المتخيلة،‭ ‬كنت‭ ‬أتساءل‭ ‬حينها ‭‬‮«‬لماذا‭ ‬أنا‭ ‬هنا؟‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬النقاش‭ ‬حول‭ ‬الخيال‭ ‬الجامح‭ ‬والأساطير‭ ‬الخرافية‭ ‬وقصص‭ ‬الرعب،‭ ‬مثل‭ ‬آلان‭ ‬بو‭ ‬وما‭ ‬يشبه‭ ‬ذلك‭.‬ كان‭ ‬شرفًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لى‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد،‭ ‬لكنى‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬أننى‭ ‬أنتمى‭ ‬لذلك،‭ ‬وظل‭ ‬لسان‭ ‬حالى‭ ‬يقول ‭‬‮«‬هل‭ ‬هذه‭ ‬نظرتكم‭ ‬لى‭ ‬حقًا؟!». ‬فأنا‭ ‬مقتنع‭ ‬بأن‭ ‬الأدب‭ ‬عمومًا‭ ‬كله‭ ‬متخيَّل،‭ ‬حتى‭ ‬الكتابة‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬بها‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاختلاق‭ ‬والتخيل‭.‬


نِلت‭ ‬جوائز‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬اليونان‭ ‬وترشَحت‭ ‬لأخرى‭ ‬خارجها‭.‬ ما‭ ‬الذى‭ ‬تمثله‭ ‬لك؟‭ ‬
فى‭ ‬رأيى؛‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تكريم‭ ‬الأدب‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬ ورغم‭ ‬أننى‭ ‬حصلتُ‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬فى‭ ‬اليونان،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أقل‭ ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬الجوائز‭ ‬التى‭ ‬تمنحها،‭ ‬18‭ ‬جائزة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بإسبانيا‭ ‬مثلًا‭ ‬التى‭ ‬تمنح‭ ‬370‭ ‬جائزة‭ ‬أدبية،‭ ‬أو‭ ‬البلقان،‭ ‬وغيرهما‭. ‬


وبشكل‭ ‬شخصى؛‭ ‬الأثر‭ ‬الأكبر‭ ‬لجوائزى‭ ‬يكون‭ ‬معنويًا،‭ ‬وعندما‭ ‬أترشح‭ ‬لجائزة‭ ‬كبيرة‭ ‬خارج‭ ‬اليونان،‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬أو‭ ‬إسبانيا‭ ‬أو‭ ‬غيرهما،‭ ‬أشعر‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الحماس‭.‬ لكن‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬المادى‭ ‬كذلك،‭ ‬نحن‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬له،‭ ‬لأن‭ ‬المعنوى‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفى‭ ‬لاستكمال‭ ‬المسيرة‭.‬


لو‭ ‬تطرقنا‭ ‬بحديثنا‭ ‬إلى‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل؛‭ ‬لماذا‭ ‬–‭ ‬فى‭ ‬رأيك‭ ‬–‭ ‬لم‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬اليونان‭ ‬فى‭ ‬الأدب‭ ‬سوى‭ ‬مرتين،‭ ‬آخِرهما‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬عامًا؟
هناك‭ ‬إجابتان؛‭ ‬الأولى‭ ‬تقليدية،‭ ‬بأن‭ ‬نوبل‭ ‬موجَّهة‭ ‬وتتحكم‭ ‬فيها‭ ‬السياسة‭ .‬أما‭ ‬الثانية‭ ‬فهى‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬لأنفسنا‭ ‬فى‭ ‬المرآة‭ ‬قليلًا‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬الكبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬المستحِّقة‭ ‬لنوبل‭.‬ اليونان‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬تراث‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬الرواية،‭ ‬بل‭ ‬أغلبه‭ ‬فى‭ ‬الشعر،‭ ‬ولذلك‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬الجائزتين‭ ‬شعراء‭.‬


أيعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تتوقع‭ ‬فوز‭ ‬اليونان‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬فى‭ ‬الأدب‭ ‬قريبًا؟
لا‭ ‬أتوقع‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭.‬ ربما‭ ‬فى‭ ‬المستقبل،‭ ‬لأن‭ ‬حركة‭ ‬الكتابة‭ ‬الآن‭ ‬صارت‭ ‬قوية،‭ ‬والرواية‭ ‬تطورت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬


هل‭ ‬تقرأ‭ ‬لكتَّاب‭ ‬عرب؟
قرأتُ‭ ‬بالطبع‭ ‬بعض‭ ‬أعمال‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬وما‭ ‬تترجمه‭ ‬بيرسا‭ ‬كوموتسى‭ ‬لليونانية‭.‬ لكننى‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬الجيل‭ ‬المعاصر‭ ‬لى،‭ ‬وهذا‭ ‬للأسف‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬


ما‭ ‬الانطباع‭ ‬الذى‭ ‬تركته‭ ‬لك‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬زياراتك‭ ‬لها؟
كل‭ ‬شىء‭ ‬ترك‭ ‬فىّ‭ ‬أثرًا‭ ‬كبيرًا‭.‬التجربة‭ ‬بأكملها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مُتوقَعة‭ ‬والمفاجآت‭ ‬كلها‭ ‬سعيدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى،‭ ‬إذ‭ ‬كوَّنتُ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصداقات‭ ‬وقابلتُ‭ ‬شخصيات‭ ‬مثيرة‭ ‬جدًا‭ ‬وزُرت‭ ‬أماكن‭ ‬جميلة‭.‬ لذلك‭ ‬لن‭ ‬أقل‭ ‬وداعًا‭ ‬وإنما‭ ‬إلى‭ ‬اللقاء‭.‬

اقرأ ايضا | «‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬وأتعلّم‭ ‬لُغات‮» . ‬‭‬تلك‭ ‬هى‭ ‬الحياة‭ ‬المثالية‭ ‬التى‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬يعيشها‭ ‬الكاتب‭ ‬اليونانى‭ ‬ديميتريس‭ ‬سوتاكيس،‭ ‬ويسعى‭ ‬إليها‭.‬