وجع قلب

المدن الجديدة وتحولاتها

هبة عمر
هبة عمر

منذ بدأت فكرة إنشاء المدن الجديدة على يدى المهندس حسب الله الكفراوى وزير التعمير فى عهد الرئيس أنور السادات، كان الهدف منها واضحا لتوسيع مساحة العمران وتقليل الكثافة السكانية المتزايدة فى المدن القديمة، وفتح المجال لتخطيط سليم ومدروس يراعى الاحتياجات الإنسانية للبشر ويوظف هوية كل مدينة بما يناسب موقعها وإمكانياتها الجغرافية، وبما يبعدها عن تكرار نفس المشكلات التى تعانى منها المدن القائمة، ولكن بعد مرور أكثر من أربعين عاما على بدء هذه التجربة الرائدة والتى نجحت إلى حد كبير فى معالجة مشكلات الإسكان المتراكمة حينها، وفى خلق مدن صناعية ناجحة، بدأ التحول بالتدريج إلى نموذج المدن القديمة التى تراكمت مشكلاتها حتى أصبح إيجاد حل لها صعبا ومكلفا.


ويحدد المختصون فى التخطيط العمرانى بعض أسباب فقد الهوية العمرانية للمدن فى كثرة المخالفات والتعديات وتعقيد أنظمة البناء، وعدم تخصص اصحاب القرار، وانعدام المشاركة المجتمعية والاعتماد على التخطيط للانسان أولاً وليس للمكان والموارد، إلى جانب ضعف السيطرة وضعف الضوابط والاشتراطات البنائية، وعدم وجود مخططات تفصيلية أو تجاهل وجودها، وعدم وجود صبغة قانونية ملزمة للمخططات العمرانية.


المشاهد على أرض الواقع لما يحدث فى بعض المدن الجديدة من تجاوزات للتخطيط المسبق قد يتلقى ردودا غير مقنعة من المسئولين، إذ يرى بعضهم أن زرع أكشاك وعربات لبيع كل شىء على الأرصفة وفى الشوارع والميادين وأماكن انتظار السيارات لا يضير أحداً، وأن تكاثر الحفر والمطبات والبالوعات المفتوحة فى الشوارع الرئيسية والفرعية أمر عادى، وأن تغيير مسارات الشوارع كل حين دون إعلان، وإغلاق بعضها لحساب المولات والمراكز التجارية ضرورة تفرضها الظروف، وأن نقص المساحات الخضراء والحدائق والمناطق الصالحة للمشى والفراغات التى تسمح للمدينة وسكانها بالتنفس لا يعيب المدينة، أما وجود مكتبة عامة أو مراكز ثقافية، فهو مطلب قد يراه البعض خياليا ومضيعة لقيمة الأرض الثمينة.