فى الصميم

من يملك إيقاف الحرب؟!

جلال عارف
جلال عارف

قبل أن يبدأ الاجتياح العسكرى الروسى لأوكرانيا، وبينما كانت الدبلوماسية مازالت تحاول إبعاد شبح الحرب.. كان الرئيس الروسى يؤكد أن الولايات المتحدة هى التى تريد استدراج روسيا إلى حرب لا تريدها. وأن كل ما تريده روسيا هو ضمان أمنها.


 الآن.. وبعد أن أخفقت الجهود الدبلوماسية فى منع الحرب، وأصبحت القوات الروسية على مشارف العاصمة «كييف» وردود الفعل المتصاعدة من الغرب، وتزايد المخاطر من توسيع الحرب،..، يصبح السؤال هو: أين هى النقطة التى تتوقف عندها موسكو حتى لا تحقق ما قال بوتين نفسه إن أمريكا تسعى له، وهو استدراج روسيا لما لا تريده وهو الحرب الطويلة التى لا تتحمل تكلفتها البشرية والمادية؟!


 من قبل بداية المعارك كان واضحاً فارق القوة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا خاصة مع إعلان أمريكا ودول الغرب أنها لن تتدخل عسكرياً وستكتفى بإرسال الأسلحة وبالعقوبات الاقتصادية الرادعة. واضح أن الأهداف من الضربات الأولى كانت محددة بدقة.. السيطرة على شرق أوكرانيا وضرب البنية العسكرية الأوكرانية تمت بسرعة. ماذا بعد ذلك؟.. هل المضى قدماً واحتلال كل أوكرانيا وإسقاط العاصمة واستبدال النظام.. أم الاكتفاء بما تم والعودة للتفاوض حول التسويات المطلوبة من موقع تراه روسياً أفضل بعد استعراض القوة الذى وصل إلى استنفار القوى النووية.. فى رسالة ليست موجهة بالطبع لأوكرانيا، وإنما للأطراف الحقيقية فى الصراع مع روسيا وهى الولايات المتحدة وأوروبا التى كانت تمضى نحو التشدد فى مواقفها من فرض المزيد من العقوبات على روسيا.. وإرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا؟!


 طريق الخروج من الأزمة الحالية صعب على كل الأطراف ، لكن البديل عنه هو السير نحو الكارثة. بدء المباحثات بين روسيا وأوكرانيا لن يحل المشكلة، لكنه سيوقف شلال الدم ووقف الانجرار نحو الأسوأ إذا توافرت الجدية والإرادة لذلك. روسيا تعرف أن التفاوض الحقيقى هو مع أطراف الأزمة (أوروبا وأمريكا) وهو تفاوض لم يتوقف حتى مع كل التطورات التى نتجت عن الاجتياح العسكرى الروسى وردود الفعل عليه.
 أمريكا أعلنت أن قنوات الاتصال والتفاوض لم تغلق. وفرنسا تقود الحركة الأوروبية للخروج من الأزمة. والصين (الحليف الرئيسى لروسيا) تساعد فى هذا الاتجاه، وكانت رسالتها واضحة حين امتنعت عن التصويت فى مجلس الأمن لتحتفظ بمساحة للتحرك نحو الحل الذى يمثل مصلحة أساسية لها، وفرصة لتعظيم نفوذها السياسى بعد النفوذ الاقتصادى.


 الاتفاق على وقف سريع لإطلاق النار ـ إذا تم ـ سيكون نقطة انطلاق نحو الحل. التفاوض الحقيقى هو بين روسيا والغرب. وأساس الحل هو الالتزام المتبادل بضمان أمن الجميع. درس أوكرانيا قد يقنع الجميع بأنه لا بديل عن ذلك.