يفند فيه منظمات التمويل الأجنبي..

النحاس يفتح الملف الشائك في كتابه الجديد «المنظمات غير الحكومية.. وأسئلة غير مشروعة»  

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

النحاس : موجة فوران «الربيع العربي» كانت تهدف إلى تغيير الهوية والأيدلوجية المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة

رحلة ثقافية قانونية واجتماعية شيقة، وموسوعة جديدة للعمل الاجتماعي والأهلي من خلال المنظمات غير الحكومية في العالم وفي مصر، يصحبنا فيها الدكتور محمد النحاس من خلال كتابه الجديد «المنظمات غير الحكومية.. والأسئلة المشروعة» نستطلع فيها مفاهيم قد تكون غير معروفة لدى الكثير من المواطنين المصريين، ليبدأ الرحلة بدءا من حدث فارق في تاريخ الأمة العربية الحديث، وهى ثورات «الربيع العربي», فترة عصيبة عصفت بكل الدول العربية، أدت إلى تغيير في أنظمة الحكم، وتبعها أحداث جسام ولم تهدأ موجة فوران الربيع العربي التي كانت تهدف إلى تغيير الهوية والأيدلوجية المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، وتفاعلت مع هذه الأحداث «المنظمات غير الحكومية» كما أطلق عليها العديد من وسائل الإعلام المختلفة «دكاكين حقوق الإنسان» التي كانت تسعى في الأساس لدعم جهود الإصلاح بالمجتمع، ونتيجة لاستغلال بعض هذه المنظمات التي مرت بها البلاد، لتحقيق مآرب آخري تحولت إلى متهم رئيسي لتحقيق أهداف غير وطنية، والمشاركة على إثارة الأحداث وزعزعة الاستقرار في البلاد.
يجيب الدكتور محمد النحاس من خلال كتابه عن كل الأسئلة الشائكة التى كانت مثار جدل كبير خلال العقد الماضى ، من عمر الوطن، موضحا بالشرح والأمثلة منظمات العمل الاجتماعي، ودورها في المجتمع وتاريخها، حتى تخرج من معية الكتاب ملما بكل تفاصيل ودور هده المنظمات مفرقا بين المنظمات الوطنية التى تهدف للتكامل مع الحكومات، وبين المنظمات الأخرى التى لها مآرب أخرى ومخططات خارجية تسعى لتنفيذها في مصر..
الدكتور محمد النحاس من مواليد 1973 حاصل على ليسانس الحقوق 1994، حاصل على ماجستير عام 2006 في إدارة الأزمات، وحاصل على الدكتوراه عام 2020 عن المنظمات غير الحكومية، وعلاقتها بجهاز الشرطة وله أوراق بحثية في تأصيل الفكر المتطرف واستغلاله في الصراعات السياسية عبر التاريخ الإسلامي، حاصل على دورات تدريبية في مجال الإدارة والقيادة للمستويات الوسطى والعليا ، وعضو في العديد من الدورات التدريبية من الدول الأوروبية والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب كأحدث إصدارتها «المنظمات  غير الحكومية والأسئلة المشروعة" للدكتور محمد النحاس، ضمن إصدارات موسوعة الثقافة القانونية التي يشرف عليها المستشار الدكتور خالد القاضي. 
ويأتي هذا الكتاب استجابة فورية لإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أن عام  2022 سيكون عامًا للمجتمع المدني، ومن ثم بادرت هيئة الكتاب بإصدار هذا الكتاب المهم في توقيت مبكر، ليكون مرجعًا علميًا وتطبيقيًا لصانع القرار ومؤسسات الدولة المختلفة خلال الفترة المقبلة.     
يلقي الكتاب الضوء على  أهمية الدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية ومنظومة العمل الأهلي بصفة عامة في المجتمع، فهي تلعب دورًا اجتماعيًّا في غاية الأهمية، تسد به الفجوات بين الخطط الحكومية والمجهود الأهلي الطبيعي للمواطنين، من خلال عمل منضبط منظم اجتماعي علني بدلاً من الجهود الفردية البسيطة.
كما يبين الكتاب جهة أخرى من الأهمية لنشاط تلك المنظمات غير الحكومية، بأن يتم دعم الوعي الحقيقي بالمجتمع عن مخاطر استغلال دور المنظمات غير الحكومية في التغطية على أنشطة غير مشروعة ويعاقب عليها القانون وتضر المجتمع، وأيضًا مواجهة الصورة الذهنية لدور المنظمات.
وأوضح الدكتور محمد النحاس في كتابه، أن المشرع المصري قد حاول في قانون العمل الأهلي أن يعزز الشراكة بين الدولة والقطاع الأهلي، لتسمح لكل منهما بأن يحقق أهدافه في إطار من الشفافية واحترام مبادئ وقيم حقوق الإنسان، بما يعكس التزام الدولة بدعم القطاع الأهلي عبر توفير ضمانات التمتع بالحق في تكوين الجمعيات الأهلية وتعزيز قدراتها التنظيمية والمالية وذلك من جهة، ومن جهة أخرى يسمح للقطاع الأهلي بالعمل في مختلف الأنشطة، بجانب منحه العديد من المزايا والإعفاءات التي تمكنه من القيام بدوره لتحقيق أهدافه.
وأكد المؤلف في الكتاب الجديد أن القانون الجديد يعكس ترحيب الدولة المصرية بعمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية على أراضيها، بل ويعطي تسهيلات وضمانات توفر للمنظمات غير الحكومية بيئة مواتية لإنجاز عملها بشكل فعَّال وسريع في إطار من الشفافية، حيث كفل للمواطنين الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية بمجرد الإخطار مع ضمان ممارستها لنشاطها بحرية، وكذا عدم السماح للجهات الإدارية بالتدخل في شئونها أو حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ومنح القانون الفرصة للجميع لتوفيق الأوضاع خلال سنة من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية وفق إجراءات بسيطة.
والأهم خفض القانون المدة اللازمة للحصول على موافقة جهة الإدارة على تلقي الجمعيات الأهلية المنح من المنظمات الأجنبية أو المنظمات العاملة بالخارج من 90 يومًا إلى  60 يومًا، ويعتبر عدم رد جهة الإدارة على الجمعية الأهلية بعد انقضاء تلك المدة بمثابة موافقة، وخلا القانون تمامًا من العقوبات السالبة للحرية، واستعاض بفرض عقوبات مالية (غرامات) على مخالفة أحكامه.
وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهت إليها، فلا يوجد أحد يغفل أهمية الدور الذي تلعبه هذه المنظمات غير الحكومية ومنظومة العمل الأهلي في المجتمع، فدورها في غاية الأهمية لسد الفجوات بين الخطط الحكومية والمجهود الأهلي الطبيعي للمواطنين، من خلال عمل منضبط منظم علني.
وقد حذر المؤلف في مقدمة كتابه من استغلال دور المنظمات غير الحكومية للتغطية على أنشطة غير مشروعة، ويعاقب عليها القانون وتضر بالمجتمع وتمس الأمن القومي المصري.
ويسرد لنا الدكتور النحاس فكرة إنشاء العمل بالمنظمات غير الحكومية وتاريخها، والتي أرجعها لعهد الخليفة عمر بن الخطاب، من خلال إنشاء الوقف الإسلامي والتي نقلها عنه الغرب، بعد سقوط الدولة العثمانية ليحل محلها مفهوم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، لتنتشر في الدول الأوروبية ومنها إلى الولايات الأمريكية خاصة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية لتأمين المساعدات للشعوب الأوربية، ثم قسم عصور إنشاء هذه المنظمات وفقا للعصور المتتالية، لتحتل مكانتها في المجتمعات في مختلف دول العالم.
وقسم المؤلف المنظمات إلى حكومية وغير حكومية، ودولية وإقليمية، متخصصة وعامة.. إلى أن تبنت الأمم المتحدة مفهوم المنظمات غير الحكومية ووضعت لها المعايير التي يجب أن تتوافر فيها, والأغراض التي أنشئت من أجلها، والأهداف التي تسعى لتحقيقها، وكذلك الوظائف التي تعمل على تحقيقها سواء كانت خدمية أو معيارية أو إعلامية أو للمحافظة على قيم معينة، كما قسم المنظمات غير الحكومية إلى تنموية ودفاعية، موضحا معانيها وأهميتها للعمل المدنى على مستوى العالم..
ويسرد لنا المؤلف كيفية ممارسة المنظمات غير الحكومية لأعمالها تحت غطاء الأمم المتحدة، وأنواعها المختلفة وخصائصها، وأهدافها وشروط ممارسة أعمالها وأماكن تواجدها، وهياكلها التنظيمية، وكيفية الحصول على تمويلاتها، ودورها الدفاعي، ساردا بالشرح أهم القضايا التي قامت بمعالجتها في مختلف دول العالم، ضاربا للأمثلة لأهم النجاحات التي حققتها منظمات المجتمع المدني، خلال العقود الماضية، منها مناهضة التعذيب والاختفاء القسري، وحقوق الطفل، .
ثم يتساءل المؤلف عن دور المنظمات غير الحكومية اجتماعيا في المجتمع، ليثير فضول القارئ، ويسترسل في الشرح مبرزا الدور المهم الذي تلعبه في المجتمعات، خاصة الأنشطة المرتبطة بالشباب ودعم الخدمات والمساعدات والرعاية الاجتماعية، ومنها في مصر، التي أسهمت بشكل كبير في تخفيف المعاناة عن العديد من شرائح المجتمع المصري، لبناء مجتمع مدني قوى وراسخ قادر على الإسهام الاقتصادي والتنموي وداعم لعملية التحديث المجتمعي، وأحد روافع بناء الدولة المصرية، شارحا مراحل مراحل المنظمات غير الحكومية في مصر، وأنشطتها الايجابية في مختلف المجالات، التعليم والسكان والصحة والطفل والمرأة والمعاقين والدفاع عن الفلاحين والعمال وأصحاب المعاشات والفقراء والسكن والأقليات والحوار بين الأديان، وأدوارها في المجتمع المصري.
ثم يتعرض المؤلف للسؤال الصعب «لماذا تعد مسألة التمويل من أهم المآخذ على عمل المنظمات غير الحكومية؟»، ساردا مصادر التمويل إلى ذاتية وحكومية وأجنبية ، حيث تعد قضية التمويل الأجنبي قمة سنام أزمة المنظمات غير الحكومية خاصة في مجال حقوق الإنسان ، الذي ينعكس لما له من انعكاسات خطيرة على الأمن القومي.والأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية، رصدا بالشرح والتحليل أهم قضايا التمويل الأجنبي في مصر خلال العقد الأخير.
ثم يعرض لنا المؤلف في فصل مستقل العمل التطوعي والخيري ومراحل تطوره في التاريخ المصري، وأهم المنظمات المصرية في العمل المدني، وأهم التشريعات القانونية التي سنها البرلمان للعمل المدني في مصر، ومصادر تمويلها وقواعد التمويل الأجنبي.
وفي النهاية يسرد لنا على سبيل الحصر في جدول منفصل أهم المنظمات الأجنبية غير الحكومية الصادر لها تصريح عمل من وزارة التضامن الاجتماعي في مصر. 
يعد الإصدار الجديد للدكتور النحاس بالفعل موسوعة جديدة فى دراسة منظمات العمل الجتماعى والأهلى الغير حكومية ومرجعا هاما للرد على الأسئلة وللتوضيح على ما خفى فى عمل هذه المنظمات داخل الدولة المصرية.
 
اقرأ أيضا | إنطلاق فعاليات «حياة كريمة» الثقافية بقرى كفر الدوار